الجمعة 2020/07/24

انصياع العنصر العربي لأوامر الأكراد في “قسد”.. عمالة أم مصلحة؟

لم يخرج العناصر العرب الذين انضموا إلى صفوف قسد عن التوقعات التي رأت أنهم سيكونون عبارة عن بيادق في صفوف المليشيات تحركهم وفق ما تريد، بعد بسط سيطرتها على كل المناطق التي كان تنظيم الدولة يسيطر عليها شرق الفرات، ولم يكن العناصر العرب في قسد العون والسند لأهلهم ولاسيما في ظل هذه الظروف التي تمر فيها المنطقة من العوز والقلة بعد سنين الحرب التي أنهكتهم.

ورأى البعض أنه قد يكون للعلاقات الجيدة التي بناها بعض شيوخ العشائر مع المليشيات الكردية مصلحة لأهالي منطقة هذه العشيرة أو تلك، في ظل الوعود والشعارات الرنانة التي جاءت بها المليشيات من تحقيق للمساواة والعدالة الاجتماعية بين كل مكونات المنطقة دون التمييز بين عرق أو قومية.

وقسم من المثقفين رأى أن يكون في الصفوف الأولى للعمل المدني ضمن المجالس التي شكلتها "قسد" كي يساهم في إعادة بناء منطقته وتحسين وضعها المعيشي والاقتصادي والخدمي، وكذلك كانت هذه المجالس بارقة أمل للمكون العربي بمناطق "قسد".

يوماً بعد يوم أصبحت الأمور تتكشف للمنسبين والمتقربين والمتصدرين للمشهد أمام أهلهم وأبنائهم في مناطقهم.

فالعسكري لم يُعطَ أيَ دورٍ لإبداء رأيه في جواز هذا العمل أو ذاك بل كان عليه أن يرفع السلاح في وجه أهله بحجة "مكافحة الإرهاب" التي تعتبر الشماعة الكبرى التي اخترعتها "قسد" لضمان عدم انقطاع دعم التحالف الدولي لها، ويرى مراقبون أنها تعمل على إثارة القلاقل وتسهل عمل خلايا التنظيم في المنطقة وتفتعل تفجيرات في بعض الأحيان لتثبت للعالم أن التنظيم ما يزال قادراً على إعادة بناء نفسه والسيطرة على المنطقة من جديد.

كل ذلك لأن "قسد" أعطت القيادة والتحكم للأكراد وجعلت المكون العربي بيدقاً ينفذ ما يُؤمر به، حتى وإن كان "قيادياً" بالاسم فقط، وقامت أيضاً بإبعاد كل من يحاول التمرّد أو رفع صوته في وجه القيادات الكردية التي تحكم من تحت الطاولة وتضع العناصر العرب في مواجهة أهلهم وذويهم.

بعض المنتسبين لمليشيات "قسد" أدركوا اللعبة متأخرين وأعلنوا تركهم العمل مع مليشياتها، وكان هنالك انسحابات فردية لم يتطرق الإعلام لذكرها، ولكن هناك انسحابات جماعية كان آخرها منذ أيام حيث ترك 140 عنصرا في مليشيا "قسد" من المكون العربي العمل مع المليشيا، وذلك احتجاجاً على سياسة الإقصاء والتهميش التي تتبعها المليشيات بحق أبناء المكون العربي، وتفصيل هذا المشهد نشرته شبكة "الخابور" المحلية التي قالت إن طابوراً من "قسد" يقوده المدعو "حمود العسكر" ويبلغ تعداده 140 عنصراً ، توقف عن العمل مع "قسد"، وألقى السلاح بشكل كامل وأخلى مقراته قرب مدينة الشحيل بريف ديرالزور الشرقي.

وأوضحت الشبكة أن سبب توقف "الطابور العربي" عن العمل مع "قسد" يعود إلى سياسة الإقصاء التي تمارسها ميليشيا "ب ي د" بحق العرب في "قسد"، وتحكمها بكل قرارات "قسد" والعمل على إضعاف العنصر العربي في "قسد" بكل السبل وسرقة مستحقاته من السلاح والعتاد والآليات المقدمة من التحالف، مشيرة إلى أن "ب ي د" تنفذ سياسة الإقصاء للعرب في ديرالزور عن طريق القيادي في صفوفها "اردار" وهو المشرف على منطقة البصيرة وريفها.

المتابع لشؤون المنطقة سيكتشف أن هنالك أيادٍ كردية خفية هي الحاكمة والمتمكنة من تحريك العناصر الذين يعملون مع "قسد" كالدمى أو كـ "بيادق الشطرنج".

شيوخ العشائر المقربون من "قسد" وقيادات "المجالس المدنية" لم يكونوا أفضل حالاً من العسكريين، فهم أيضاً لا يستطيعون اتخاذ أي قرار بدون موافقة الأيادي الخفية التي تسيطر على هذه المجالس، وذلك بالتزامن مع انتشار الفساد ضمن هذه المجالس التي طالما طالب الأهالي في مظاهراتهم بطردهم وفضحوا قضايا تثبت فسادهم، ولكنّ إرادة مليشيات قسد في تجهيل المنطقة وإبقائها تحت السيطرة، لم تغيّرهم ولم تتخذ أي مواقف بحقهم، وذلك لأنهم يفعلون ما يؤمرون به، رغم أنهم يعرفون أنه ليس بمصلحة أهلهم، وقضية مناهج "قسد" التي عارضها كل أهالي المنطقة صغيراً وكبيراً، لم يتجرأ أحد من أعضاء هذه المجالس على انتقادها، رغم أنها تمس دينهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل قاموا بنشرها، وعملوا على ترك الأهالي يعبرون عن رفضها، ولولا الضغط والرفض الشعبي الذي لاقته هذه المناهج، لأقرت رغم أنف من يدّعون أنهم "قادة" للمجتمع المدني.

بالنهاية يتساءل المدنيون العرب في مناطق سيطرة "قسد".. لماذا السكوت عن كل هذه الانتهاكات ضدهم من قبل القادة والعناصر العرب بحق أهلهم، يقول البعض إنها "عمالة" لا أكثر، ويرى البعض الآخر أن السكوت جاء كي لا تتضرر مصالحهم التي بدأت تتوسع في ظل الفساد الذي تتغاضى عنه "قسد"، ضمن خطتها في إحكام السيطرة على المنطقة.