الأربعاء 2019/01/30

ترامب يبدأ رحلة البحث عن البغدادي

مع تدني شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عسكرياً بعد قرار الانسحاب من سوريا، والذي يعدُّ نهايةً خيّبت آمال كثير من صقور البنتاغون وأدت لاستقالة وزير الدفاع الأمريكي والمبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق، يحاول ترامب صناعة نصر يرضي غروره أولاً، ويلمّع فيه صورته أمام المجتمع الأمريكي ثانياً، ولو بمسرحية يتم الإعداد لها شرق الفرات بمساحة لا تتجاوز ثمانية كيلومترات تتمثل بإطلاق رحلةٍ للبحث عن البغدادي زعيم تنظيم الدولة.

باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي قال إن من المتوقع أن يخسر تنظيم الدولة آخر أراض يسيطر عليها في سوريا لمصلحة قوات تدعمها الولايات المتحدة خلال أسبوعين، ولعلَّ هذا التصريح يظهر مسألة مهمة جداً، وهي إبطاء العمليات ضد تنظيم الدولة، وإصراره على جعل مسألة القضاء على التنظيم أمراً صعباً، مع أن التحالف الدولي يستطيع السيطرة ما تبقى من مناطق سيطرته في "الباغوز فوقاني" خلال ساعات، ولاسيما مع انهيار من تبقّى من عناصر التنظيم في المنطقة التي تقدر مساحتها بسبعة كيلومترات.

البغدادي موجود في الباغوز

قوات خاصة أمريكية تدخل إلى سوريا بمهمة البحث عن البغدادي وإلقاء القبض عليه حياً

هذه عناوين تسريبات لمصادر في قوات حكومة بغداد، تعكس ما يطبخ في دهاليز البيت الأبيض من إعداد لصفقة قد تنتهي بالقبض على أحد قيادات التنظيم لإظهار إنجاز ترامب مهمة القضاء على تنظيم الدولة، إذ إنَّ الصور الصادمة للفارين من مناطق سيطرة التنظيم والتي عدّها البعض نصراً وإذلالاً لمن عاش مرغماً أو مختاراً في أرض سيطر عليها التنظيم قسراً، هذه الصور عادت وبالاً وعكست قسوة ما فعله التحالف والمليشيات التي يدعمها بالنساء والشيوخ والأطفال الفارين من الباغوز.

أياً كانت المدّة التي حدّدها البنتاغون للقضاء على تنظيم الدولة، فهي قصيرة وسيتكشف بعدها ما إذا كانَ ترامب سيشرب نخب القضاء على تنظيم الدولة، أم إنّه سيواصل حلب أبقار تخاف من هذا "البعبع" الذي ووفق معظم المحللين يتحرك بأمر أيادٍ تديرها الولايات المتحدة.

واشنطن أعلنت أن وزراء خارجية التحالف الدولي المكون من 79 عضوا سيجتمعون في العاصمة الأميركية في السادس من شباط المقبل، لبحث جهود القضاء على تنظيم الدولة، ولبحث المرحلة التالية من الحملة ضد "الإرهاب" في العراق وسوريا، والتي ستركز على ضمان عدم عودة التنظيم للظهور من جديد، من خلال تحقيق الاستقرار والمساعدة الأمنية في العراق وسوريا، من أجل تسهيل العودة الآمنة والطوعية إلى الوطن لأولئك الذين شردهم العنف وفق وزير تصريح لبومبيو وزير الخارجية الأمريكي الذي تناسى آلاف المدنيين الذين قتلتهم مقاتلات تحالفه ومئات آلاف المهجرين والمدن المدمّرة سواء في سوريا أو العراق.

مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية "دان كوتس" قال مؤخراً إن تنظيم الدولة لا يزال يمتلك آلاف المقاتلين، ما يجعله قادرا على تشكيل تهديد قوي في منطقة الشرق الأوسط وغيرها، كما إن له ثمانية فروع وأكثر من اثنتي عشرة شبكة وآلاف المناصرين المنتشرين حول العالم رغم خسائره الجسيمة في القيادات والأراضي، وهذه التصريحات تكشف أن النصر الذي حققه التحالف الدولي وسيجني ثماره دونالد ترامب ليس حقيقياً، أو أنّ هذه التصريحات تدخل في إطار ما تقوم به أمريكا منذ انطلاق معاركها ضد التنظيم منذ أكثر من أربع سنوات، ألا وهو تعزيز الخوف من "بعبع" يدعى تنظيم الدولة.