السبت 2018/01/06

باعوها …. لمن يريد أن يعرف كيف بِيعت جبهات ريفي حماة وإدلب؟؟

باعوها الكلمة الأكثر شيوعا في الأوساط الثورية والإعلامية والمتداولة بشدة بين سيل المتذمرين الذين لا عد لهم ولا حصر ... باعوها لفظ لا يلقي له الإنسان بالا يخذل ويثبط الكثير ممن قرروا حمل السلاح دفاعا عن شرفهم وأرضهم، ويفجع الكثير من الحالمين بثورة بيضاء طاهرة

نريد فقط الحديث بمنطق وعقلانية والخوض بمسلسل الأحداث وتحليل الواقع بموضوعية حتى نعرف كيف بيعت جبهات ريفي حماة وإدلب، بدأت المعارك التي أطلقتها قوات النظام على جبهات ريف حماة قبل ثلاثة أشهر تقريبا بالتزامن مع ظهور مفاجئ وغريب لتنظيم الدولة في المنطقة ومحاولته التقدم على جبهاتها بشكل لا يدع مجالا للشك بتعاون كبير بين الطرفين ونحن نعلم ما معنى أن تكون أمامك جبهتان مفتوحتان مع عدوين شرسين الأول يملك مقاتلين عقائديين منومين مغناطيسيا باعتقادهم أنهم لن يحصلوا على الجنة إلا بقتالك وقتلك وهنا لابد أن نتذكر كيف كلفت حرب هذه الأدوات المغيبة عن الواقع كل من (المليشيات الانفصالية الكردية في الرقة وقوات النظام في دير الزور وريف حمص والحشد الطائفي في العراق) الكثير من القتلى والمصابين والتكاليف المادية بالإضافة إلى الدعم الجوي المفتوح من أقوى دول العالم جويا حتى تمكنوا من قتالهم والتغلب عليهم في المناطق التي ذكرناها سابقا، بينما نجد الفصائل الموجودة في ريف حماة تواجه التنظيم بمعزل عن الإمكانات النارية والمادية التي امتلكتها القوى آنفة الذكر.

كما ذكرنا سابقا بالتزامن مع قتال هذا التنظيم كان هناك عدو آخر لا يقل شراسة ويفوق الجميع دعما وهو قوات النظام المدعومة من طائرات الاحتلال الروسي التي لا تحاول ولا تفكر بالتقدم على جبهة من الجبهات إلا بعد أن تحرق الأخضر واليابس فالفصائل هنا عمليا تحارب روسيا بأسلحة بسيطة خفيفة لا تذكر أمام ما يملكه عدوها وأعتقد مجرد الصمود لأشهر في وجه هذه القوة هو انتصار كبير.

هاتان القوتان في أرض مفتوحة سهلة كما هو معروف عن مناطق أرياف حماة جعلت الفصائل في المنطقة في وضع لا تحسد عليه، لكن على الرغم من ذلك لم تحصل تقدمات سريعة لقوات النظام فالتقدم الحقيقي لم يحصل إلا بعد شهرين تقريبا من بدء المعارك وخاصة عند سقوط بلدة " أبو دالي "التي استمات النظام في الوصول إليها ووصل، ففي هذين الشهرين سقط عدد كبير من النخبة المقاتلة بين قتيل وجريح فإذا وضعنا معدلا وسطيا يوميا وقلنا إن كل يوم سقط عشرة عناصر بين قتيل وجريح (وأعتذر عن اعتبار القتلى والجرحى أرقاما وهم أسمى من ذلك) فإنه خلال شهرين سيحيد عن المعركة ما يقارب ستمئة عنصر بعا هنا نتكلم عن نخبة مقاتلة وهذا رقم كبير جدا ويحتاج زمنا لا بأس به لإعادة إنتاجه من جديد وخاصة في مناطقنا المحررة المهجرة أصلا من أهلها وخزانها البشري على عكس قوات النظام المتجددة، فقوات النظام وإن غضضنا الطرف عن المليشيات الأجنبية التي تستجلبها تستطيع النزول إلى أحد الأحياء المكتظة في مدينة حلب أو دمشق أو اللاذقية وتسوق للتجنيد أكثر من ألف شاب وتزجهم في المعركة غير مبالية بمصرعهم ولو بعد ساعات من تجنيدهم.

أما عن الأمور التي أدت لهذه النتائج الكارثية والمتعلقة بالفصائل فهي كثيرة جدا لكنها لا ترقى لمستوى بيع الجبهات وتسليمها للنظام وعلى سلم هذه الأمور ما يلي:

1) محاولة التفرد في الساحة من قبل (هيئة تحرير الشام) التي قامت بتحييد بعض الفصائل في الشمال السوري من خلال اجتثاثها، الأمر الذي كان له ردة فعل على هذه الفصائل أو بقاياها إن صح التعبير وعناصرها بالإحجام عن الجبهات وترك السلاح فالعنصر في أحد الفصائل التي تم اجتثاثها أصبح يشعر بالغبن والحنق ناهيك عن عدم رغبته الخوض في دماء من كانوا رفاقا له في ساحات المعارك فهو لا يريد أن يكون قاتلا ولا مقتولا في خلاف فصائلي لن يسمن ولن يغني الثورة ولا أهلها من جوع

2) الفكر الفصائلي الضيق لدى البعض الذي يبحث عن فرصة مناسبة للتخلص من فصيل يراه خطرا مستقبليا على مشروعه فيتركه في مواجهة مباشرة مع العدو تستنزفه، طبعا هذا التفكير يتناسى الأهداف الكبرى السامية للثورة كما إنه يغفل العين عن الخطر المحدق بالجميع فلا النظام سيستثني فصيلا دون آخر ولا يريد منطقة دون أخرى فسير المعارك مؤخرا يدل على رغبة النظام بالسيطرة على آخر شبر محرر وخاصة بوجود دعم روسي كبير وغياب الرادع الدولي.

3) ضعف الإعداد العسكري والمعنوي وعدم إيلائه الأهمية الكبرى والاعتماد على مبدأ (الفزعة) والارتجال في معظم المعارك التي خاضتها الفصائل ضد النظام وهذا الأمر الذي لم يعد يجدي نفعا أبدا وخاصة بعد تطور العمليات القتالية بشكل كبير بالسنتين الأخيرتين.

هذه الأخطاء الكارثية ستؤدي لهذه النتائج لكن يجب عليها أن لا تنسينا ما قدمته وتقدمه الفصائل ولا تنسينا أيضا الفارق الكبير بين قدرات وإمكانيات الطرفين المتباعدة جدا، ويجب

أن لا تجعلنا ننجر وراء الخطاب العاطفي الذي ينتشر كثيرا في زمن الهزائم بأن الجميع خونة والكل باع القضية.

المقالة تعبر عن رأي كاتبها وليس عن رأي الموقع