الأربعاء 2019/09/18

تقرير: الدفاعات السعودية.. تكلفة باهظة بلا فاعلية

نشرت وكالة رويترز تقريراً مطوّلاً سلطت فيه الضوء على ما اعتبرته "فشل" الدفاعات السعودية في مواجهة صواريخ مليشيات الحوثي، على الرغم من الفارق الكبير في إمكانات الطرفين.

وقالت الوكالة، اليوم الأربعاء، إن مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية على العتاد العسكري الغربي، ولا سيما المصمم لردع أي هجمات على ارتفاعات عالية، اتضح أنها "لم تحقق لها الندية في مواجهة صواريخ كروز والطائرات المسيرة منخفضة التكلفة التي استخدمت في شن هجوم عرقل صناعة النفط السعودية العملاقة".

وأوضح التقرير أن هجوم الحوثيين السبت الماضي على منشأتين نفطيتين شرق المملكة، كشف مدى ضعف استعدادات السعودية للدفاع عن نفسها، على الرغم من تكرار الهجمات على مواقع حيوية في الآونة الأخيرة.

ونقلت الوكالة عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" قوله "إن إيران تمتلك أكبر قدرات من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز في الشرق الأوسط ويمكنها التغلب فعلياً على أي دفاعات صاروخية سعودية في ضوء قربها الجغرافي ووجود الفصائل التي تعمل لحسابها على المستوى الإقليمي.. غير أن هجمات على نطاقات أصغر كان لها وطأة كبيرة في السعودية ومنها هجمات في الآونة الأخيرة قال الحوثيون إنهم شنوها بنجاح على مطار مدني ومحطات لضخ النفط وحقل الشيبة".

وقال مصدر أمني سعودي لرويترز: "نحن مكشوفون. فأي منشأة حقيقية ليس لها غطاء حقيقي".

بينما أكد محلل أمني سعودي للوكالة أن "الهجوم مثل هجمات 11 سبتمبر بالنسبة للسعودية وسيغير قواعد اللعبة". وتساءل المحلل الأمني (لم تكشف الوكالة هويته) قائلاً: "أين نظم الدفاع الجوي والسلاح الأمريكي الذي أنفقنا عليه مليارات الدولارات لحماية المملكة ومنشآتها النفطية؟ إذا كانوا قد فعلوا ذلك بهذه الدقة فبإمكانهم ضرب محطات تحلية المياه وأهداف أكثر".

وتتمثل منظومة الدفاع الجوي الرئيسية في السعودية في نظام "باتريوت" بعيد المدى الأمريكي الصنع، وهو منصوب للدفاع عن المدن والمنشآت الكبرى.

وقد نجح في اعتراض صواريخ باليستية على ارتفاعات عالية أطلقها الحوثيون على مدن سعودية كانت الرياض من بينها منذ تدخل تحالف بقيادة السعودية في اليمن لمحاربة الحركة في مارس آذار 2015.

إلا أنه في ضوء طيران الطائرات المسيرة وصواريخ كروز بسرعات أبطأ على ارتفاعات أقل فمن الصعب على نظام باتريوت رصدها في وقت مناسب يسمح باعتراضها.

وقال مسؤول خليجي كبير: "الطائرات المسيرة تمثل تحدياً ضخماً للسعودية لأنها تطير في كثير من الأحيان دون مستوى الرادار ونظرا لطول الحدود مع اليمن والعراق فإن المملكة مكشوفة جدا".

موجة هجمات: تتابع رويترز نقلاً عن مصدر خليجي مطلع على عمليات أرامكو، أن النظام الأمني في أبقيق "غير مثالي في مواجهة الطائرات المسيرة".

وأضاف المصدر أن السلطات تتحقق مما إذا كانت أجهزة الرادار قد رصدت الطائرات التي نفذت ضربتها في الظلام قبل الفجر.

وقال مسؤول تنفيذي بشركة غربية للمعدات الدفاعية تتعامل مع السعودية إن صواريخ باتريوت كانت تحمي أبقيق حتى عام مضى. وليس من الواضح ما إذا كان نظاما "أفنجرز قصير المدى" و"آي هوك" متوسط المدى الأمريكيان ونظام "أورليكونز" السويسري قصير المدى التي تملكها السعودية تعمل في الوقت الحالي.

فعالة رغم ضآلتها: قال المصدر الأمني السعودي ومصدران بالصناعة، إن الرياض مدركة لخطر الطائرات المسيرة منذ سنوات وإنها تجري مباحثات مع مستشارين وشركات للوصول إلى حلول ممكنة لكنها لم تنصب أي نظم جديدة بعد.

وقال المصدر الأمني إن السلطات نقلت بطارية صواريخ باتريوت إلى حقل الشيبة النفطي بعد إصابته الشهر الماضي. وتوجد صواريخ باتريوت عند مصفاة رأس تنورة التابعة لأرامكو.

وقال "ديف ديروش" من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن: "أغلب أجهزة الرادار التقليدية للدفاع الجوي مصممة للتهديدات على ارتفاعات عالية مثل الصواريخ".

وأضاف" "أما صواريخ كروز والطائرات المسيرة فتعمل بالقرب من الأرض ولذا لا يتم رصدها بسبب كروية الأرض. والطائرات المسيرة صغيرة جدا وليس لها بصمة حرارية بالنسبة لأغلب أجهزة الرادار".

كما إن اعتراض الطائرات المسيرة التي قد تكون قيمتها عدة مئات من الدولارات فقط بنظام باتريوت مكلف للغاية أيضا إذ يبلغ ثمن الصاروخ الواحد من صواريخ باتريوت نحو ثلاثة ملايين دولار.

وقال "جورج لامبريكت" الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس بشركة "ديدرون" الأمريكية للأمن الجوي، إن ثمة وسائل أكثر فاعلية في التصدي للطائرات المسيرة، ولا سيما إذا كانت تطير في مجموعات.

وأضاف أنه يمكن رصدها بالجمع بين أجهزة الرصد اللاسلكي والرادار واستخدام كاميرات عالية الدقة في التحقق من حمولاتها وتكنولوجيات مثل التشويش في تعطيلها.

غير أن أحدث وسائل التكنولوجيا تجلب معها تحديات خاصة فالتشويش على الموجات اللاسلكية قد يعطل أنشطة صناعية ويكون له آثار سلبية على صحة البشر.

وتقول مجموعة "سوفان" الاستشارية الأمريكية إن الطائرات المسيرة المسلحة أصبحت متوفرة ولذا فإن التهديد الذي تتعرض له البنية التحتية الحيوية يتزايد بشكل غير متناسب.

وقال المصدر السعودي إن المسؤولين السعوديين يخشون منذ فترة طويلة وقوع هجوم على محطة تحلية في الجبيل تخدم وسط السعودية وشرقها وإن من الممكن أن يسفر هجوم ناجح عليها عن حرمان الملايين من المياه وربما يستغرق إصلاحها وقتا طويلاً.

وقال مصدر بالصناعة على دراية بالوضع في السعودية: "هذه بيئة في غاية الثراء بالأهداف. وقد ضربوهم حيث يؤلم الضرب ويوجد الكثير من الأهداف حولهم".