الأثنين 2020/11/30

رفع الدعم.. أزمة محتملة تؤرق المستهلكين في لبنان

لا تزال وتيرة التخوفات حاضرة لدى الشارع اللبناني، من إعلان المصرف المركزي، رفع الدعم عن السلع الرئيسة المستوردة، وأبرزها القمح والأدوية والحبوب والوقود بأنواعه.

ويبيع مصرف لبنان الدولار لموردي السلع الرئيسية، ومنها الأدوية، بسعر أقل من سعر السوق الموازية (غير الرسمية).

ويبلغ سعر الدولار الواحد في السوق الموازية 8100 ليرة، مقابل 1515 ليرة في السوق الرسمية، بينما يبلغ متوسط 3200 ليرة، السعر المدعوم من المركزي.

يأتي ذلك، بينما تخيّم على البلاد أزمة اقتصادية خانقة، وسط انهيار مالي واجتماعي يرافقهما انهيار متواصل للعملة المحلية، في ظل فرضية قوية لتوجه السلطة إلى رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والمحروقات والدواء.

وفي أكثر من مناسبة، أعلن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أنه لا يمكنه استخدام الاحتياطي من النقد الأجنبي لتمويل التجارة، بمجرد بلوغ هذا الاحتياطي الحد الأدنى.

من هنا علت الأصوات النقابية محذرة من اتخاذ أي خطوة في هذا الصدد وإلا الاحتجاج سيكون سيد الموقف.

 

تشكيل الحكومة:

قال رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر: "بلّغنا لجنة الاقتصاد في مجلس النواب، أنّنا ضد رفع الدعم لأنه سيؤدي إلى كارثة اجتماعية، وسيكون له انعكاسات على الطبقة الوسطى والفقيرة كما العمالية".

وفي حديثه مع وكالة الأناضول، شدد الأسمر على "ضرورة التشاور حول الحلول"، معتبرا أن "الحل في هذه الأزمة هو تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ قرارات إجرائية مناسبة، يرافقها مناخ سياسي مستقر بالحد الأدنى".

"الحلول لا يمكن أن تعالج إلا بحكومة تؤمّن حلولاً جذرية لتعكس استقراراً اقتصادياً، من خلال تمتعها بثقة في الداخل كما الخارج من خلال تعاطيها الإيجابي مع العالم والمنظمّات الدولية".

ونبّه الأسمر في ختام حديثه مع الأناضول من رفع الدعم، قائلًا: "فور الإعلان عن أي خطوة في هذا السياق سننزل إلى الشارع، لأن ما يحصل غير مقبول".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ترأّس الرئيس ميشال عون اجتماعاً بمشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، خُصّص لبحث الرصيد الاحتياطي لدى المركزي، لتحديد فترة الدعم المتبقية.

وما يزال يعاني لبنان، من تداعيات انفجار المرفأ الكارثي في 4 أغسطس/ آب الماضي، الذي خلّف مئات القتلى والجرحى، بجانب دمار مادي هائل في البنى التحيّة.

ترشيد الدعم:

من جهته، كشف الخبير المالي والاقتصادي، باتريك مارديني، أن "الدعم في لبنان بحاجة إلى ترشيد، أي إلى الإدارة الرشيدة ولا سيما وأن الدعم لا يصل إلى كافة المواطنين، لأن هناك سلع مدعومة تهرب إلى الخارج".

وقال مارديني للأناضول: "مع اتباع سياسة الدعم لبعض السلع والمواد، يقوم بعض التجار بتهريبها إلى الخارج لأنّها أرخص ولا سيما وأنها مدعومة من جانب مصرف لبنان بجزء من احتياطه".

وانتقد سياسة الدعم المتبعة، موضحاً "أنا مع ترشيد الدعم لأن مصرف لبنان يقوم بدعم المواد من خلال احتياط المودعين، واليوم بدأ مصرف لبنان باستخدام الاحتياطي الإلزامي الذي يبلغ 17 مليار دولار".

وأضاف مارديني: " المصرف المركزي ليس باستطاعته أن يستخدم مبلغ الاحتياطي، مع ظهور معلومات غير مؤكدة عن خفضه، (أي الاحتياطي الإلزامي) للسماح لمصرف لبنان من استخدام أموال المُودِعين على الدعم".

والاحتياطي الإلزامي، هي مبالغ تمثل نسبة معينة من ودائع العملاء لدى البنوك، تكون مخصصة لدى البنك المركزي، ولا يتم استخدامها إلا في الحالات الطارئة، وبعد استنفاد رزمة من الخيارات الأخرى لتوفير السيولة.

في الحالة اللبنانية، تبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي، 15 بالمئة من إجمالي الودائع، بينما تبلغ في بلدان أخرى مثل الأردن 5 بالمئة، وفلسطين 9 بالمئة.

ويواجه لبنان تراجعاً متسارعاً في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، مع تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محلياً، وسط هبوط حاد في سعر صرف الليرة.

إلا أن البنك المركزي يملك كميات من احتياطي الذهب، البالغ حجمها حتى مطلع الشهر الجاري، 286.8 طناً، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

وقبل فرضية رفع الدعم من قبل مصرف لبنان، فإن البلاد تشهد قفزات متسارعة في أسعار المستهلك داخل السوق المحلية.

وقفز تضخم أسعار المستهلك في لبنان بنسبة 136.8 بالمئة على أساس سنوي، خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحت ضغوط ضعف سعر الليرة أمام الدولار في السوق المحلية.

وذكرت إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، الأربعاء الماضي، أن مؤشر أسعار المستهلك صعد بنسبة 3.89 بالمئة على أساس شهري، مقارنة مع سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويقيس مؤشر أسعار المستهلك في البلاد، التغيرات في أسعار مجموعة من السلع والخدمات التي تستهلكها الأسر المحلية، والتي تؤثر على القدرة الشرائية.

يعاني لبنان منذ شهور، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، أدت إلى تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية، وانخفاض في القدرة الشرائية لدى أغلب المواطنين.