الأربعاء 2019/11/27

واشنطن بوست: لماذا تراجعت حدة المواجهة الخليجية مع إيران؟

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً للمعلق "ديفيد إغناطيوس"، تحت عنوان "دعاة الحرب في الخليج العربي يجربون شيئا جديدا: الدبلوماسية".

ويبدأ إغناطيوس مقاله، بالحديث عن شيء مهم وغير معتاد في السياسة العالمية الذي يتزامن مع احتفالات عيد الشكر في الولايات المتحدة، فرغم المواجهة التي شهدها الصيف، فإن السعودية والإمارات تقومان بالبحث عن طرق للحوار مع طهران وحلفائها لخفض التوتر في اليمن ومناطق أخرى.

ويرى الكاتب أن "دول الخليج أصبحت تميل للحديث مع إيران وجماعاتها الوكيلة؛ لأنها فقدت الثقة جزئيا في الولايات المتحدة بصفتها حاميا عسكريا يمكن الاعتماد عليه".

ويشير إغناطيوس إلى أن "هذا كان ملمحاً واحداً من سياسة الرئيس دونالد ترامب (الشاذة)، الذي يتقلب بين تهديده بقصف إيران وتقربه للقادة الإيرانيين ودعوته للقاء، وهو ما دعا دول الخليج المرتبكة للحذر والحفاظ على رهاناتها عبر الدبلوماسية والاعتماد الكبير على روسيا والصين".

ويلفت الكاتب إلى أن "الولايات المتحدة تقوم في الوقت نفسه بحوارها الحساس مع إيران، من خلال قناتها السويسرية الدبلوماسية، والبحث في إمكانية تبادل السجناء، وعلى رأس قائمة السجناء العالم الإيراني مسعود سليماني، الذي اعتقل العام الماضي في شيكاغو، المتهم بمحاولة نقل مواد بيولوجية إلى إيران، ولدى الولايات المتحدة قائمة طويلة لعملية التبادل، ولو نجحت الجهود السويسرية على هذه الجبهة فقد تكون بداية اتفاق أمريكي- إيراني واسع النطاق".

ويفيد إغناطيوس بأن الجهود الحثيثة لحل الأزمة اليمينية جاءت من خلال زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي إلى واشنطن هذا الأسبوع، وهو البلد الذي أدى تقليديا دور الوسيط بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران من جهة أخرى، مشيرا إلى قول بن علوي، يوم الثلاثاء، إنه يأمل بتسوية للحرب في اليمن، حيث زار يوم الإثنين وزير الخارجية مايك بومبيو.

وينوه الكاتب إلى أن تفاؤل الوزير العماني جاء بسبب المحادثات التي جرت بين السعوديين وممثلي الحوثيين بعد الهجمات الأخيرة على السعودية، وقال: "حان الوقت للأطراف في اليمن لتسوية خلافاتها.. آمل أن يكون العام المقبل عاما عظيما لتحقيق هذا"، وتحدث بن علوي مع التلفزيون العماني بعد مقابلته بومبيو، قائلاً إن "هناك مشاورات ووساطة ورغبة في حل النزاع".

ويقول إغناطيوس إن "التقدم في اليمن حدث عبر اللقاءات السعودية مع المتمردين الحوثيين، وبتشجيع قوي من الولايات المتحدة، وبحسب الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، فإن من يقود التحرك من أجل التسوية في اليمن هو الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي وشقيق ولي العهد محمد بن سلمان، الزعيم المتهور الذي شن حربا مدمرة على اليمن في عام 2015، وكانت الإشارة الأخيرة عن تقدم في المحادثات هو إعلان السعودية يوم الثلاثاء الإفراج عن 200 من السجناء الحوثيين".

ويورد الكاتب نقلا عن دبلوماسي بارز في الخليج، قوله: "أنا متفائل.. قبل عام لم أكن قادرا على الحديث عن مشاركة السعودية في حوار، لكنني اليوم أقول ذلك بثقة".

ويعلق إغناطيوس قائلاً إن "التوتر قد خفَت على بقية الجبهات الأخرى أيضا، فبعد الهجمات الإيرانية في المياه الإماراتية في تموز/ يوليو، أرسلت الإمارات خفر سواحلها إلى طهران للحديث مع القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني، وأدى اللقاء إلى مذكرة تفاهم بين البلدين تتعلق بأمن الحدود البحرية".

ويشير الكاتب إلى أن "السعودية تدرس عددا من العروض من أجل التوسط بينها وبين إيران، من الكويت وعمان وباكستان وفرنسا واليابان، وحتى الآن لم تؤدِّ هذه العروض إلى حوار رسمي بين البلدين، وقبل بدء أي حوار، يريد السعوديون تعهدا إيرانيا بالتوقف عن تصدير الثورة واحترام سيادة جيرانها".

وينقل إغناطيوس عن مصدر سعودي قوله، إن المملكة قدّمت الطلب في رسالة خاصة إلى المرشد "علي خامنئي"، لكن إيران لم تقدم التعهدات المطلوبة، مشيرا إلى أن إيران تقوم بفحص الأجواء من خلال مقترحات دبلوماسية، ففي أيلول/ سبتمبر الماضي اقترح حسن روحاني ما أسماه "مبادرة مضيق هرمز"، التي تجمع الدول على جانبي الخليج للحوار بناء على معايير الأمم المتحدة من عدم التدخل أو العدوان، وشجعت الكويت المبادرة، لكن بقية دول الخليج التزمت الصمت، "ربما لأن المقترح لا يشرك الولايات المتحدة".

ويلفت الكاتب إلى أن مسؤولاً إماراتياً بارزاً أكد أن "التوجه هو نحو الدبلوماسية وخفض التصعيد"، محذرا من أن بلاده تريد تعهداً واضحاً من إيران بعدم التدخل في شؤونها.

وتورد الصحيفة نقلا عن كريم ساجدبور، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي، قوله: "الشكوك السعودية والإماراتية حيال إيران لم تتغير، وما تغير هو حساباتهما تجاه أمريكا، فقد اكتشفتا أن ترامب لا يدعمهما، وهما بحاجة إلى الدفاع عن أنفسهما".

ويرى إغناطيوس أن "السموم التي تغلي في منطقة الخليج تظل خطيرة، كما في الماضي، ولم تختفِ بعد مخاطر الحرب، ومضى شهران على الهجمات الإيرانية المدمرة على مصفاة تكرير البترول في بقيق، ولم يردّ السعوديون ولم يلوموا إيران علنا".

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "ما تحمله الريح هو عملية دبلوماسية تحمل بعض التقدم في اليمن، ويمكن أن تتوسع، لكن دون أي إشارة عما تريده الولايات المتحدة".