الأربعاء 2020/06/03

لبنان “متخوف” من تأثير “قانون قيصر” ويبحث التعامل مع تداعياته

مع بدء العدّ العكسي لدخول "قانون قيصر" الأمريكي حيّز التنفيذ، يترقّب لبنان مفاعيله التي بدأت معالمها تظهر وستشكّل ضغطاً مضاعفاً على الحكومة في موازاة مفاوضاتها الشاقة مع صندوق النقد الدولي سعياً للحصول على مساعدات تشترط بشكل أساسي تطبيق الإصلاحات، وأبرزها في المعابر غير الشرعية مع سوريا.

ويرجّح أن يبحث "قانون قيصر" في مجلس الوزراء غداً من خارج جدول الأعمال، حسبما لفتت مصادر وزارية. وكانت الحكومة قد أصدرت بياناً قالت فيه إنها بصدد دراسة تأثير هذا القانون على لبنان والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حدوث ارتدادات سلبية على البلد، نافية أن يكون قد حدث أي التزام أو نقاش لهذا القانون في الجلسة السابقة، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام.

وكان الكونغرس الأميركي قد أقرّ قانون "قيصر" في ديسمبر كانون الأول 2019، وهو ينصّ على معاقبة كل من يقدّم أي مساعدة أو أي دعم أو أي تواصل مع النظام في سوريا.

وفي حين قال وزير الصناعة عماد حب الله، أمس، قبيل جلسة مجلس الوزراء إنه "لا يجب أن يكون هناك تأثير لـ(قانون قيصر) على الحكومة"، قالت مصادر وزارية لـصحيفة "الشرق الأوسط": "لا شكّ في أن لهذا القانون مفاعيله على لبنان؛ البلد الأقرب إلى سوريا مع حدوده المفتوحة عليها، لكن علينا ترقب كيف سيكون التنفيذ، وعلى ضوء ذلك سيتم تحديد الموقف اللبناني".

ويؤكد اللبناني نزار زكا، المعتقل السابق في إيران، والذي يعمل اليوم ضمن فريق "قانون قيصر"، لـ"الشرق الأوسط" أن عقوبات القانون ليست موجّهة ضد لبنان؛ "إنما هي تطلب من لبنان التعاون لتفادي أي إجراءات ضد الدولة في وقت لاحق، وتحديداً في العلاقات المالية والمصرفية بين بيروت ودمشق، ووقف التهريب بشكل نهائي". وفيما يلفت إلى عقوبات متوقعة ضد شخصيات لبنانية حليفة لـ"حزب الله" ونظام الأسد، يشدّد على أن هذا القانون "سيكون الأمل الأخير للبنانيين المفقودين في السجون السورية والذين يقدّر عددهم بـ630 شخصاً منذ الحرب اللبنانية، ويرفض النظام الاعتراف بوجودهم"، مؤكداً العمل بشكل حثيث لإنهاء هذه القضية ومعرفة مصيرهم، مشيراً إلى أن أحد الشهود السوريين كشف للفريق الذي يعمل على القانون عن أنه التقى عدداً منهم في سجن بسوريا قبل سنة ونصف السنة.

ويلفت زكا إلى أن الحكومة اللبنانية "ستكون ملزمة بمكافحة التهريب الذي يزداد في المرحلة الأخيرة إلى سوريا، وإلا تعدّ متواطئة، وستكون معرضة للعقوبات".

وعن العقوبات المتوقعة ضد شخصيات حليفة لنظام الأسد و"حزب الله"، يقول زكا: "من الآن فصاعداً؛ لن يكون مقبولاً أي حجج لتبرير علاقات البعض، لا سيما التجارية والمالية، مع (حزب الله) والنظام السوري، وهؤلاء سيكونون معرضين للعقوبات التي سيعلن عنها على 4 دفعات من 17 يونيو حزيران حتى آخر شهر أغسطس (آب)". ويحذّر كل المؤسسات والأشخاص الذين سبق لهم أن بدؤوا أعمالهم ونشاطاتهم في سوريا تحت ما تسمى "إعادة الأعمار"، مؤكداً أن هؤلاء سيكونون أيضاً إذا استمروا في خططتهم، عرضة للعقوبات.

ويؤكد مدير "معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية" سامي نادر أن لبنان "سيكون في صلب تداعيات (قانون قيصر) إذا لم يلتزم بضبط المعابر غير الشرعية والشرعية على حد سواء؛ حيث التهريب إلى سوريا يتم دون حسيب أو رقيب"، مشيراً في الوقت عينه إلى "انعكاسات هذا القانون، الذي يطال أركان النظام السوري، المالية والعسكرية، وبالتالي ستكون في مرماه أيضاً المصارف اللبنانية الموجودة في سوريا، والعمليات المالية بين لبنان ودمشق، وهو ما سيرتّب على لبنان إجراءات جديدة وحاسمة".

ويطرح نادر علامة استفهام حول مصير "المجلس الأعلى اللبناني – السوري"، وما سيحلّ به نتيجة العقوبات، ويرى أن الحكومة الحالية "أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الالتزام بهذا القانون، وإما تجويع الشعب اللبناني".