الأربعاء 2020/02/05

لبنان.. اتهامات لقوات الأمن باستخدام “القوة المفرطة” لقمع المحتجين

تشهد الاحتجاجات الشعبية في لبنان منذ فترة، فصلًا جديدًا من العنف بين المحتجين وقوات الأمن، تستخدم فيه الأخيرة الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيّل للدموع لتفريق المتظاهرين.

وأثار استخدام الرصاص المطاطي جدلًا في لبنان، لجهة خطورته ومدى قانونيته، وذلك بعد تعرّض محتجين لإصابات دائمة، بينها خسارة العين، وسط اتهامات لقوات الأمن باستخدام "قوة مفرطة".

ورفضًا لمشروع حكومي لفرض ضرائب جديدة على المواطنين، اندلعت بلبنان، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية، أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة، في التاسع والعشرين من ذلك الشهر.

وفي مشاهد غير مسبوقة، احتشد محتجون سلميون من مختلف أنحاء البلاد، وسط العاصمة بيروت، مطالبين باستعادة الأموال المنهوبة، ورحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.

وفي أعنف واقعة منذ بدء الاحتجاجات، أطلقت قوات الأمن الرصاص المطاطي على محتجين نظموا اعتصامًا أمام أحد مداخل البرلمان وسط بيروت، في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي؛ ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص، بينهم صحفيون ومصورون ونشطاء.

وقال الأمين العام للصليب الأحمر في لبنان، جورج كتانة، لوكالة الأناضول، إن "فرق الصليب الأحمر تواجدت في التظاهرات بوسط بيروت وبجميع المناطق اللبنانية، منذ انطلاق الاحتجاجات".

وأضاف أنه "في الأسابيع الماضية ارتفعت أعداد الإصابات لاستخدام الرصاص المطاطي كما قيل لنا".

وتابع كتانة: "الصليب الأحمر أسعف حالات على الأرض ونقل إصابات تتطلب متابعة للمستشفيات القريبة، وقام بواجبه على أكمل وجه مع المحتجين، كما مع القوى الأمنية".

سحل ورصاص مطاطي:

أحد المصابين بالرصاص المطاطي، وهو الناشط طارق البعيني، قال للأناضول: "قبل إصابتي، استخدمت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع بشكل مفرط، ولحظة هروبنا أطلقت الرصاص المطاطي عن مسافة قريبة، وأصابت فخذي الأيسر".

وقال طارق أبو صالح (ناشط) للأناضول: "تعرّضت للضرب من القوى الأمنية خلال تصويري مواجهات بين متظاهرين والقوى الأمنية وسط بيروت، ليل 22 كانون الثاني (يناير الماضي)، وأرادوا اعتقالي من دون سبب، لكن الجيش تدخل لصالحي وحماني أكثر من مرة".

واستطرد: "فجأة بدأت عناصر مكافحة الشغب بضربي على ظهري ورأسي وبسحلي على الأرض، وهنا بدأت الصراخ للتأكيد لهم أنني لم أتعرّض لهم نهائيًا، لكنّ الجيش تمكن من إنقاذي".

معايير استخدام "المطاطي":

بدوره شدد لؤي غندور، محامٍ خبير في القانون الدستوري، على أن "التظاهر وحرية التعبير عن الرأي حقوق مصانة في مقدّمة الدستور اللبناني، وبالتالي القوى الأمنية لا تستطيع منع الثوار من ممارسة حقهم بالقوّة".

وتابع غندور للأناضول: "على القوى الأمنيّة أن تفرّق جيدًا بين المتظاهر السلمي والغاضب عند استخدامها القوة".

واعتبر غندور أن "القوى الأمنية تتعاطى مع المتظاهرين الغاضبين بعنف، من خلال استخدام القنابل الدخانية والرصاص المطاطي، بينما في القانون، وفي هكذا حالة، يجب أن تكون ردة الفعل متناسبة مع الفعل".

وأردف أن "استخدام الرصاص المطاطي يأتي في المرحلة الأخيرة، في حال وجود خطر كبير على قوى الأمنية، ولا يمكن للرصاص المطاطي أن يصوّب إلا على الأقدام، ومن مسافة بين 40 و80 مترًا، وفق إرشادات الأمم المتحدة حول استخدام الأسلحة الأقل فتكًا".

وشدد غندور على أن "المتظاهرين يرفعون أصواتهم، ويمارسون حقهم بصورة سلمية، وعلى السلطة أن تحمي هذا الحق".

وأُطلقت حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان تضامنًا مع الجرحى، الذين أصيبوا في أعينهم خلال الاحتجاجات.

محاولة لإقصاء الثورة:

وقال مارك ضو، ناشط سياسي، للأناضول: "لا يوجد أيّ مبرر لاستخدام السلطة العنف ضد المحتجين، سوى محاولة إقصاء الثورة من الشارع والساحات، بحجة وجود خطر على المرافق (المؤسسات العامة) العامّة".

واعتبر أن "إعطاء الأوامر باستخدام الرصاص المطاطي هو مؤشر خطير جدًا على اتباع استراتجية قمعية للتظاهرات".

وتابع "ضو" بأن "الإصابات في صفوف القوى الأمنية كانت طفيفة؛ لأنها اتخذت احتياطاتها".

"نكافح الشغب":

في المقابل، أوضح مصدر أمني رفيع المستوى، طلب عدم نشر اسمه، للأناضول، إن "الرصاص المطاطي من عتاد مكافحة الشغب، ويُمكن استخدامه في حال الخطر الشديد مع ازدياد الاعتداءات على العناصر الأمنية".

وأضاف أن "القوى الأمنية لم تستخدم العنف ولا الرصاص المطاطي إلّا خلال يومين أو ثلاثة من أصل 100 يوم من الاحتجاجات".

وختم المصدر بأن "القوى الأمنية طلبت عبر مواقع التواصل، من المتظاهرين السلميين الابتعاد من الساحة (الاحتجاجات) قبل اتخاذ أي إجراء لمكافحة الشغب، والهدف ليس القمع نهائيًا، وإنما مكافحة الشغب".