الأحد 2019/04/07

السعودية والإمارات تحثان الخطا للحسم في ليبيا بعد انتكاستهما بالجزائر

ربما تنفّس المحور السعودي الإماراتي الصعداء، عقِب ما ظنوا أنها نهاية لمارد الربيع العربي، جراء ما حل في بلدانه من دمار وخراب بذل فيه ذلك المحور مليارات الدولارات في سوريا واليمن وليبيا. غير أن راحة دول الثورات المضادة يبدو أنها لم تكن سوى فترة مؤقتة، قبل أن تمحو مظاهرات السودان والجزائر صورة مقتل الربيع العربي، وتعيد الزخم للشارع المنتفض ضد الديكتاتوريات العسكرية.

في الوقت الذي تلقّى فيه المحور السعودي الإماراتي طعنة نجلاء بإسقاط الصديق القديم العتيد بوتفليقة، بدأت الرياض وأبو ظبي تُعدّان العدة لمواجهة النسخة الثانية من هجمات الربيع العربي المتجدد، فكانت الخطة في الجزائر تقضي بصناعة نسخة ثانية من نموذج السيسي، عبر دعم الجيش لمطالب المحتجين بعد فقدان الأمل بتراجعهم، ثم سيطرته على مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات تؤدي إلى سيطرة العسكر من جديد، وهذا ما كان الجزائريون واعين تجاهه عبر إصرارهم على عدم العودة إلى منازلهم إلا بإسقاط كافة رموز النظام الحاكم الفعلي في البلاد، والذي لم يكن بوتفليقة سوى فرد عاجز من أفراده.

خطوات سريعة للحسم في ليبيا:

في هذه الأثناء توجهت الأنظار السعودية الإماراتية إلى ليبيا، ذلك البلد الذي أراد له "بعض إخوانه وجيرانه العرب" أن يبقى ملتهباً بأتون حروب ما إن تهدأ حتى تبعث الرياض وأبو ظبي أوراها من جديد. جاءت التعليمات سريعاً إلى النسخة الليبية من

"السيسي".. الضابط اللاهث وراء السلطة بطعم الدم.. خليفة حفتر، بأن ينهي ملف "حكومة التوافق الوطني" التي لا تزال حجر عثرة أمامه كونها تنال الشرعية والاعتراف الدولي، وعلى الرغم من عدم وجود شماعة "الإرهاب" هذه المرة، إلا أن حفتر اعتبر معركته في السيطرة على طرابلس "وطنية" لمصلحة الليبيين.

اللافت في إطلاق معركة طرابلس جاء فيما أورده موقع "الجزيرة نت" عن مصدر في المجلس الرئاسي الليبي، قال إن حملة اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس كانت بتعليمات وتنسيق سعودي، وأن الرياض قدمت له دعما ماليا كبيرا للقيام بهذه العملية العسكرية. وكان حفتر زار الرياض قبيل الهجوم على العاصمة الليبية بأيام واجتمع في قصر اليمامة بالملك سلمان وولي عهده، كما التقى عددا من المسؤولين السعوديين بينهم وزير الداخلية السعودي ورئيس الاستخبارات العامة.

ازدواجية مبدأ "الشرعية" في الحلف السعودي الإماراتي:

دون أي مجال للشك.. تُظهر الحملة "الحفترية" على طرابلس ودعمه بالمال والسلاح السعودي الإماراتي، أن المبدأ الوحيد الذي يقوم هذا المحور بدعمه هو مبدأ "اللاشرعية"، الذي سمح لهما بدعم قوات غير معترف بها، ضد حكومة تنال الاعتراف الدولي منذ العام 2014، في الوقت الذي يدافع فيه هذا المحور "ظاهرياً" عن الحكومة الشرعية في اليمن. هذا بالإضافة إلى "ولع" هذا المحور بإرجاع البلاد العربية إلى عصر الديكتاتوريات العسكرية في مصر وليبيا وسوريا، وهذا ما يسعون إليه في الجزائر.

الشعب الجزائري لا يزال واعياً لما يحيك له معسكر "الرياض - أبوظبي"، والمعول عليه ألا يقع الجزائريون في فخ "استنساخ السيسي" عندهم، فيما يبقى الوضع العسكري في طرابلس هو الذي سيحدد شكل الحكم في ليبيا، وهو الذي سيحدد كذلك مدى قدرة دول الثورات المضادة على الوقوف في وجه الشعوب وحقها في تقرير مصيرها.