الخميس 2020/01/02

“عام صاخب”.. واشنطن بوست تكشف توقعاتها للشرق الأوسط في 2020

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً لـ"مارك لينتش" تحدث فيه عن عام 2020 ووصفَه بـ"الصاخب" بالنسبة الشرق الأوسط. وقال إن الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد هو البداية، وتحدث عن ثلاث اتجاهات علينا أن نراقبها في العام الحالي.

وقال إن المتابع لا يحتاج إلى عرّاف كي ينظر إلى البلّورة ويرى ما سيحدث في الشرق الأوسط، ففي ليبيا اتخذت الحرب الأهلية انعطافة خطيرة بوصول المرتزقة الروس والقوات التركية التي دخلت في المعركة التي يحاول فيها الجنرال خليفة حفتر السيطرة على العاصمة طرابلس.

أما اليمن فلا يزال يعاني من آثار الحصار الاقتصادي والحرب، رغم جهود الأطراف المتصارعة لتخفيض التوتر. وفي سوريا تتغير فيها الحرب جالبة معها موجات جديدة من اللاجئين الهاربين من العنف في إدلب. وتواجه حكومة العراق موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية والتي تستعد لتداعيات المواجهة بين أمريكا وإيران.

وربما تغيرت العلاقة بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية حيث بات حل الدولتين خارج النقاش. كما ستهزّ الاحتجاجات الشعبية نصف الأنظمة في الشرق الأوسط.

ومن هنا فإن التوجه الأول الذي يجب النظر إليه هو، كل حكومة في المنطقة تترقب نتائج الانتخابات الأمريكية 2020.

ففي العادة عندما تتغير الحكومات الأمريكية تظل سياستها الخارجية في الشرق الأوسط ثابتة. ولم يعد هذا هو الحال. فلو حل الديمقراطيون محل دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، علينا أن نتوقع تغيرا في السياسات من قضايا متعددة مثل الاتفاق النووي مع إيران، والعلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية، العلاقة مع تركيا والتحالف مع دول الخليج، ولو بقي ترامب فإنه سيُطلق العنان لسياساته الجدلية والتي يرى أن انتصاره الثاني يعني صحّتها.

ويقول "لينتش" إن ولي العهد السعودي والإمارات وإسرائيل، وضعت كل رهاناتها على رئاسة ترامب. وهو ما أعطى هذه الأطراف حصانة شبه كاملة للقيام بمغامرات إقليمية وجرائم مثل قتل صحفي "واشنطن بوست" جمال خاشقجي، وفي السياسات الداخلية. وجاءت هذه العلاقة القريبة بثمن، حيث اعتبر الكونغرس والرأي العام الأمريكي هذه الدول كحلفاء للجمهوريين. فلو وصل الديمقراطيون إلى الحكم فيجب على السعوديين تحديداً توقع تداعيات خطيرة. ومن هنا فالطريقة التي ستقيّم فيها هذه الدول الإدارة الأمريكية القادمة ستحدد السياسات والقرارات التي ستتخذها في الأشهر المقبلة.

التوجه الثاني الواجب رصده هو أن النزاعات في منطقة الخليج بات من الصعب التحكم بها. ففي الوقت الذي أدت سياسة ترامب القائمة على ممارسة أقصى ضغط لدمار اقتصادي إيراني، إلا أنها لم تحقق أي نتائج استراتيجية ملموسة. فرغم ما يعانيه النظام الإيراني من مشاكل داخلية فإنه لن ينهار.

وقامت طهران والجماعات الوكيلة عنها بشن سلسلة من الهجمات على المصالح الأمريكية، بعدما يئست من حدوث انفراجة دبلوماسية. وعندما لم يحدث أي رد على الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط في خليج عمان، قامت كتائب "حزب الله" بضرب أهداف أمريكية في العراق.

وفي الوقت الذي تجنّبت فيه كل الأطراف التصعيد، سيكون من الصعب احتواؤه في الفترة القادمة. وعلينا توقّع مزيد من التصعيد في منطقة الخليج بين الولايات المتحدة وإيران وفي العراق وسوريا ولبنان.

ورغم محاولة تجنب الولايات المتحدة وحلفائها وإيران التصعيد، إلا أن كثرة المخرّبين وعدم الوضوح في السياسة الأمريكية تعني تصعيداً غير مقصود. وبدون حدوث مواجهة أمريكية- إيرانية سيعاني العراق من الأضرار الجانبية لاستمرار النزاع، فهو موزع بين علاقته القريبة مع جارته إيران ومع الولايات المتحدة.

ومما يثير الدهشة أن ترامب تخلى عن الإجماع، ودعم الحكومة التي خلقتها أمريكا في العراق، وركز كل سياساته على مواجهة إيران والجماعات المتحالفة معها. وكانت الغارة الأمريكية على كتائب "حزب الله" دافعاً لرد من المليشيات التي اقتحمت مجمع السفارة الأمريكية في بغداد. وساهم ترامب بحرف الغضب الشعبي ضد إيران وتوجيهه ضد أمريكا. وعلينا ألا نندهش لو بدأ ساسة العراق المطالبة بخروج القوات الأمريكية من بلادهم.

التوجه الثالث والأخير هو التظاهرات التي لن تتوقف وتيرتها، فقد شهد عام 2019 احتجاجات في عدد من الدول العربية نافست تظاهرات الربيع العربي، وأدت هذه إلى تغيير في النظام السياسي بالجزائر والإطاحة بنظام عمر حسن البشير في السودان، ولاستقالة رئيسي وزراء لبنان والعراق.

وسيشهد العام الجديد تظاهرات أكثر، حيث بدأت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان بالتقاطع مع حركة الاحتجاج بطرق غير مسبوقة.

وبرحيل قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح وانتخاب رئيس جديد، فهناك فرصة للتغيير الحقيقي في البلاد. وستتعرض عملية التغيير الديمقراطي في السودان للامتحان.

وفي مناطق أخرى من العالم العربي تتزايد النقمة الاجتماعية بسبب تزايد نسب البطالة والفساد والقمع. وفي حال نجحت التجربة السودانية، فإنها ستعطي بريق أمل لحركة الاحتجاج عام 2020، بعدما تعلم المحتجون من مظاهر الفشل السابقة وأظهروا نوعا من العزم والانضباط. وهذا لا يمنع من تحول بعض حركات التظاهر للعنف عندما يقوم فصيل متعجّل بالرد.

ففي إيران سحقت قوات الأمن حركة الاحتجاج عام 2019، ولكن خروج الناس كشف عن المظالم والغضب.

ولم تتوقف محاولات قوات الأمن العراقية واللبنانية لقمع المتظاهرين، وربما أدى استمرارها إلى تصعيد غير محسوب. وعلينا ألا نندهش لو اندلعت حركة العنف في دول أخرى هذا العام.

فالحكومة في مصر كثّفت من العنف واعتقلت المتظاهرين وأغلقت المجتمع المدني، في وقت عانى فيه الاقتصاد. وبنفس السياق، عانى اقتصاد الأردن بسبب اللاجئين السوريين وانخفاض الدعم الخليجي وما سيتبع ذلك في حال ضمت إسرائيل مناطق في الضفة الغربية.

أما عُمان، فحاكمها في حالة صحية حرجة وسيكون خليفته مهماً لجيرانها المتناحرين. وفي سوريا من الصعب تخيّل حركة احتجاج جديدة، ولا يمكن للنظام الخروج من الأزمة بسهولة.