الخميس 2018/06/21

تشكيك في تثبيت سعر الخبز وغلاء الأسعار يحاصر فقراء مصر

شكك مواطنون وخبراء مصريون في نفي حكومة الانقلاب المصرية بعدم رفع أسعار الخبز، وإعلانها تحمل فارق سعر الدولار ليظل سعر رغيف الخبز المدعم الذي يصرف على البطاقات التموينية بخمسة قروش، حسبما أعلن وزير التموين علي مصيلحي بعد أول اجتماع للحكومة الجديدة مساء الأربعاء.

وأكد مواطنون التقت بهم "عربي21" عدم ثقتهم بحكومة الانقلاب، وتخوفهم من رفع أسعار الخبز، مبررين مخاوفهم بتصريحات وزير البترول بعد نفس اجتماع الحكومة بأن هناك زيادة أخري للمحروقات قبل نهاية 2018، ليتحمل المواطن سعر المحروقات كاملا دون دعم حكومي، وكذلك إلغاء بنزين 80 الأكثر استخداما، واستبداله بآخر تحت مسمي بنزين 87 ليكون أغلى سعرا.

وطبقا لتأكيد عادل حسبو صاحب أحد المخابز بالقاهرة لـ "عربي21" فإن الحكومة بدأت منذ ستة أشهر خطوات إلغاء الدعم عن الخبز عندما حررت سعر الدقيق المدعوم، وهو ما أدى لتوفير مبالغ كثيرة للحكومة لأنها هي التي تقوم ببيع الدقيق للمخابز.

ويضيف حسبو أن مديريات التموين أبلغتهم أنها لن تدرج مواطنين جدد على البطاقات الموجودة، كما أنها سمحت لهم بالتوسع في إنتاج الخبز السياحي بفئة 25 قرشا و50 قرشا و100 قرش، وهي الأنواع التي ليس عليها دعم، كما أنها الأكثر مبيعا الآن نظرا لوقف الإضافات السنوية على بطاقات التموين.

ويشير المحاسب أحمد الغمري لـ "عربي21" أن الخطوة القادمة في رفع الدعم هي الخبز، متوقعا أنها ستكون محل رفض شعبي كبير، باعتبار أن الخبز أو كما يطلق عليه المصريون "العيش" هو أهم مكون في وجباتهم اليومية، ورفع الدعم عنه بعد الزيارات الرهيبة بالأسعار سوف تكون محل سخط كبير، بخلاف باقي السلع الأخرى حتي لو كانت البنزين والغاز والكهرباء.

ويضيف الغمري أن الشعب المصري أصبح محاصرا بالغلاء من كل مكان وإذا كانت الحكومة تريد تهدئة الجماهير فعليها الابتعاد عن الخبز بشكل نهائي.

ويؤكد عضو البرلمان المصري السابق طارق مرسي لـ "عربي21" أن الحكومات التي جاءت بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013 لديها هدف واحد وهو تحرير الدولة من أي التزام تجاه المواطن، موضحا أن %77.8 من إيرادات مصر في الموازنة الجديدة التي تبدأ بعد أيام من الضرائب التي فرضتها الحكومة على الشعب، وبالتالي فإن ما تقدمه الحكومة من دعم ليس من جيبها الخاص وإنما هي من أموال الشعب نفسه.

ويضيف مرسي أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي يتحسب جديدا من رفع سعر رغيف الخبز باعتباره الأكثر تلامسا مع المواطنين، ولكن هذا لا يعني أنه لن يقدم على هذه الخطوة، خاصة وأن مطالب صندوق النقد منه واضحة وهو رفع الدعم بشكل كامل، وبالتالي فهو يتحين الفرصة الملائمة لرفع سعر الخبز.

وانتقد البرلماني السابق ما تردده الحكومة من أنها تدعم رغيف الخبز بقيمة 50 قرشا، معتبرا أن هذه الأموال حق للشعب، وليست هبة، موضحا أن العلاوة التي قررتها الحكومة علي المرتبات بعد غلاء الأسعار لن تكفي لسداد بند واحد من بنود الزيادة التي حدثت مؤخرا، كما أنها لن تنطبق علي العمالة الحرة والقطاع الخاص والذي يعد الشريحة الأكبر من حيث العدد في العمالة المصرية.

ويضيف الكاتب الصحفي حسن البحيري لـ "عربي21" أن الحكومة مهدت بشكل واسع لزيادة أسعار المحروقات، وفي الوقت نفسه تجنبت الحديث عن الخبز لأنه يمكن أن يشعل الشرارة التي تخشي حدوثها رغم القبضة الأمنية القوية.

ويشير البحيري إلى أن الخبز أو "العيش" كان أحد مطالب ثوار يناير 2011، كما أن رفع أسعار الخبز كان أحد محركات انتفاضة الخبز التي سماها الرئيس الراحل السادات بانتفاضة الحرامية عام 1977، وبالتالي فإن خطورة الاقتراب من الخبز لابد أن يكون حاضرا بعقلية صناع القرار.

وفيما يتعلق بعدم اهتمام السيسي لرد فعل الشعب المصري، أكد البحيري أن السيسي يسير في طريق لا يستطيع العودة منه، ولكنه في الوقت نفسه يرجع لتقديرات الأجهزة الأمنية التي ترصد ردود الأفعال سواء الشعبية أو التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة في ظل دعوات العصيان المدني التي تتزامن مع ذكري انقلاب تموز/ يوليو 2013.

ويشير البحيري إلى عدم وجود رد فعل شعبي بعد رفع أسعار المحروقات والكهرباء ليس معناه الرضا والقبول، ولا يمكن أن يشكل مؤشرا لعدم وجود رد فعل في موضوعات أخري، خاصة وأن الهبات الشعبية تبدأ غالبا من أحداث أو مواقف صغيرة ولكنها تلامس أهم مشاكل الجماهير، وهو ما يمكن أن يحدث مع رفع أسعار الخبز.