الأربعاء 2020/05/06

رويترز: كورونا يعزز مكانة “خليفة محتمل” لمحمود عباس

أصبح رجل واحد بطل المعركة التي يخوضها الفلسطينيون مع مرض ”كوفيد-19“، وهذا الرجل ليس الرئيس محمود عباس.

تقول وكالة رويترز، إن هذا "البطل" هو خبير الاقتصاد الذي تحول إلى السياسة.. رئيس الوزراء محمد أشتية، والذي أثار صعود نجمه في معركة فيروس كورونا تكهنات كثير من الفلسطينيين بأنه قد يخلف، يوماً، عباس البالغ من العمر 84 عاماً في الرئاسة.

ويُحسب لأشتية أن الجهود التي بذلتها السلطة الفلسطينية لمنع انتشار الفيروس، ساعدت في تعزيز الصورة الداخلية لكيان طالما اعتبره البعض فاسداً وعقيماً.

وأظهر استطلاع أجراه في الآونة الأخيرة "مركز القدس للإعلام والاتصال" أن نحو 96 في المئة من الفلسطينيين في الضفة الغربية يثقون في الطريقة التي تعاملت بها السلطة الفلسطينية، بإشراف أشتية، مع الوباء.

وسجلت الضفة الغربية 354 إصابة وحالتي وفاة فقط. وبعد تفشي المرض في بيت لحم في مارس آذار، سارعت السلطة إلى فرض إجراءات العزل العام، خوفاً من أن يواجه نظامها الصحي الضعيف ما يفوق طاقته.

وقال المحلل السياسي "أكرم عطا الله" إن الأزمة الحالية عززت صورة أشتية، وأكدت الانطباع بأنه قد يكون الرئيس المقبل.

وأضاف: "هذه الأزمة زادت من حضور الدكتور أشتية وأعطت انطباعات أن اشتية يمكن أن يكون الرئيس القادم".

ومضى قائلاً: "الرجل قدّم نفسه بشكل جِدي وتمكن من أن يظهر بصورة الإداري الناجح، القائد الذي يمكن أن يوثق به لإدارة الأزمات".

ويقول أشتية باستمرار إنه لا يطمح إلى الرئاسة، مفسحاً الطريق بدلاً من ذلك للزملاء الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح المهيمنة عليها منذ زمن طويل.

وقال مسؤول مقرب من أشتيه يوم الأربعاء إنه "لا أحد يتحدث عن الخلافة". وأضاف المسؤول الذي رفض نشر اسمه: "رئيس الوزراء يركز جهده ووقته على طريقة للنجاح في إخراج الجميع من أزمة فيروس كورونا المستجد".

*سلاح ذو حدين:

ويمكن القول بكل تأكيد إن عباس لا يزال يقبض على زمام السلطة بصفته الرئيس ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

فالرئيس الفلسطيني هو من يملك في نهاية الأمر سلطة فرض إجراءات العزل العام ورفعها، ويقوم بذلك من خلال بيانات صحفية أو الظهور على التلفزيون في مناسبات نادرة.

لكن أشتية، الموالي لحركة فتح والذي يصغر عباس بعشرين عاماً، هو من يعتلي المنصة في ظهور أسبوعي لطمأنة الفلسطينيين.

وساعد ذلك في صعود نجمه حتى الآن. لكن هذا الصعود سلاح ذو حدين. فإذا ساءت الأمور، من المرجح أن يوجه إليه قدر كبير من اللوم.

إن فهم رئيس الوزراء للقضايا المالية التي يواجهها السكان الفلسطينيون أكسبه الاحترام. وولد أشتيه في قرية تل، بالقرب من نابلس، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراة في التنمية الاقتصادية من جامعة ساسكس في بريطانيا.

وقبل أن يُعينه عباس في منصب رئيس الوزراء عام 2019، كان أشتية الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة يرأس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار، وهو مؤسسة للتنسيق مع المانحين.

لكن البعض ينتقدون ما يصفونه بخلفيته "الرأسمالية" وهو نفس الانتقاد الذي واجهه أيضاً سلفه التكنوقراط "سلام فياض"، الذي كان يُنظر إليه على أنه قريب بشكل أكثر مما يلزم من الغرب.

مياه راكدة:

وأصبحت المؤسسات السياسية الفلسطينية في حالة ركود، فلم يتم إجراء أي انتخابات رئاسية أو برلمانية منذ أكثر من عقد من الزمن، وسيرث من يخلف عباس، أياً كان هو، الكثير من المشاكل.

وانهارت المفاوضات مع إسرائيل عام 2014، وتدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة بصورة غير مسبوقة، وأصبحت قاعدة النفوذ للسلطة الفلسطينية محصورة الآن في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007.

وبعيداً عن فيروس كورونا المستجد، فشل أشتية في المصالحة مع "حماس"، وتتعرض حكومته لضغوط بسبب خفض المساعدات الأمريكية والنزاعات الخاصة بالضرائب والتجارة مع إسرائيل.

كما يواجه أشتية معارضة داخلية من صناع القرار وقادة الأمن في "فتح" الذين يطمحون هم أنفسهم في القيادة، حسبما قالت مصادر داخل الحركة.

وقال مصدران من فتح لرويترز، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن بعض الشخصيات البارزة التي دعمت أشتية في البداية، أصبحت تعتبره الآن "تهديداً" لها. وقال أحدهما: "اعتقدوا أنه ممكن أن يكون موظفاً عندهم" .

وأضاف: "الرئيس بيده القوة، وهو يضع يده على الأمن ووزارة الخارجية والمالية وكلمته تعلو على كلمة رئيس الوزراء".

لكن المسؤول في فتح فهمي الزعارير قال إن تركيز أشتية الأساسي ينصب على الجائحة وليس الخلافة.

وأضاف: "الحكومة الحالية برئاسة الدكتور أشتية تعمل في أصعب المراحل.. يوجد تعويل كبير على رئيس الوزراء أن ينجح في الخروج من هذه الأزمة وعلى الجميع أن يدعمه".