الأحد 2019/05/19

إعلاميو الأسد بين معتقل ومعتزل!

ظاهرة غريبة بدأت تنتشر في صفوف الإعلاميين الموالين لنظام الأسد باعتزال العمل الصحفي، الظاهرة قد تكون طبيعية ومعتادة في الدول الديمقراطية في حال أحس الصحفي بتقييد حريته ببعض القوانين وتكون نوعاً من الضغط على الأنظمة للتراجع عن قمع حرية التعبير التي تعتبر مقياساً هاماً في تقييم الشعوب، إلا أن ظاهرة الاعتزال في ظل حكم الأسد تكشف بنية النظام التي لا تقبل حتى الانتقاد من قبل من كان شريكاً له في قتل السوريين، وسيكون هذا الصحفي هدفاً لها رغم أن انتقاده يبقى تحت "سقف الوطن" ولا يتعرض للأمور السياسية ويقتصر على بعض الجزئيات في الحياة اليومية.

قد يكون هامش الحرية الذي منحه نظام الأسد للصحفيين والإعلاميين الموالين له بتغطية عملياته العسكرية والوقوف بوجه إعلام الثورة، الذي استطاع إثبات وجوده رغم اعتماده على الناشطين بشكل عام، فتح الباب أمام ظهور بوادر لصحافة ظنت نفسها أنها تحظى بشيء من الحرية، ومع تفاقم الأزمة المعيشية وعدم قدرة النظام على تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان بمناطق سيطرته انتقل الإعلام الموالي له من مهاجمة الثورة والمعارضين إلى مهاجمة النظام نفسه ، بدأ تتابع حالات الاعتقال لأي جهة تخرج عن الخطوط الحمراء التي لا تتجاوز موظفاً أو مدير دائرة وقد تطال وزيراً بحقيبة تشغيلية بأفضل الأحوال، بمدير شبكة "دمشق الآن" وسام الطير، دون توجيه أي تهمة له، وبدأت الحملة تطال أيّ منتقد، ووصل الحال بإحداث  النظام "ضابطة عدلية" تُعنى بالجرائم الإلكترونية الداخلية بهدف إسكات الأصوات المنتقدة له، بعد أن توسع فضاء الكلمة وأصبح يصعب ضبطها بالقوانين الخاصة بالمطبوعات.

على ما يبدو أن أغلب العاملين في المجال الإعلامي لصالح نظام الأسد اقتنع ولكن بعد فوات الأوان بأن الحرية التي طالبت بها حناجر السوريين عام 2011 ولاتزال، هي أمر حق، ولكنهم أبَوا إلا أن يدفعوا ثمن وقوفهم مع القاتل وتلميع صورته لينقلب السحر عليهم ويصبحوا ضحية بعد أن كانوا يصفقون للجلاد على مدار ثمان سنوات.