السبت 2018/10/13

صحيفة بريطانية:كيف حوّلت قطر الحصار من أزمة إلى فرصة؟

قالت  صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن قطر نجحت في الحفاظ على اقتصادها رغم الحصار الذي فرضته عليها دول عربية قبل عام، بل استفادت من هذه الأزمة.

وتابعت الصحيفة البريطانية، مقارنة بما كانت قد تؤول إليه الأمور، كان هذا العام جيداً بالنسبة للبنوك القطرية. وربما جعلت اضطرابات العام الماضي اقتصاد قطر، ومن ثمَّ قطاعها المصرفي، في وضع أفضل من ذي قبل.

أدى الحصار الذي قادته 4 دول عربية، على رأسها السعودية ضد قطر في يونيو/حزيران 2017، إلى ما كان يمكن أن يكون انسحاباً كارثياً للودائع الأجنبية من البنوك القطرية.

ووفقاً لمصرف قطر المركزي، انخفضت ودائع غير المقيمين لدى البنوك التجارية بمقدار 47 مليار ريال (13 مليار دولار) من مايو/أيار 2017 حتى نهاية العام، لتنخفض حصتهم من جميع الودائع من 24% إلى أقل من 17%.

وقد صعَّدَ سحب ودائع العملاء الأجانب بين البنوك إلى أن بلغت الخسائر الإجمالية للنظام المصرفي نحو 30 مليار دولار في غضون ستة أشهر بعد الحصار، وفقاً لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، بحسب الصحيفة البريطانية.

دول الحصار سحبت ودائعها

ويقول مُحلِّلون للصحيفة البريطانية إنَّ الودائع من دول الحصار -السعودية والإمارات والبحرين ومصر- سُحِبَت بالكامل، في حين طالب المودعون من الدول الأخرى رفع أسعار الفائدة.

لكنَّ الحكومة القطرية تدخلت، وتدفقت ودائع القطاع العام لتتغلب على عمليات انسحاب غير المقيمين بمُعامِلٍ مقداره 2,5.

وكانت النتيجة أنَّه على الرغم من أزمة التمويل، تحَسَّن الفارق بين ما دفعته البنوك للمودعين وما حصلت عليه من المقترضين بواقع 41 نقطة أساس خلال عام 2017، وفقاً للمحللين في شبكة HSBC للخدمات المصرفية.

وبحلول يونيو/حزيران من هذا العام، انخفضت حدة الضغط؛ إذ تعافت ودائع غير المقيمين إلى 150 مليار ريال من أدنى مستوى لها بلغ 137 مليار ريال في نهاية عام 2017، وفقاً لمصرف قطر المركزي. وإجمالاً، عاد للنظام المصرفي حوالي 9 مليارات دولار من التمويل الأجنبي، بحسب ما قالته وكالة فيتش.

وقد أدى التوقف المفاجئ ليس فقط لودائع غير المقيمين، بل أيضاً للبضائع من أماكن أخرى في الخليج، إلى حملة عاجلة نحو الاكتفاء الذاتي في السلع التي ربما لم تكن لتنتجها قطر قط لولا الحصار؛ حتى أنَّها قامت بنقل الأبقار جواً لتأمين إمدادات الحليب.

يقول ريدموند رامسديل، رئيس التصنيفات المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي لدى وكالة فيتش: «حقَّقَت قطر نجاحاً كبيراً في إدارة تأثير الحصار. بالتأكيد كان هناك دفعة للاستدامة بالاعتماد على الذات». و كما يضيف، قد غذى القطاع المصرفي، إذ توسعت البنوك في إقراضها إلى قطاعات جديدة من الاقتصاد خارج صناعة النفط والغاز، بحسب الصحيفة البريطانية.

الحصار كان مفيداً لقطر

ويقول رامسديل: «اتضح أنَّ الحصار كان مفيداً. مما نسمعه من البنوك، كان هناك تنوع جيد في التعامل مع صناعات أخرى».

وساعد في ذلك بدء أسعار النفط في التعافي على الفور بعد فرض الحصار؛ ارتفع سعر خام برنت من حوالي 45 دولاراً للبرميل في يونيو/حزيران من العام الماضي إلى أكثر من 85 دولاراً للبرميل اليوم. وهذا يضعها بكل أريحية فوق سعر «التعادل» الذي تتوازن عنده ميزانية الحكومة، والذي تقدره وكالة فيتش بحوالي 64 دولاراً للبرميل هذا العام.

وبالفعل فإنَّ الانتعاش في أسعار النفط سيُحوِّل عجز الميزانية الحكومية الذي يُعادل 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017 إلى فائضٍ يُعادل 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام و6.5% في العام المقبل، حسب تقديرات وكالة فيتش.

وسيدعم ذلك القطاع المصرفي بعاملٍ وقائي متماسك، إذ تقف الحكومة على استعدادٍ للتدخل إذا صارت هناك مشكلةٌ في التمويل الأجنبي مرة أخرى.

ومع ذلك، من غير المُحتَمَل أن تتعافى قطاعات السياحة والبيع بالتجزئة بسرعة.

ماذا لو أنهت أميركا الحصار؟

كان هناك أيضاً بعض التراجع في الإنفاق على البنية التحتية المرتبطة ببطولة كأس العالم لكرة القدم والتي ستقام في قطر عام 2022، على الرغم من أنَّ انتعاش أسعار النفط، وأسعار الغاز الطبيعي المسال، التي تعد قطر أكبر مصدر له في العالم، أعاد بعضاً من هذا الإنفاق إلى مساره الصحيح.

على أية حال، فإنَّ بعض الغموض المحيط بوضع بقطر قد يزول قريباً، إذ تحولت الولايات المتحدة من دعم الحصار الذي تقوده السعودية إلى الدعوة لإنهائه.

يقول كريسانيس كروستينز، مدير التصنيفات السيادية في الشرق الأوسط وإفريقيا لدى وكالة فيتش: «كان السؤال العام الماضي هو ما الذي قد يحدث لاحقاً. أما الآن، على الرغم من أنَّنا لا نستطيع أن نقول متى قد ينتهي النزاع، لا يبدو أنَّ هناك دافعاً لأي تصعيد. وبالنظر إلى ذلك وإلى أسعار النفط الداعمة، تمكنت قطر من التعامل مع الأزمة على ما يرام».