الأحد 2016/08/28

حرم المقامين… حكاية من بابا عمر إلى داريا

يبدو أن ملاح خريطة حرم المقامين اكتملت وأصبحت حقيقة لا نستطيع إنكارها "من مقام السيدة زينب إلى مقام سكينة في داريا" وربما لن تتوقف عند هذا الحد، فميليشيات القتل الطائفية من لبنان الى العراق وأفغانستان التي حشدت مرتزقتها بكل مسمياتها لحماية المقامات الشيعية، ستحول الجنوب الدمشقي الى "ضاحية جنوبية" سورية، تستنسخ ضاحية بيروت الجنوبية.

ليس من باب التشكيك أو التخوين بل من باب الوقائع، مشروع الضاحية الجنوبية لدمشق تم إكمال ملامحه بمخطط خارجي ودولي وربما بمباركة جهات تحسب نفسها ثورية، هناك في مناطق يلدا وببيلا وبيت سحم تعمل أجندات "حميميم" التي تحسب نفسها على المعارضة وتفكر بالحجر قبل البشر، أما تنظيم الدولة في مدينة الحجر الاسود ومخيم اليرموك الذي قتل ونكل بشرفاء ثورة "الكرامة" وحرر المحرر، ليرسم خلافة تشبه إلى حد كبير خلافة خميني إيران، سيثبت ولاءه للأسد وإيران مرة أخرى ويترك الجنوب الدمشقي كما ترك تدمر وانسحب منها، ليدخلها الاسد ومليشياته فاتحين.

أما الغوطة الشرقية وكل مكوناتها العسكرية والثورية التي لم تستطع نجدة داريا "اخوة الدم" والخروج من دائرة الصراع على مسميات تختصر الثورة بجيش او فيلق، ويوزعون شهادات ثورية كل على مقاسه ومقاس داعمه.

كل هذا يحول ثورة الشعب لثورة مناطقية تحمِّل درعا بمكوناتها الثورية والعسكرية سقوط داريا، وآلاف المقاتلين في الغوطتين الغربية والشرقية تحاصر داريا، وربما تنتظر فتاوى تحمل درعا قبل أبناء دمشق وريفها مسؤوليتها الأخلاقية، وتنسى مقولة يحفظها الصغير قبل الكبير "أنا وأخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب" ومن باب التساؤل أين أخوة الدم أين ابناء دمشق وغوطتها.. أين تجارها المشبعين بمصالحهم.

إشارة لا بد لنا من التوقف عندها مليا؛ فالتغيير الديمغرافي للمنطقة بين داريا والسيدة زينب ترغيبا أو ترهيبا بدا العمل عليه بطرق عدة؛ ففي العام الماضي (2015) وجهت محافظة دمشق إنذارات لإخلاء المنازل الواقعة خلف السفارة الإيرانية، مع تهديد بهدم الأبنية في حال لم يتم إخلاؤها بشكل تام خلال شهرين".

"وتم توزيع حوالي 300 إنذار للمنازل المحاذية لأبنية الفيلات الشرقية المطلة على بساتين المزة من خلف مستشفى الرازي باتجاه المتحلق الجنوبي، ومن جسر مدينة داريا وصولا لرئاسة مجلس الوزراء، ومن بعدها تم توزيع إنذارات إخلاء على 700 عائلة أخرى".

من يعزي ويواسي "داريا" رغم كل صمودها الأسطوري، بشعارات ثورية ستكرر في مدن سورية أخرى، عليه ألا ينسى ويستفيد من تجربة أسدية طائفية طبقت في حمص وكل مدنها" بابا عمر وحمص القديمة الخالدية"، في القلمون "زبداني ومضايا".

ربما لم يعد لعنب داريا طعم وأخوة الدم أصبحت اخوة "مي", فعنبها روي بدماء أبطال لا ينتظرون التزكية أو المواساة، وهناك في البعيد سيتابعون مسيرتهم الجهادية أبطال "عنب البلد" أبطال "أخوة الدم"، سيناريو من الوجع يتكرر بتخاذل وتواطؤ دولي.