الأثنين 2017/05/22

السعودية.. يوم الخمر أدبر ويوم الأمر أقبل

شكل النظام الإيراني المتمرد، منذ انقلاب الخميني عام 1979، والتي شهدت الإطاحة بالملكية البهلوية، أرضية لصعود نبرة عدائية مشتعلة كنار فارس أيام كسرى، ضد العرب، ودول المنطقة المحيطة بها، ولا سيما المطلة على الخليج العربي، في محاولة من طهران للهيمنة الفكرية على شعوب تلك المنطقة عبر نظرة استعلائية مرتكزة على قوة الاقتصاد الإيراني الذي يعد ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وجعلت تصدير الثورة حاملا لهذه النوايا.

المطّلع في الثقافة الأدبية بين أوساط الشعب الإيراني، يرى ما يبثه إعلام ولي الفقيه ضد المسلمين العرب، من كراهية تاريخية، واعتبارهم رعاع ومتخلفين، ويشربون بول الإبل، وهذا ما ورد في كتاب "الشاهنامة" ملحمة الفرس الكبرى، الذي أهداه الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد لبابا الفاتيكان باعتبار هذا الكتاب "قرآن الفرس".

لكن تخابث إيران، وعبثها بدماء العراقيين منذ عام 2003، وصولاً لتقوية شوكة سلاح حزب الله، ودعمه بالسلاح الموازي لقوة الدولة اللبنانية، وكذلك حرث اليمن، وإنبات الحوثيين فيه، كميليشيا خطفت الشرعية من أيدي ثورة اليمنيين ضد المخلوع على عبد الله صالح، وكذلك تمويلها ودعمها "سرايا الأشتر" المسؤولة عن عدة عمليات إرهابية، استهدفت بشكل خاص الشرطة والأمن في البحرين.

وما نظام الأسد إلا عصارة الحقد الطائفي الدفين لعقلية ولي الفقيه، الذي مكّن إيران من ممارسة خزعبلاتها المذهبية على أرض الشام، بحجة حماية المراقد الدينية، وتهجير المدنيين، والادعاء أن زجها لميليشيات تقاتل إلى جانب قوات النظام في سوريا، هو للتمهيد لظهور "المهدي المنتظر"، حسب ما ذكرت صحيفة "كيهان" المملوكة للمرشد علي خامنئي.

كل ذلك يدفع دول الخليج وعلى رأسها السعودية لتجعل بينها وبين عبثية إيران في المنطقة، جبل من حديد، لا ترى الرياض في نصف تيلريون مليار دولار ثمن صفقة دفاعية مع الولايات المتحدة على مدى 10 أعوام، أي بأس في إنفاقها كدرهم وقاية أمام المد الفارسي الذي التهم عواصم ثلاث دول عربية، وبات الآن يهدد ويتوعد بتدمير السعودية باستثناء الأماكن المقدسة (مكة والمدينة)، لتعقد السعودية العزم على إنضاج تحالف دولي، يلجم إيران، ويضع حداً لتدخلاتها في شؤون دول المنطقة، مستغلة وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، الذي توعد بتقليم أظافر إيران في المنطقة، وتمزيق ملفها النووي الموقع منذ عام 2015، على عكس سلفه باراك أوباما صاحب اليد الممدودة لإيران، لذلك رأت السعودية أن تستغل حماس ترامب لتحجيم إيران، وردعها، وعزلها دولياً، ومواصلة العقوبات المفروضة عليها.

القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في 21 أيار 2017، بحضور ترامب، كانت رسالة واضحة لإيران، أولاً من ناحية عدم توجيه دعوة حضور القمة إلى طهران، على الرغم من دعوة 55 دولة عربية وإسلامية، وإطلاق السعودية مركز مكافحة التطرف العالمي، ووصف الملك سلمان بن عبدالعزيز إيران برأس حربة الإرهاب العالمي، يشي بأن الخطر الإيراني بات على مشارف الخليج، وأن يوم الخمر قد أدبر، ويوم الأمر قد أقبل، لترويض إيران، أو تركها تلهث، إن حملت عليها الخليج أم لم تحمل، والسعي الدؤوب لزراعة تنمية عربية مستدامة فكرية، وإعلامية، ورقمية، وصناعية.