الخميس 2019/07/18

حال السوريين على كوكب “القمر”

ما لبث السوريون أن وصلوا في رحلة نزوحهم وهجرتهم القسرية من بلادهم هرباً من موت محتوم على يد بشار الأسد وزبانيته إلى كوكب "القمر"، بعد رحلة طويلة شاقة، دفعوا خلالها ما ملكت أيمانهم من مال، وبذلوا جهداً كبيراً من أجسادهم التي أنهكتها حمم الطائرات المقاتلة.

رحبت بهم مخلوقات لم يألفوها من قبل، وتعامل معهم سكان الكوكب بشكل أخوي، وردّ السوريون "الطِّيب بالطيب"، وشكروا نبل تصرف "القَمَريين" وحسن استقبالهم، وعملوا جاهدين على الاندماج مع سكان القمر، والتعود على عاداتهم وتعلم لغتهم، وعلى انعدام الجاذبية، الذي لم يعيشوه من قبل، كان الفضاء واسعاً، ويثر شهية الحالمين منهم بفعل شيء، بعيداً عن بلاد يحكمها الجلاد وليس فيها أي فضاء للإبداع أو الحلم.

كان "القمَريون" قد زوّدوا السوريين المهاجرين إليهم عند وصولهم بالهواء الذي يكفيهم للتنفس على الكوكب، وكلما نفد الهواء كانوا يعبّئون لهم كميات تمد أعمارهم إلى أجل قريب.

عمل السوريون منذ وصولهم إلى هذا الكوكب على أن يبحثوا وراء تحقيق أحلامهم وتدريس أبنائهم ليصلوا إلى ما كانوا يصبُون إليه، قبل أن تبدأ آلة قتل السوريين عملها في بلاد طالب أهلها فقط بكرامتهم وحريتهم، وحدث أن "تبوّل" أحد ملايين السوريين اللاجئين في القمر على حائط أحد منازل "القمَريين" ظناً منه أن انعدام الجاذبية سينثر "بوله" في الفضاء الواسع، والتقط أحدهم صورةً له أثناء ذلك.

"القمر المقفر" أضحى جنةً ترى فيها المزروعات والأنهار بفضل جهد أهله الذين وصلوا الليل بالنهار كي يصل كوكبهم إلى ذلك، رغم أن المنافسة شديدة بين أثرياء القمر وفقرائه المتربصين لاقتناص أي فرصة كي يقبروا الفقر ولو على حساب من جاؤوا ذات يوم لاجئين يبغون أماناً وفضاء وحلماً، وعملت أذرع بشار الأسد التي وصلت إلى القمر كي تسمم حياة السوريين حتى في الفضاء، وعملت هذه الأذرع على مصافحة فقراء القمر، وأخذت تغذي فكرة الكراهية للثائرين ضد بشار الأسد ذات ربيع بدأ في درعا ولاتزال وروده تزهر اليوم في إدلب وحماة، إلى أن وصلت إلى تلك الأذرع إلى ما أرادته في ظل ضعف الفقراء وحبهم للثراء.

مدن كثيرة على سطح القمر بدأت تبحث عن الثراء من قضية اللاجئين السوريين وذلك من خلال تصدير الأزمة التي تعصف بمدنهم بعد أن تنفّس السوريون كل الأوكسجين الذي خصص لـ"القمريين"، فقط وبدأت بالتسول على أبواب الكواكب الأخرى، ومدنٌ أخرى تعاملت مع نظام الأسد للعمل على إعادة السوريين قسراً إلى حظيرته المدماة، بينما أخذت مدن أخرى من ورقة السوريين كذخيرة أو سلاح لمعاركها الانتخابية، واستخدمت "نقص الأوكسجين" الذي وفق زعمها سبّبه السوريون كذريعة للضغط على الناخبين مرفقة بصورة السوري الذي "تبوّل" ذات يوم على أحد الجدران في المدينة، ووعدت بأنها ستنهي وجود السوريين في تلك المدن.

على سطح القمر ... ورغم انعدام الجاذبية.. جلس سوريٌّ على شاطئ أحد الأنهار يردد بينه وبين نفسه أغنية "يا حيف" وقد أطفأ أنوار النجوم المحيطة به وأخفض صوت روحه كي لا يسمعها جاره "القمري"، بينما كان ذلك الطفل منبطحاً على بطنه وأمامه دفتر الرسم وعلبة الألوان التي قدمتها لها منظمة إغاثية يرسم "سوريا" بلون أحمر مرة وبالأسود تارةً أخرى، ويبكي.. لأن العالم انتزع من علبة ألوانه اللون الأبيض..