الأثنين 2018/08/20

الإمارات و”زلزال إسطنبول”.. قصة حقد لا تنتهي!

لم يكن الأمر يظهر بهذه الفظاظة والمباشرة الفجة.. كان الحقد الذي تحمله الإمارات على تركيا يسير بشكل مُقنّن ومحسوب، إلى أن جاءت ليلة 15 تموز 2016، وظنّت أبو ظبي أن الانقلاب في تركيا قد نجح، فما لبثت أن خرجت قنواتها في تغطية مباشرة لأحداث الانقلاب الفاشل، وانفردت "سكاي نيوز عربية" بعاجل جلب لها سخرية الملايين ولا زال مضرب مثَل في المنحدرات الأخلاقية والمهنية التي تقع فيها الصحافة الصفراء.. "أردوغان يطلب اللجوء إلى ألمانيا!".

منذ ذلك الحين، ظهر الحقد الدفين على تركيا.. ليس على حكومة العدالة والتنمية وأردوغان فقط، بل على تركيا شعباً وتاريخاً وحضارة، حتى إن الإمارات جنّدت لتشويه صورة تركيا رجال دين مرتزِقة، تحوّلوا فجأة إلى مؤرّخين يرسمون صورة سوداء للعثمانيين.

هذا في واقع الأمر فرق ما بين العداوة والحقد، فقد تكون دولتان تتجاذبان العداوة ولا غرابة في ذلك، الهجوم اللفظي والدبلوماسي يستهدف الحكام عادة لا الشعوب، أما عند الإمارات فالحقد على تركيا هو حقد كلي شامل.. لا يبقي ولا يذر.

يطول الكلام فيما توجّهه أبو ظبي نحو تركيا من دسائس ومؤامرات وحملات إعلامية شعواء تثبت فشلها كل حين، وليست أزمة الليرة التركية اليوم ببعيد، إذ يجد المرء كمّاً هائلاً من التشفّي في إعلام الإمارات على كل ما يتعلق باقتصاد تركيا. تتعرض الليرة لحرب صامتة فيصخب إعلام الإمارات في تهويل ذلك وقراءة منعكساته على بلاد الأناضول.. تمتص تركيا الصدمة ويأتيها دعم الشرق والغرب فيصمت إعلام الإمارات مبتلعاً أطناناً من السُّمّ الزعاف، منتظراً جولة ثانية للتشفي والشماتة.

كل هذا واقع قد يكون مفهوماً لدى البعض، لكن ما ليس مفهوماً أن دولة ما تتمنى في قرارة نفسها وتشحن طاقاتها الإعلامية للترويج لدمار ما على بقعة في هذه البسيطة.

"زلزال إسطنبول".. عنوان يتكرّر على مائدة الإعلام الإماراتي في كل صيف، إذ جرت العادة أن تبدأ قناة "سكاي نيوز عربية" حملة من الأخبار تروّج لزلزال مدمّر في إسطنبول التركية، بالتزامن مع موسم السياحة الصيفية، وذلك لضرب عدة عصافير بحجر واحد.. إحداث بلبلة ورأي عام في تركيا حول استعدادات الحكومة لمواجهة الزلزال، وضرب السياحة التركية عبر تخويف السياح من الذهاب إلى تركيا، وبالتالي استهداف عصب مهمّ للاقتصاد التركي، إضافة إلى التشفي المعتاد من أي حدث صغير أو كبير في تركيا.

بلاد الأناضول عموماً تقع على خط الزلازل، وهذا أمر معروف لدى الجميع، ولا تزال الحكومات التركية المتعاقبة تضع الخطط تلو الخطط لتطوير المنشآت بغية مواجهة آثار الزلازل من جهة، إضافة إلى قيام الجامعات الخاصة والعامة بإصدار أبحاث حول هذا الموضوع. كل ما تفعله "سكاي نيوز عربية" وسواها من أباطرة الصحافة الصفراء، أن يأخذوا مادة ما من الدراسات التي تصدرها الجامعات التركية والباحثون الأتراك بشكل اعتيادي، ثم يربط "إعلام السموم" مواده حول زلزال تركيا بذكرى زلزال عام 1999 هناك، في تكتيك خبيث يُحيل النظر إلى ما أحدثه ذاك الزلزال من دمار في مناطق من إسطنبول.

من يتابع أخبار "زلزال إسطنبول" يجدها تظهر في كل عام بالتوقيت نفسه وبالغايات نفسها، وبالمصدر نفسه.. ولا يبدو أن الإمارات وإعلامها تنوي التخلي عن هذا "الطقس المقدس" على الرغم من أن معدلات زيارات السياح في كافة الولايات التركية ترتفع بشكل مطّرد كل عام، والغريب أن نسبة كبيرة من هؤلاء السياح هم من الإمارات نفسها.. فانظر.. يا رعاك الله.