الأحد 2018/12/16

هل تفتح صراعات السياسة في العراق الباب أمام عودة تنظيم الدولة؟

يستعد عراقيون على قدم وساق للاحتفال بالذكرى الأولى لـ"نصر" قوات بلادهم على تنظيم الدولة، الذي سيطر على ثلث البلاد تقريباً لنحو 4 سنوات، لكن ثمة تهديد ما زالت تشكله تنظيمات  لم يُقض عليها.

ففي أكتوبر 2017، بدأت قوات حكومة بغداد تعلن نجاح عملياتها العسكرية التي انطلقت بدعم من التحالف الأمريكي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة، حتى وصل إلى الإعلان الكامل نهاية العام ذاته.

بقايا تنظيم الدولة ومسميات جديدة أخرى أطلقت على المجموعات ، واصلت القيام بعمليات عسكرية في جيوب صغيرة لم تستطع حكومة بغداد  الوصول إليها.

الأسباب التي ساهمت بظهور الجماعات في بلاد الرافدين، وفقاً لمراقبين في الشأن العراقي، لا تزال قائمة أو ربما عادت من جديد، وهو الأمر الذي يعيد المخاوف من عودة تنظيم الدولة أو تنظيمات أخرى.

- انتصار منقوص

مصدر عسكري من داخل مدينة الموصل، التي تركزت فيها الأعمال العسكرية ضد تنظيم الدولة في الأشهر الأخيرة للحملة، أكد لـ"الخليج أونلاين" أن بعض العراقيين غير راضين عن واقع العيش في مدنهم.

وقال: "رغم إعلان الحكومة الانتصار على تنظيم الدولة، فإن سكان المناطق المحررة غير راضين عن واقع العيش في مدنهم، خاصة عمليات الخطف والابتزاز وفرض الإتاوات من قبل بعض فصائل مليشيا الحشد الطائفي".

وأضاف المصدر، الذي رفض كشف اسمه لدواع أمنية: "حالة عدم الرضا على تصرفات فصائل الحشد الطائفي خلقت حاجزاً بين أهالي الموصل والقوات التي تتولى الملف الأمني في المحافظة".

ونقل استياء الأهالي من تدخل تلك المليشيات في الشؤون الإدارية لمحافظة الموصل، مشيراً إلى أن هذه الانتهاكات كفيلة وحدها بتحول المدينة إلى حاضنة جديدة للجماعات المسلحة.

وفي السابع من يوليو 2017، أعلن رئيس وزراء حكومة بغداد حيدر العبادي من الموصل، آخر معقل لتنظيم الدولة في العراق، تحرير المدينة بالكامل على يد قوات حكومة بغداد .

وكان تنظيم الدولة قد سيطر على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، في 9 يونيو 2014، بعد انسحاب مثير للجدل لقوات حكومة بغداد، وهو ما تطلب أكثر من ثلاث سنوات لاستعادتها.

- الموصل تسير نحو السوء

ويقول المواطن أحمد الحديدي لـ"الخليج أونلاين": إن الأوضاع في مدينة الموصل تسير نحو السوء؛ بسبب تعدد القوى التي تحاول كل منها فرض سيطرتها على المدينة، وتوسعة نفوذها على حساب سكانها.

وأضاف: "جميع هذه القوى المنتشرة في المدينة تنفذ حملات اعتقالات بين الحين والآخر، بدعوى البحث عن المطلوبين، ويجري خلالها اعتقال العديد من المواطنين الأبرياء؛ لتبدأ مرحلة الابتزاز والمساومة".

ولفت المواطن العراقي، الذي تحدّث كحال لسان كثير من العراقيين في مدينته، إلى أن" مئات الأبرياء اعتقلوا وضاع أثرهم بين هذه القوات التي يصل عددها إلى أكثر من 12 قوة وبتسميات مختلفة".

وأشار إلى أن" المضايقات والاختفاء القسري وفرض الإتاوات التي يتعرض لها سكان مدينة الموصل لا تختلف كثيراً عما كان يتعرضون له على يد عناصر تنظيم الدولة".

وحذر حكومة بغداد من استمرار الصمت تجاه ما يتعرض له سكان المناطق المحررة من مضايقات وانتهاكات؛ لكونها تخلق بيئة لعودة الجماعات ، لا سيما أن تنظيم الدولة ما زال يشكل تهديداً.

وكان مركز دراسات أمريكي قد أكد في تقرير سابق له أن تنظيم الدولة لم يسحق نهائياً في العراق، وقد أظهر نشاطاً متزايداً عبر شن مزيد من الهجمات في بعض المناطق.

وأشار التقرير الأمريكي إلى أن"حكومة بغداد لم تعالج العوامل المغذية للاضطرابات التي يستفيد منها تنظيم الدولة وجماعات أخرى، ومن ذلك الفساد المستشري وإعادة الأعمار".

ولفت أيضاً إلى حالة الركود الاقتصادي، ووجود مساحات لا تخضع لسيطرة السلطات، وهو ما يشكل حاضنة جيدة لانطلاق التنظيم مجدداً، والتوترات الطائفية التي تغذيها مليشيات طائفية مدعومة إيرانياً.

من جانبه، قال النائب كامل الغريري لـ"الخليج أونلاين": "إن العراق بات على أبواب ثورة سنية شيعية للتخلص من الظلم والاستبداد الذي لحق أبناء البلد من جراء فشل سياسة الحكومات المتعاقبة منذ 2003".

وأشار الغريري إلى أن سكان مناطق جنوبي العراق يعانون الأمر نفسه الذي يعيشه سكان المناطق المحررة من تنظيم الدولة في شمالي البلاد وغربيها.

وأرجع ذلك إلى الصراعات السياسية والمحاصصة الحزبية، محذراً من "تحول العراق إلى ساحة صراع، وانهيار العملية السياسية برمتها، واستمرار الفراغ السياسي الذي تعانيه حكومة بغداد منذ مدة".

يُشار إلى أنه بعد إعلان حكومة بغداد هزيمة تنظيم الدولة فإن التنظيم نفذ العديد من الهجمات وعمليات الخطف والقتل ضد القوات الأمنية في مناطق الموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك والأنبار.