الخميس 2019/04/25

واشنطن بوست: المتظاهرون السودانيون يرفضون تدخُّل الإمارات والسعودية

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها من العاصمة السودانية الخرطوم، إن المتظاهرين السودانيين رفعوا شعارات ترفض أي تدخل للسعودية والإمارات في شؤون بلادهم، حيث رفعوا لافتات تؤكد أنهم يرفضون المساعدات السعودية حتى لو اضطروا لأكل "الفول والفلافل".

وتابعت الصحيفة أن الهتافات التي رفعها المتظاهرون السودانيون خلال الأيام القليلة الماضية، جاءت بعد أن أعلنت السعودية والإمارات تقديم 3 مليارات دولار للحكومة العسكرية الانتقالية في السودان التي أطاحت بالرئيس عمر البشير بعد 30 سنة من الحكم.

ورغم الإطاحة بالبشير، إلا أن الاحتجاجات استمرت في جميع أنحاء البلاد لتكون الأكبر التي يشهدها السودان منذ عقود، فبعد الإطاحة بالبشير يمارس المحتجون ضغوطاً على الجيش من أجل نقل السلطة بسرعة إلى مجلس مدني حتى يتمكن من إجراء انتخابات.

كما لأن الكثيرين من المحتجين السودانيين يخشون أن تستخدم الحكومات الملكية القوية مثل السعودية والإمارات ثروتها الهائلة لقمع الديمقراطية ودعم "الثورة المضادة" كما سبق وأن اتهموا بالقيام بذلك في أماكن أخرى، (في إشارة إلى الجارة مصر).

وقال محمد يوسف المصطفى، رئيس نقابة المهنيين السودانيين لـ"الواشنطن بوست"، إن عملية العودة الناعمة للنظام القديم تنظمها بعض القوى بالشرق الأوسط، حتى تتمكن من الحفاظ على حلفائها في السلطة، فـ"هم ليسوا أعداءنا، ولكنهم يخاطرون بحُسن نية الشعب السوداني".

في حين أن السفارة السعودية في واشنطن قالت: إنه "سيتم تقديم 500 مليون دولار للبنك المركزي السوداني كمساعدة لتخفيف الضغط عن الجنيه السوداني وتحسين الوضع المالي للبلاد، وسيكون هذا الدعم مخصصاً لدعم شعب السودان من خلال الغذاء والأدوية والمشتقات النفطية".

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة أعربت عن دعمها للاحتجاجات، لكن سنوات العقوبات وخطط عزل السودان أضعفت الدور الأمريكي في هذا البلد، الذي ما زال على قائمة الولايات المتحدة الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، في حين رُفعت معظم العقوبات الأمريكية عام 2017، بعد أن تركت تأثيراً كبيراً على الاقتصاد السوداني، أدى إلى ارتفاع التضخم إلى نحو 70%، العام الماضي.

ومساء الثلاثاء الماضي، قالت "واشنطن بوست" إن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ماكيلا جيمس، التقى رئيسَ المجلس الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، في الخرطوم، حيث أكد المبعوث الأمريكي أنه يجب أن يكون هناك جدول زمني من أجل الانتقال السريع للسلطة.

وترى الصحيفة الأمريكية أن هناك شعوراً بالخطر داخل السعودية والإمارات، بسبب التظاهرات الأخيرة في السودان والجزائر، بعد أن تمكنت كل من الرياض وأبوظبي من امتصاص زخم الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث استخدمتا أموالهما في دعم حلفائهما بمصر والبحرين وليبيا، وشجعت حلفاء آخرين مستبدين على الوقوف بوجه القوى الناشئة الجديدة.

هذا ويعتقد محللون أن السعودية والإمارات تعملان، على قدم وساق وعلى مدى السنوات الماضية، على هدف رئيس يتمثل في مواجهة النفوذ الإيراني، وسحق حركات الإسلام السياسي، ووقف انتشار عدوى الديمقراطية، التي قد تثير التطلعات السياسية لدى شعبَي الدولتين.

وتنوه الصحيفة إلى أن المتظاهرين السودانيين يدركون هذا الإرث، فلقد ناقشوا على مدى عدة أشهر، كيفية تجنُّب السيناريو المصري، فبعد احتجاجات 2011 وما تلتها من انتخابات نفذ السيسي انقلاباً عسكرياً، ليشكل حكومة دعمتها الإمارات والسعودية.

وقال خالد مصطفى مدني، أستاذ العلوم السياسية ورئيس برنامج دراسات أفريقيا بجامعة ماكجيل: إن "السعودية مستعدة للتدخل في معارضة الديمقراطية، ولكن هذه المرة كان هناك وعي".

وفي 2017، حاصرت السعودية والإمارات دولة قطر، كما أضافت "الواشنطن بوست"، متهمتين الدوحة بدعم إيران والجماعات الإسلامية مثل "الإخوان المسلمين"، هذا بالإضافة إلى المنافسة الاقتصادية بين هذه الدول.

السودان كان واحداً من بين المناطق التي شهدت تنافساً اقتصادياً بين الدول الخليجية، بحسب مدني؛ نظراً إلى موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر والأراضي الزراعية الوفيرة، فلقد استثمرت تركيا والسعودية وقطر والإمارات بكثافة في البلاد. هذا بالإضافة إلى مصالح مصر المجاورة، التي تسعى إلى تأمين تدفُّق نهر النيل وضمان عدم اندلاع احتجاجات في السودان قد تشجع المصريين بعد سنوات من قمع العسكر.

ويؤدي السودان دوراً مهماً في الحرب التي يقودها تحالف السعودية والإمارات في اليمن، حيث يزود هذا التحالفَ بآلاف من جنود المشاة، للمساعدة في قتال الحوثيين، ويرتبط المجلس العسكري الانتقالي في السودان ارتباطاً وثيقاً بهذا الجهد، فـ"البرهان" هو المسؤول عن تجنيد القوات التي تقاتل في اليمن، ونائبه محمد حمدان حميدتي يعتبر أحد قادة المليشيات التي كانت تقاتل في دارفور.