الجمعة 2016/09/02

البوركيني يعري ديمقراطية الأوروبيين

لم تكد أزمة اللاجئين - وما دار حولها من خلافات دولية وأممية - تغيب عن الأذهان، حتى فوجئنا بأزمة أخرى مفادها استمرار العداء الواضح للمسلمين ولعاداتهم وتقاليدهم وشعائرهم الدينية.

أزمة البوركيني تطفو على سطح الأعلام الدولي والأوروبي من جديد لتثبت ازدواجية المعايير وأكذوبة الديمقراطية والحرية التي يدعيها الغرب في التعامل مع المواطنين.

وإذا ما أردنا استيضاح ما يحدث فلا بد لنا من تسليط الضوء على بداية نشوء هذا الزي وأهميته بالنسبة لشعوب منطقتنا، وما الذي حدا بالغرب لمحاربته بل واستخدامه كسلاح للفوز بالانتخابات الرئاسية كما يحدث الآن في فرنسا.

بداية البوركيني عبارة عن لباس نسائي يرتدى لأجل السباحة وميزته الأساسية أنه يعتبر رداء محتشماً إلى حدّ ما مقارنة بسابقه، فهو يغطي الجسم من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين في مظهر قلّ أن نراه لدى من يدّعين الحرية والديمقراطية ويجعلن من أجسادهن سلعة رخيصة لكل طارق ليل.

تم إنشاء هذا الزي في العام 2004 على يد مصممة الأزياء عاهدة زيناتي وهي استرالية من أصل لبناني وضعت له اسم (برقع بكيني) ويعني اللباس الساتر للسباحة ثم اختصر الى (بوركيني).

وفي حديثها عنه تؤكد زيناتي أن الإقبال على البوركيني دافعه الأول يكمن في خفته وملاءمته لممارسة أنواع الرياضات بما فيها السباحة، كما أنه لم يعد يقتصر على المسلمات بل تعدى إلى باقي الطوائف والأديان، حيث أكدت وسائل إعلام أسترالية وأميركية أن مبيعات البوركيني تجاوزت 40% من غير المسلمات، وذلك لما يوفره البوركيني من خصائص لا توجد في البكيني، لاسيما بعد أن حصل على رخصة تسويق وبراءة اختراع تؤكدان مطابقته للشروط الصحية المعمول بها في مسابح وملاعب الغرب.

وبالانتقال إلى الشق السياسي لهذه الظاهرة نجد أن جدلاً واسعاً أُثير حولها خاصة في فرنسا التي رفضته في البداية، وقام بعض رجال الشرطة بانتزاعه علانية من على رؤوس النساء في الشواطئ المفتوحة، في تعدٍ على الحرية الشخصية، فيما قام الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي باستخدامه كورقة ضغط في سباق الرئاسة القادم، متذرعاً بحجج واهية وأنه يسبب استفزازاً ويدعم الإسلام المتطرّف على حدّ زعمه.

القضاء الفرنسي من جهته سمح بارتداء البوركيني بعد الاحتجاجات الواسعة وسيل الانتقادات التي وجهت ضده في الإعلام، خصوصا بعد ظهور صور لراهبات يسبحن على أحد الشواطئ وهن بكامل لباسهن، ما استدعى البعض ظاهرياً للسماح بارتداء البوركيني، لكن للأسف العقلية الأوروبية المتحجّرة ضدّ كل ما هو إسلامي أثبتت مجدداً أنها لا يمكن تغييرها، حيث قام بعض رؤساء البلديات في المدن الفرنسية بمنع البوركيني متحدّين بذلك القرار القضائي غير عابئين به .. ولمَ لا !! فهو ليس الا قرار لمصلحة المسلمين فلا مانع من خرقه.

وعلى الجانب الآخر من العالم يأتي (المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب) ليتعهد بمنع استقبال المهاجرين ولا سيما من سوريا، وأظن أنه لو انتشر البوركيني عندهم لاستخدمه كورقة أخرى للربح في هذا السباق.

وإذا ما نظرنا عن كثب لما يبغيه الغرب ويخططون له في العالم الإسلامي لتبين لنا أنهم لا يريدون فرض ثقافتهم بالقوة فقط، بل محو الثقافة العربية الإسلامية واستئصالها من جذورها، وإحلال ثقافة التحلل محلها ولا يهمّ بعدها إن قيل عنهم إنهم غير ديمقراطيين.

ورأيي الشخصي بالنسبة لهذه القضية أن الجدل حولها ليس مستغرباً من قبل الغرب لكنني كمسلم محافظ على تعاليم دينه لم أجد أي مسوغ للمرأة للظهور في الشواطئ المختلطة والتعرض لأعين الرجال وإن كان ولا بد من ممارسة هذه الرياضة فهناك العديد من المسابح الخاصة بالنساء وصدق الله حين قال : 

(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور31.