الجمعة 2017/12/15

أكبر مخطط للإيقاع بالمناطق المحررة.. ما علاقة تنظيم الدولة ؟!

لا تقتصر محاولات إنهاء الثورة السورية وتجميد العمل العسكري للثوار على المسارات السياسية الأخيرة كإطار أستانا الذي اتضحَ أن النظام أكبر المستفيدين منه، فمن يسيطر على الأرض يعدُّ هو المنتصر، وتبقى الحسابات في النهاية "عسكرية" لا سياسية.

من هذا المنطلق تعامل النظام والروس والإيرانيين بخبث ودهاء لخلط الأوراق بالمناطق المحررة من جديد عبر تهيئة الظروف لولادة تنظيم الدولة في أراض طُرِدَ منها منذ زمن بعيد ، وهنا أتحدثُ عن الشمال السوري وبالتحديد ما يجري من مكيدة للثورة السورية والمناطق المحررة عبر أبواب ريف حماة الشرقي.

حينما كان النظام يكثف عملياته بدعم روسي إيراني قبل شهور للوصول إلى دير الزور استطاع طرد تنظيم الدولة من مئات الكيلو مترات بدءاً من ريف حلب الشرقي إلى جنوب الرقة وصولاً إلى ريف حمص ثم ريف حماة في سيناريو كان العنوان الأبرز للتنظيم فيه هو الانسحاب وتسليم النظام القرى في معظم الأحيان دون قتال أو دون مقاومة شديدة.

في ذلك الوقت كان تنظيم الدولة شبه انتهى ولم يعد يسيطر على شيء سوى على جيب صغير جداً في منطقة عقيربات شرق حماة ، والجدير بالذكر أن هذه المنطقة ليست متاخمة للمناطق المحررة بريف حماة ، إنما هي متصلة بمناطق النظام من جهاتها الأربع، والغريب أن النظام ترك ذلك الجيب ولم يشن عملية تجاهه على الرغم من أن السيطرة عليه كانت تحصيل حاصل وسقوطه سهل جداً، فتنظيم الدولة انهار بشكل كبير بعد خسائره المتتالية وحصاره الشديد، وربما كان ذلك بإيعاز من روسيا وإيران تحضيراً للمكيدة التي تجري اليوم.

ظل الجيبُ محاصراً طوال فترة تتجاوز شهر ، في هذه الأثناء سيطر النظام على مناطق شاسعة بباديتي دير الزور وحمص، وأبعَدَ أيَّ أمل للتنظيم بفك الحصار عن عناصره في منطقة عقيربات، لكن المفاجئة كانت أن النظام وبعد أن أنهى عملياته في الشرق منح أو سهَّل لمقاتلي التنظيم في عقيربات طريقاً بعشرات الكيلو مترات وصلوا من خلاله إلى منطقة الرهجان المتاخمة للمناطق المحررة، وهذه المرة الأولى التي يصل بها التنظيم إلى هذه المناطق، فطوال السنوات الماضية كان النظام يقف حائلاً بين مناطق سيطرة التنظيم وسيطرة الثوار في الريف الحموي، ما جعل فرضية عمل عسكري للثوار ضد مناطق التنظيم في حمص ووصولاً إلى دير الزور شبه مستحيلة لا سيما بعد إقرار اتفاق أستانا الذي مكَّنَ النظام بدعم روسي إيراني من أخذ التَّرِكة الأكبر من مناطق التنظيم بسوريا.

خلال مدة قصيرة قاتلَ التنظيم بشراسة في منطقة الرهجان التي ولد بها لأول مرة، ثم انتقل إلى منطقةِ السعن المجاورة وسيطر في غضون أيام قليلة جداً على مساحات شاسعة في ريف حماة على حساب هيئة تحرير الشام، ليتمكن من تحقيق اختراق نوعي في مناطق محررة، وفي هذا الوقت يلاحظ غياب المقاتلات الروسية بشكل تامٍ عن تنفيذ ضربات على مواقع التنظيم بالرغم من أنها تشن غارات مكثفة على المناطق المحررة القريبة من مناطق التنظيم.

علامات استفهام كبيرة جداً توضع أمام السيناريو الذي حصل وأوصل مقاتلي تنظيم الدولة رغم قلة عددهم وعتادهم إلى ما وصلوا إليه الآن من مكاسب في الريف الحموي وهيأ لهم الظروف للوصول لاحقاً ربُّما إلى منطقة إدلب، من أين يأتي السلاح والإمداد والمؤن الغذائية لمقاتلي التنظيم رغم حصارهم وتطويق مناطقهم من كل الجهات "النظام والحر" ، كيف يتمكنون من التنقل بحريةٍ بالقرب من مناطق النظام؟ لماذا لا يهاجمون النظام وتقتصر هجماتهم على المناطق المحررة،؟ في ذات الوقت لماذا يجمّد النظام أي عمل عسكري لقواته ضدهم.؟ !

فرضيات عدة تحدثت عن أسباب تقدم التنظيم المفاجئ والمباغت بريف حماة ، منها ما ذكرته هيئة تحرير الشام حيثُ اتهمت النظام والتنظيم بالتنسيق بشكل مباشر حول ما يجري بريف حماة، لكن هناك من يقول إن مقاتلي التنظيم استطاعوا التسلل مع النازحين فساندوا مقاتلي التنظيم القادمين من عقيربات ، وهناك من يقول إن الهيئة نفسها ضالعة بالكارثة التي حلت بريف حماة ، فهي كانت قد فتحت ممراً آمنا لمقاتلي التنظيم شرط تسليم سلاحهم فما كان منهم بعد أن وصلوا إلا أن غدروا بها واستولوا على سلاحها، ويتزامن هذا مع قطيعتها مع أغلب الفصائل الثورية التي أحجمت بدورها عن مساندة الهيئة في صد هجوم التنظيم.

أياً تكن الأسباب التي أوصلت الحال بريف حماة إلى ما هي عليه الآن إلا أن الواجب على جميع الفصائل التنبه للمخاطر التي قد تسحق بالجميع إن استمر التنظيم بالتقدم بالمحرر، فهذا الشر إن لم يتم وأده في مهده سيفتح من جديد فصول دامية كالتي حصلت بالرقة والموصل بحجة محاربة تنظيم الدولة الذي كان انتزع من الفصائل نحوَ 50 % من الأراضي السورية ما لبث أن خسرها أمام النظام اليوم والمليشيات الكردية الانفصالية سواءٌ بمعارك حقيقة أو وهمية.

مما يزيد من خطورة المشهد على المناطق المحررة أن هجوم التنظيم يأتي في الوقت الذي تشنُّ به قواتُ النظام حملةً عسكرية كبيرة في محاور عدة بريف حماة بهدف التقدم نحو مطار أبو الظهور العسكري حسب أكثر التحليلات وخاصة أن هناك عملاً عسكرياً من جنوب حلب نحو ذلك المحور، الأمر الذي سيفتح شهية النظام للزحف أكثر في عمق إدلب ويبدأ الهجوم الأكبر بحجة محاربة جبهة النصرة.