الخميس 2020/08/06

“ميثاق جديد للبنان”.. مصادر تكشف تفاصيل لقاءات ماكرون في قصر الصنوبر

لم تكن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان عادية أو شبيهة بزيارة رئيس دولة إلى دولة أخرى، صديقة كانت أم لم تكن. منذ اللحظة الأولى، حاول أن يقول إنه آت لمد يد العون للبنانيين، وليس للبنان الرسمي. في الشكل حتى، فضل الرئيس الفرنسي أن يتفقد موقع الانفجار ويستمع للمواطنين الذين كانوا يلملمون ركام خسائرهم في الجميزة، بدل أن يبدأ زيارته من قصر بعبدا، كما كانت تجري العادة.

لا ثقة للمجتمع الدولي بلبنان الرسمي. هذا ما قاله مجدداً ماكرون، ولكن هذا ليس بجديد، بل هذا بالضبط ما سبق وقاله أكثر من مسؤول أجنبي، وكان آخرهم وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان. والرسالة الأبرز كانت "لا مساعدات من دون إصلاحات" مع لهجة عالية استخدمها الرئيس الفرنسي، وكأنه يوصل رسالة أخيرة إلى كُل من يهمّه الأمر.

وبعد وصوله إلى بيروت، أعلن ماكرون أنه سيقترح على المسؤولين اللبنانيين "ميثاقاً سياسياً جديداً لتغيير النظام"، وهو ما فتح باباً للكثير من التساؤلات حول ما يريده الرئيس الفرنسي وما الذي يحمله في جعبته، خاصة بعد سريان أخبار تتحدث عن أنه يحمل مبادرة متكاملة لما تراه فرنسا طريق الحل في لبنان.

لكن اللافت، أن ماكرون لم يقدم خلال اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين ورؤساء الأحزاب أي طرح شامل ولا أي ميثاق سياسي جديد. تقول مصادر مطلعة على أجواء اجتماعات الرئيس الفرنسي إنه "عرض مساعدته للبنان شرط أن تُساعده القوى السياسية المختلفة في مهتمه لإنقاذ لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها والتي زادت بعد الانفجار الذي وقع".

لكن، كيف سيُساعد ماكرون وما الذي ينتظره من اللبنانيين؟

تقول المصادر: "الرئيس الفرنسي، خلال لقائه مع السياسيين والأحزاب، طلب منهم أن ينأوا بلبنان عن الصراعات في المنطقة، أي ما يُشبه حديث لودريان عن الحياد، ويُركزوا على مكافحة الفساد والقيام بالإصلاحات المطلوبة، وهو بدوره سيتحدث مع الأميركيين والأوروبيين من أجل فصل الاقتصاد عن السياسة"، أي وبحسب المصادر "سيعمل ماكرون على إقناع نظيره الأميركي دونالد ترامب بأن يُخفف الضغط والحصار المفروض على لبنان مُقابل أن يُقدم اللبنانيون على النأي بأنفسهم عن الانقسام الحاصل في المنطقة".

وفرنسا، كانت من أكثر المرحبين بالتسوية التي حصلت عام 2016 والتي أتت بميشال عون رئيساً للجمهورية، وهي تعتمد سياسة مغايرة عن الدول الأوروبية وأميركا، في ما يخص التعامل مع مشكلة حزب الله وسلاحه، إذ تُفضل التغاضي عن الحديث عن السلاح مُقابل العمل على استقرار سياسي ـ اقتصادي.

في خلال جولته في منطقة الجميزة حيث احتشد من حوله مواطنون مطالبين بإسقاط النظام وبعدم تقديم الدعم للدولة اللبنانية، قال ماكرون: "أنا هنا لإطلاق مبادرة سياسية جديدة، هذا ما سأعرب عنه بعد الظهر للمسؤولين والقوى السياسية اللبنانية"، مشيراً إلى ضرورة بدء "الإصلاحات (...) وتغيير النظام ووقف الانقسام ومحاربة الفساد".

المبادرة السياسية التي تحدث عنها ماكرون، طرحها أمام من اجتمع بهم في قصر الصنوبر، لكن ظهر أنها ليست مبادرة بمعنى بمبادرة بل أفكار عامة تتمحور حول "تحييد لبنان. الاهتمام بالاقتصاد. إجراء الإصلاحات في قطاعات أساسية. الحوار". وتقول المصادر إن الرئيس الفرنسي تحدث عن "إمكانية تطوير النظام السياسي وهذا بحاجة لمقاربة جديدة وجدية".

لم يسمع ماكرون خلال اجتماعاته إلا كلمات من قبيل "نعمل على تنفيذ الإصلاحات" وهو يعلم، بحسب ما تقول المصادر، إن لا شيء من هذه الإصلاحات هو واقع بل شعارات، ويعلم أيضاً أن هذه الحكومة لا تستطيع أن تقدم أي جديد لكنه لم يطرح بأي شكل من الأشكال تغييرها، بل طلب الحوار والوحدة الوطنية لمواجهة الأزمة.

أنهى الرئيس الفرنسي زيارته السريعة إلى لبنان مع التأكيد أن "لا ثقة بالطبقة السياسية" من دون أن يغلق الباب على التعامل معها، وهو ينتظر ممن اجتمع معهم أن يحملوا له إجابات واضحة حول ما طرحه أمامهم من سبل للحل، حين يعود إلى لبنان بعد أكثر من شهر للمشاركة باحتفال مئوية لبنان الكبير.