الأربعاء 2017/08/23

العائد لحضن الأسد .. كهاتك عرضه !

تمر الثورة السورية المباركة بانعطافات خطيرة ومفصلية من عمرها البالغ قرابة ست سنوات ونصف، نتيجة للتغيرات الدرامتيكية على خارطة نفوذ سيطرة النظام وسيطرة فصائل المعارضة، وانقلاب شبه جذري في المواقف السياسية حول شكل الحل السياسي في البلاد، وذلك نظراً لما يمر بها الوضع الإقليمي العربي خاصة، والغربي عامة من تقلبات، والتي أظهرت الأحداث بما لا يدع مجالاً للشك انعكاس الملف السوري على كل نقاش دولي من شأنه محاولة حلحلة الخلافات العالقة بين الدول، ابتداء من الأمريكية الروسية إلى الخليجية الإيرانية إلى تبدّل الأنظمة الحاكمة في أوروبا "وأعني هنا فرنسا".

أمام هذه المتغيرات الإقليمية والدولية ظهرت على السطح موضة "العودة لحض الوطن" أي حضن بشار الأسد وإجرامه، لأنه لا وطن يكون رئيسه قاتلاً لشعبه ومشرداً له، ومدمراً بيوتهم فوق رؤوسهم يسمى بوطن، حيث لم يبق نوع من الأسلحة التقليدية أو المحرمة دولياً إلا وأذاقهم منها كؤوساً مترعة بالموت، لا بل وجلب كل شذاذ الآفاق والمرتزقة كي يعيثوا فساداً في بلد عرف أول أبجدية على وجه الأرض.

 

حقيقة لم يخطر ببالي قول أو تشبيه أصم به من رجع إلى نظام الأسد طوعاً لا كرهاً إلا كمن يهتك عرضه، لماذا? لأنه يعود بعد تلكم السنوات التي عرف العالم فيها حجم الحقد والإجرام الذي أنزله بشار الأسد بشعبه، والذي بلغ أكبر مأساة عرفها القرن الواحد والعشرون.

 

فنحن لدينا قضية كبرى تسمو فوق كل اعتبار سياسي دولي، لأننا أمام نظام يظن البعض أنه له ذاكرة سمكية، سينسى أن من خرج ضده في ثورة شعبية عارمة، أو من حمل السلاح ضده مدافعاً عن أرضه وعرضه وحرمة دمه، سيكون مصيره التكريم أو المسامحة، لا يا عزيزي إن هذا النظام مجرب وله سوابق، فهو اليوم يحاول أن يصطاد فرائسه ويربيها ليوم تشخص فيه أبصار السوريين، حينما يستل ما يعرف داخل أجهزة استخباراته بملفات تحت الطلب، (بروفايل مفصل عن كل سوري)، ولا تنس أيها العائد لحضن الأسد أنك راض وكل الرضا عن قتل بشار لمئات الآلاف وأنهم يستحقون القصف والموت حرقاً وتعذيباً وغرقاً.

 

من منا لا يتذكر إلى اليوم من حرموا من التوظيف في دوائر الدولة أو الدراسة أو من حكم عليه بالإعدام وهو في المنافي، ومن سجن وقتل ومرض، عقب ما جرى في الثمانينات؟

 

كيف ترضون بالعودة وأنتم تعرفون أن أصغر عسكري في جيشه قادر على إهانة أي شخص مهما حمل من المرتبة العلمية أو الثقل الاجتماعي، ناهيك عن المواطن العادي الذي تعد كرامته وفق الدستور مقدسة.

 

لكن الواضح كعين الشمس أن نظام الأسد تآكل وأصبح من الماضي، وأن علينا اليوم قطع الطريق أمام إعادة ترميم النظام وإنعاشه من جديد، ولا سيما أن المجتمع الدولي يراقب كل ذلك وهو ينظر إلى ما تسمى "العودة إلى حضن الوطن" نصراً سياسياً للأسد رغم أنهم يعلمون أنه نصر على جثث الأطفال والنساء ورفع رايته على بلد دمره جيشه بأوامر من بشار الأسد كي يبقى على عرش تجري من تحته الدماء.