الخميس 2017/09/21

التدخل التركي في إدلب ..  معركة عابرة أم استنزاف ؟

بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الثورة السورية من مفاوضات أستانا و اقتتالات داخلية في الشمال السوري، بدأ البعض يروج لفكرة وجوب وجود حل لما يحدث في الشمال،  ولا سيما بعد سيطرة  "هيئة تحرير الشام" على معظم مرافق الحياة في إدلب و ريف حلب الغربي و ريف حماة، فكثر الحديث عن تدخل تركي في إدلب لقتال "هيئة تحرير الشام" التي تتكون من جبهة فتح الشام ( جبهة النصرة سابقاً ) و فصائل أخرى تحت مسمى "قتال القاعدة" في سوريا.

التدخل التركي وفق المعطيات على الأرض يبدو صعباً ومكلفاً، فبعد عملية "درع الفرات" و ما قدمته تركيا من دعم مالي و عسكري و خسائر في قتال تنظيم الدولة،  أصبح أي تدخل تركي في إدلب استنزافاً لقدراتها العسكرية و المالية، و هي بعيدة عن تدخل يجلب لها مزيداً من التكاليف الاقتصادية و البشرية، أضف إلى ذلك أن الأحداث الداخلية في تركيا لن تشجع على الزج بالجنود الأتراك في هذه المعركة فالتدخل ضد تنظيم الدولة و المليشيات الكردية الانفصالية كان يبرره أن هذين الجسمين يشكلان خطراً على الأمن القومي التركي، أما "تحرير الشام" فلا يبدو لها مشاريع تتضارب مع المصالح التركية، كما إنها غير متورطة بتنفيذ هجمات داخل أراضيها، ما يصعب على الحكومة التركية تبرير التدخل ولا سيما للمعارضة التي لا بد أنها ستقوم باستغلال الأمر لصالحها.

وما يصعب الأمور أكثر هو وجود أكثر من أربعة ملايين سوري في إدلب لن يجدوا مكاناً يلوذون إليه غير تركيا التي تحتضن ثلاثة ملايين لاجئ سوري أصلاً، و ليس لديها القدرة لاستيعاب المزيد منهم، كما إن أهالي إدلب لا يستطيعون التوجه إلى مناطق النظام و الذي سيجندهم أو يقتلهم؛ وهنا يبدو جليّــاً  للجميع  أن التدخل التركي لن يكون معركة عسكرية اعتيادية، بل معركة استنزاف لجميع الأطراف سيكون النظام وحلفاؤه الإيرانيون والروس المستفيد الأكبر منها، ولا بد أن يدخلوا في تفاصيل إدلب لمصلحتهم بعد نهاية عملياتهم في الشرق السوري.