الأربعاء 2021/01/27

“تحرش جنسي وحرمان من العلاج”.. تقرير صادم عن حالة المسجونين السياسيين في مصر

قالت منظمة العفو الدولية إن مسؤولي السجون في مصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواعٍ سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمداً من الرعاية الصحية عقاباً على معارضتهم. 

 

وكشف تقرير للمنظمة يحمل عنوان "ما تموتوا ولا تولعوا؟ الإهمال والحرمان من الرعاية الصحية في السجون المصرية"، أن قسوة السلطات قد تسببت أو أسهمت في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز، كما ألحقت أضراراً لا يمكن علاجها بصحة السجناء.

 

وجاء صدور التقرير متواكباً مع مرور عشر سنوات على اندلاع انتفاضة عام 2011 في مصر، وهو يرسم صورة قاتمة لأزمة حقوق الإنسان في السجون المصرية، التي ملأتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي برجال ونساء من الشباب الذين كانوا في طليعة متظاهري 25 يناير. 

 

كما يبيِّن التقرير أن سلطات السجون تقاعست عن حماية السجناء من وباء فيروس كوفيد-19، ودأبت على التمييز ضد السجناء المنحدرين من بيئات فقيرة اقتصادياً.

 

استخفاف بأرواح السجناء

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن مسؤولي السجون يبدون استخفافاً تاماً بأرواح وسلامة السجناء المكدَّسين في السجون المصرية المكتظَّة، ويتجاهلون احتياجاتهم الصحية إلى حد كبير"۔

 

وأكد أنهم "يلقون على عاتق أهالي السجناء أعباء إمدادهم بالأدوية والأطعمة والنقود اللازمة لشراء أساسيات مثل الصابون، ولا يكتفون بذلك بل يتسببون في معاناة إضافية لهؤلاء السجناء بحرمانهم من تلقي العلاج الطبي الكافي أو من نقلهم إلى المستشفيات في وقت مناسب".

 

وأضاف لوثر: "السلطات تتمادى إلى أبعد من ذلك، فتحرم عمداً رجالاً ونساءً احتُجزوا دونما سبب سوى ممارستهم لحقوقهم الإنسانية وآخرين احتُجزوا لأسباب سياسية من الرعاية الصحية والغذاء الكافي والزيارات العائلية"، وتابع "من المؤسف أن السلطات المصرية تسعى إلى ترهيب وتعذيب مدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين ونشطاء وغيرهم من المعارضين الفعليين أو المفترضين بحرمانهم من الرعاية الصحية"۔

 

ويوثِّق التقرير محن احتجاز 67 شخصاً محتجزين في ثلاثة سجون مخصَّصة للنساء و13 سجناً مخصَّصة للرجال في سبع محافظات. وقد تُوفي 10 منهم أثناء الاحتجاز، بينما تُوفي اثنان آخران بعد وقت قصير من الإفراج عنهما في عامي 2029 و2020.

 

وبحسب تقدير المنظمة، أقدمت السلطات على تعريض السجناء في السجون الستة عشرة التي شملها البحث لظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، مما يشكل تهديداً لحقهم في الصحة.

 

الاحتجاز لفترات طويلة

ووصف محتجزون سابقون كيف يتم حبسهم في زنازين مكتظَّة تفتقر إلى التهوية، وتتسم بتدني مستوى النظافة والصرف الصحي، بينما يحرمهم الحراس من الأغطية والملابس الكافية، ومن الطعام الكافي، ومن أدوات النظافة الشخصية، بما في ذلك الفوط الصحية، ومن التريُّض والخروج إلى الهواء النقي. وهناك عشرات السجناء محرومون حالياً من الزيارات العائلية.

 

وأضاف فيليب لوثر: "هناك أدلة على أن سلطات السجون، التي تتعلل أحياناً بأن لديها تعليمات من "قطاع الأمن الوطني"، تستهدف بعض السجناء بعينهم لمعاقبتهم على معارضتهم المفترضة للحكومة أو انتقادهم لها".

 

ومن بين الأعمال الانتقامية ضد هؤلاء السجناء احتجازهم لفترات طويلة ولأجل غير مُسمى رهن الحبس الانفرادي في ظروف مسيئة، حيث يظلون داخل الزنزانة لأكثر من 22 أو 23 ساعة يومياً؛ وحرمانهم من الزيارات العائلية لفترات وصلت أحياناً إلى أربع سنوات؛ وحرمانهم من تلقي الأطعمة، وغيرها من الأساسيات، من الأهالي.

 

وأظهرت بحوث منظمة العفو الدولية أن مسؤولي السجون عادةً ما يتقاعسون عن توفير الرعاية الصحية الكافية للسجناء، سواء من خلال الإهمال أو المنع المتعمد.

 

وعادةً ما تتسم عيادات السجون بعدم النظافة وبالافتقار إلى المعدات والمهنيين الطبيين المؤهلين، بينما يكتفي أطباء السجون بإعطاء السجناء مسكنات للآلام بغض النظر عن الأعراض التي يشتكون منها، بل ويوجهون لهم السباب أحياناً، بما في ذلك وصمهم بعبارات من قبيل "الإرهاب" و"الانحلال الأخلاقي". وقد ذكرت اثنتان من المحتجزات السابقات أنهما تعرضتا لإيذاء وتحرش جنسي من العاملين الطبيين في السجن.

 

النيابة تعلم

وأكد لوثر أن "هذا التقصير الفادح في أداء الواجب من جانب مسؤولي السجون يحدث بعلم محققي النيابة، وأحياناً بتواطؤ منهم، في غياب أي إشراف مستقل"۔

 

وذكرت المنظمة أنها سجلت وفاة 12 شخصاً أثناء احتجازهم أو بعد وقت قصير من الإفراج عنهم، وأنها لديها علم بحالات 37 شخصاً آخرين تُوفوا في عام 2020، ولكن المنظمة لم تتمكن من الحصول على موافقة أهاليهم على نشر الحالات نظراً لخشيتهم من الأعمال الانتقامية.

 

 بينما تشير تقديرات جماعات حقوق الإنسان المصرية إلى أن مئات الأشخاص تُوفوا في أماكن الاحتجاز منذ عام 2013، بينما ترفض السلطات الإفصاح عن أية معلومات بخصوص أعداد الوفيات، أو إجراء تحقيقات فعَّالة ووافية ونزيهة ومستقلة بخصوص هذه الوفيات.

 

وترفض السلطات المصرية الإفصاح عن عدد السجناء في البلاد. وتشير تقديرات إلى أن العدد يبلغ حوالي 114 ألف سجين، أي ما يزيد عن ضعف القدرة الاستيعابية للسجون والتي قدّرها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر 2020، بـ55 ألف سجين.

 

وقد تزايد عدد السجناء بشكل كبير عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي في يوليو 2013، مما أدى إلى اكتظاظ شديد في السجون. وفي السجون الستة عشرة التي فحصتها المنظمة، يتكدَّس مئات السجناء في زنازين مكتظَّة، حيث يبلغ متوسط المساحة المتاحة لكل سجين من أرضية الزنزانة حوالي 1,1 متر مربع، وهي تقل كثيراً عن الحد الأدنى الذي أوصى به خبراء، وهو 3,4 متر مربع.