الثلاثاء 2019/06/18

خبراء: 3 خيارات أمام واشنطن للتعامل مع أنقرة بعد إس400

يزداد التوتر القائم بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، في التصاعد كلما اقترب موعد استلام أنقرة منظومة "أس-400" من روسيا.

وتصر تركيا على استلام المنظومة الدفاعية رغم التهديدات الأمريكية المتتالية التي تتلقاها أنقرة في هذا الخصوص، والتي كانت آخرها التلويح بسلسلة عقوبات ضمن رسالة موجهة من وكيل وزير الدفاع الأمريكي إلى وزير الدفاع التركي، لكن رغم ذلك أكدت أنقرة اعتزامها استلام المنظومة الروسية.

وفي كلمته أمام الكتلة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي: "لا أقول إن تركيا ستشتري منظومة أس-400، بل اشترتها وانتهى الأمر. إلى جانب السعر المناسب، فقد حصلنا على وعد بالانتقال لاحقاً إلى الإنتاج المشترك للمنظومة نفسها. وسنستلم المنظومة الدفاعية خلال الشهر المقبل إن شاء الله."

بدوره، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بالأمس على إصرار بلاده لعدم التراجع عن شراء "أس-400"، مضيفاً "لدينا خطوات لمواجهة العقوبات الأمريكية المحتملة... حلف شمال الأطلسي لا يستطيع حماية سوى 30 بالمئة من الأجواء التركية."

أمام هذه التصريحات التركية، قال متحدث باسم البنتاغون الأمريكي، إن "واشنطن تولي الشراكة الاستراتيجية مع تركيا أهمية كبيرة. علاقات البلدين عميقة جداً وليست عبارة عن برنامج إنتاج مقاتلات إف-35 فقط."

تصريحات متحدث البنتاغون بالنسبة للخبراء والمحليين الأتراك، كانت عبارة عن ليونة بعد تصاعد حدة الخطاب في المراحل الأخيرة،

وتساءل البروفسور برهان الدين دوران، الكاتب الصحفي ومنسق وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عما إذا كان هناك احتمال لخفض التوتر المتصاعد بين أنقرة وواشنطن بعد تأكيد أنقرة موقفها من الحصول على منظومة "أس-400"؟

ولم يستبعد الخبير التركي في مقال له بصحيفة "صباح"، أن تكون هذه التصريحات رسالة ناعمة إلى أنقرة قبيل قمة أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب على هامش قمة العشرين في اليابان والمزمع عقدها يومي 28-29 يونيو/حزيران الجاري.

وأضاف "دوران" أن هناك جدلاً لدى المؤسسات الأمريكية التي تدير ملف تركيا في واشنطن، في البحث عن إجابات لتساؤلات من قبيل "ما الذي يجب أن نقوم به أمام الإصرار التركي لشراء منظومة أس-400؟ كيف يمكننا إدارة الأزمة بعد وقوعها، إن كان لا بد لها أن تقع؟ كيف يمكن تجنيب العلاقات الأمريكية التركية من الأزمة المحتملة؟

ورأى الأكاديمي التركي أن هناك ثلاثة خيارات أمام المؤسسات الأمريكية للتعامل مع الملف التركي.

الخيار الأول، إقصاء تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات أف-35 بالكامل وفرض عقوبات اقتصادية ثقيلة عليها، مبيناً أنه في حال تحقق هذا الخيار الذي يدعمه البنتاغون والكونغرس، يمكن القول إن يوليو/تموز 2019 سيكون بمثابة نقطة انكسار وتحول في تاريخ العلاقات التركية الأمريكية.

الخيار الثاني، هو الاكتفاء بإقصاء تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات أف-35، دون فرض عقوبات اقتصادية، وهذا القرار بحسب "دوران" من شأنه عرقلة فرض قرارات وعقوبات ثقيلة على تركيا من قبل البنتاغون والكونغرس، وبالتالي عرقلة تعميق العلاقات العسكرية بين أنقرة وموسكو، موضحاً أنه في هذه الحالة، تكون الأبواب غير موصدة تماماً أمام تطبيع وتحسين العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

أما الخيارالثالث والأخير بالنسبة للكاتب الصحفي، هو المقترح الذي تقدّمه تركيا، وهو تأسيس لجنة مشتركة من الخبراء حول منظومة "أس-400"، وبالتالي مواصلة التعاون بين البلدين في جميع القضايا بما فيها مقاتلات "أف-35".

ويعتقد "دوران" أن البيروقراطية الأمريكية تعارض هذا الخيار، رغم موافقة ترامب عليه.

وأضاف: "تصريحات أردوغان وجاويش أوغلو المذكورة أعلاه، هي بمثابة قذف الكرة في ملعب واشنطن. تصاعد التوتر بين البلدين في هذا الخصوص، يحمل من المخاطر التي من شأنها تحريض الأزمات والتوترات القائمة في المجالات الأخرى".

وتابع: "لا سيما وأن أنقرة أدارت أزماتها مع واشنطن حتى يومنا الحالي، بشكل محكم دون أن تخرج من سيطرتها. أما واشنطن، لم تفِ بأي وعد من وعودها التي قدمتها منذ عام 2013، وواصلت تجاهلها لمخاوف تركيا الأمنية."

واختتم الكاتب بالإشارة إلى أن لقاء أردوغان وترامب المزمع عقده في اليابان على هامش قمة العشرين، سيكون بمثابة المخرج الأخير قبل تعمّق الأزمة.

وقررت أنقرة في 2017، شراء منظومة "إس-400" الصاروخية من روسيا، بعد تعثر جهودها المطولة لشراء أنظمة الدفاع الجوية "باتريوت" من الولايات المتحدة، وتزعم واشنطن أن المنظومة الروسية، ستشكّل خطرًا على أنظمة "الناتو"، وهو ما تنفيه أنقرة.