الخميس 2018/11/15

رايتس ووتش: القمع الشديد في السعودية هو الأبرز بالعالم

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن السعودية واجهت تدقيقاً دولياً في سجلها الحقوقي أمام "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة بـ5 نوفمبر الجاري، حيث ضغطت الدول من أجل اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات.

وقدم ممثلو الدول، الذين اجتمعوا في جنيف للمراجعة الدورية لسجل حقوق الإنسان بالسعودية، توصيات تضمنت الإفراج الفوري عن النشطاء السعوديين، بمن فيهم ناشطات قيادة المرأة، وإنهاء التمييز ضد النساء.

كما طالبت المنظمة في بيان نشرته على موقعها، بالعدالة للصحفي المقتول جمال خاشقجي، ومساءلة قاتليه، والالتزام بالقانون الدولي بالحرب اليمنية.

وقال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "رايتس ووتش": "تملك دول عديدة سجلاً إشكالياً، لكن السعودية الأبرز من بينها بسبب مستويات القمع الشديدة التي ظهرت بوضوح إثر القتل الوحشي لخاشقجي".

وأكد بيج أن "على السعودية الاستجابة للانتقادات الدولية لسجلها في مجال حقوق الإنسان وإجراء تغييرات فعلية، بما فيها الإفراج الفوري عن المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين كخطوة أولى"، وشملت التوصيات احترام حرية التعبير.

ومنذ استلام محمد بن سلمان ولاية العهد في يونيو 2017، شنت السلطات السعودية حملة قمع منسقة ضد المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان.

وفي 15 مايو، وقبل أسابيع من رفع السلطات السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في 24 يونيو، شرعت السلطات باعتقال ناشطات حقوقيات بارزات، واتهمت العديد منهن بجرائم خطيرة.

وبحلول سبتمبر، بقيت 9 نساء على الأقل رهن الاعتقال من دون توجيه تهم إليهن، رغم أن بعض التهم المنتظرة يمكن أن تشمل أحكاماً بالسجن تصل إلى 20 عاماً، وهن: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني، هتون الفاسي، سمر بدوي، نسيمة السادة، وأمل الحربي.

ويقبع أكثر من 12 ناشطاً بارزاً أدينوا بتهم متعلقة بأنشطتهم السلمية في السجن لقضاء أحكام طويلة.

ويضمّ هؤلاء المحامي في مجال حقوق الإنسان، وليد أبو الخير، الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، صادر عن المحكمة الجنائية المتخصصة عام 2014، بتهم متعلقة فقط بانتقاده السلمي لانتهاكات حقوق الإنسان بمقابلات إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما أوضح البيان.

وفيما يتعلق بقتل خاشقجي، قال البيان: شملت التوصيات خلال جلسة 5 نوفمبر دعوة "فريق من الخبراء الدوليين للمشاركة في التحقيق، وكذلك التعاون مع مجلس حقوق الإنسان الأممي بإنشاء آلية مختلطة للتحقيق المستقل والمحايد".

وفي 20 أكتوبر، اعترفت السعودية أن موظفين رسميين نفّذوا بصفة سعودية قتل خاشقجي بقنصلية البلاد بإسطنبول في تركيا بالثاني من ذات الشهر.

وقالت "رايتس ووتش" في بيانها، إن على الدول الأخرى رفض محاولات تبرئة السعودية من مقتل خاشقجي، وإن على الأمم المتحدة أن تفتح تحقيقاً مستقلاً لتحديد ظروف عملية القتل، وعلى التحقيق أن يتضمّن تحديد دور السعودية، والمسؤولين عن التفويض والتخطيط وتنفيذ القتل الوحشي على ما يبدو.

وواجهت المملكة دعوات للالتزام بـ"القانون الدولي الإنساني" في عملياتها العسكرية باليمن.

من جانب آخر، ارتكب التحالف الذي تقوده السعودية انتهاكات كثيرة للقانون الدولي الإنساني، بما فيها جرائم حرب على ما يبدو، ولم يجرِ تحقيقات هادفة ونزيهة في الانتهاكات المزعومة.

وبين بيان المنظمة، أن عمل "الفريق المشترك لتقييم الحوادث"، الذي أنشأه التحالف عام 2016، لم يرقَ إلى مستوى المعايير الدولية في الشفافية والنزاهة والاستقلالية، وبرّأ في سبتمبر، التحالف من المخالفات بالغالبية العظمى من الضربات الجوية التي كانت قيد التحقيق.

وأوصى ممثلو الدول وفق ما أفاد البيان، بأن تضع السعودية حداً للتمييز ضد المرأة، بما فيه إنهاء نظام ولاية الرجل التمييزي، الذي بموجبه لا يُسمح للنساء بالتقدم بطلب للحصول على جواز سفر أو الزواج أو السفر أو إطلاق سراحهن من السجن من دون موافقة ولي الأمر الذكر، وعادة ما يكون الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن.

وحثّت إحدى الدول المملكة على ضمان حقوق المرأة عن طريق سن تشريع لمكافحة التمييز.

وواجهت السعودية عدداً من الدعوات لوضع حد لعقوبة الإعدام أو تبني وقف تنفيذ أحكام الإعدام، لا سيما بالنسبة للأطفال الجانحين والأشخاص المدانين "بجرائم غير خطيرة".

وأعدمت السعودية أكثر من 650 شخصاً منذ الاستعراض الدوري الشامل السابق في عام 2013، منهم 200 لجرائم مخدرات لاعنفية.

وتتطلب المعايير الدولية، بما فيها "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، الذي صادقت عليه السعودية، من الدول التي تستمرّ في تطبيق عقوبة الإعدام استخدامها فقط في "أشد الجرائم خطورة" وبظروف استثنائية.

وفي عام 2018، بدأت السلطات السعودية بالسعي إلى فرض عقوبة الإعدام ضد معارضين في محاكمات لم تتضمن اتهامات بالعنف، بما فيها دعم التظاهرات والانتماء لجماعة "الإخوان المسلمين".

وينتظر بعض الرجال تنفيذ حكم الإعدام بسبب ارتكابهم جرائم عندما كانوا أطفالاً.

وقال ممثلو الدول أيضاً إن على السعودية الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الرئيسية لحقوق الإنسان، بما فيها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، اللذان يشكلان مع "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.

والسعودية هي إحدى دول العالم القليلة التي لم توقع تلك المعاهدات أو تصادق عليها، رغم ادعاء ممثلي المملكة منذ عام 2009 أن التصديق قيد الدراسة.

وقال مايكل بَيْج: "على العالم أن ينتهز هذه الفرصة للمطالبة بالعدالة في انتهاكات حقوق الإنسان والممارسات المسيئة بالسعودية، التي تستمرّ بعضها منذ عقود".