الجمعة 2018/11/23

تحذيرات من مخاطر استمرار تلوث المياه في قطاع غزة

حذرت منظمات وهيئات تعنى بشؤون البيئة من المخاطر الناجمة عن استمرار تلوث المياه في الآبار الجوفية لقطاع غزة، بعد وصول نسب التلوث لمستويات تنذر بخطورة الوضع الصحي على الأفراد والمزروعات.

وتشير تقديرات سلطة المياه في غزة في أحدث تقرير لها، أن نسبة الكلورايد في المياه وصلت إلى 500 ملي جرام للتر الواحد، في حين تصل النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية بـ 250 ملي جرام في اللتر، كما بلغت نسبة النترات في المياه التي تصل إلى المنازل إلى 500 ملي جرام للتر الواحد، في حين أن النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية، يجب أن لا تزيد عن 40 ملي جرام في اللتر الواحد.

في حين أظهرت دراسة أعدها معهد "راند الأمريكي" صدرت في 16 من الشهر الماضي بشأن أزمة المياه في قطاع غزة، أشارت إلى أن 97 في المئة من المياه في غزة ليست صالحة للشرب، و26 في المئة من الأمراض المنتشرة في القطاع سببها تلوث المياه، كما أن 12 في المئة من وفيات الأطفال مرتبطة بأمراض معوية ذات صلة بالمياه الملوثة.

 

وأظهرت الدراسة في مؤشرات أخرى، إلى أن العامل في غزة ينفق 3.3 في المئة من راتبه الشهري لشراء مياه الشرب، مقابل .7 في المئة للعامل العربي. وبحسب الدراسة، فإن لكل 80 طالبا مغسلة واحدة، ولكل 75 طالبا مرحاض واحد في مدارس غزة.

 

نسبة العجز

وفي السياق ذاته، أشار رئيس سلطة المياه في غزة، ياسر الشنطي، إلى أن "الاحتياج السنوي المائي في القطاع يقدر بـ200 مليون متر مكعب، يتم الاعتماد بصورة أساسية على الآبار الجوفية التي يبلغ عددها 80 بئرا ارتوازيا، يتم الاستفادة من 67 بئرا في الوقت الحالي، في حين يتم تغذية هذه الآبار من خلال مياه الأمطار بإجمالي 60 مليون متر مكعب، وهنالك عجز يقدر بـ140 مليون متر مكعب، يتم تعويضه من خلال شراء المياه من الجانب الإسرائيلي".

وأضاف الشنطي في حديث لـ"عربي21" أن "أزمة تلوث المياه تعود إلى سببين أساسيين، هما انخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة نسبة الملوحة التي تعود إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية، نتيجة توقف وتجميد عشرات المشاريع الخاصة بتحلية المياه العادمة، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ العام 2006".

تلوث البحر

من جانب آخر، أشار مدير دائرة التوعية البيئية في سلطة جودة البيئة، أحمد حلس، إلى أن "تلوث المياه في غزة لم يعد مقتصرا على الآبار الجوفية، بل انتقل إلى البحر بسبب تصريف 100 مليون لتر يوميا من مياه الصرف الصحي، بما يعادل (43 بركة سباحة أولمبية)".

وأضاف: "الأمر الذي أدى إلى نفوق الآلاف من الأسماك نتيجة هذا التلوث، وتدمير النشاط السياحي والترفيهي على شاطئ البحر، بسبب الطفيليات الجرثومية كديدان الـ أسكارس" والـ جارديا لامبليا وأميبا التي تسبب الأمراض الجلدية والمعوية لمن يتعرض لها، كما بات عمق البحر لمسافة 500 متر على طول القطاع منطقة غير صالحة للسباحة أو الصيد".

وتابع حلس في حديث لـ"عربي21" أن "نقص عدد محطات معالجة المياه العادمة، بالإضافة للزيادة السكانية الكبيرة في غزة، ونقص الوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية، دفعت بسلطة المياه إلى تصريف المياه العادمة بالبحر دون معالجة، كما تسبب منع إسرائيل إدخال عشرات الأنواع من أجهزة ومعدات التحلية بحجة الاستخدام المزدوج خلال سنوات الحصار، كان سببا في ارتفاع نسبة التلوث في المياه الخاصة بالقطاع".

وفي تقرير للأمم المتحدة صدر في تموز/ يوليو 2017، جاء فيه أن خطرا يحدق بغزة جراء استنفاد المياه الوحيدة (المياه الجوفية)، الذي يعتمد عليه كمصدر أساسي للاستعمال المنزلي والزراعة، مع حلول العام 2020 ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لاستدراك هذا الخطر.

إجراءات الاحتلال الإسرائيلي

وتضاف إلى مشاكل المياه التي تعاني منها غزة، قيام الاحتلال الإسرائيلي بين الفينة والأخرى بإغراق القطاع بالمياه العادمة الفائضة عن حاجته، من خلال فتح السدود في المنطقة المعروفة بوادي غزة، الأمر الذي يتسبب في أزمة بيئية، نتيجة ارتفاع منسوب المياه لعدة أمتار ووصولها لبيوت المواطنين.

في حين اعتبر المحامي في الهيئة الفلسطينية لحقوق الإنسان، شريف أبو نصار، أن "إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وسلوكه في التعامل مع غزة، يعد سببا رئيسيا في تلوث المياه، وذلك بسبب وضع اشتراطات في اتفاق أوسلو بعدم زيادة عمق البئر الارتوازي عن 140 مترا، وهذه المسافة تتركز فيها الملوحة نظرا لطبيعة البيئة الساحلية للقطاع".

وأضاف أبو نصار في حديث لـ"عربي21" "كما رصدت الهيئة قيام دولة الاحتلال بحفر ما يزيد عن 50 بئرا ارتوازيا خلال السنوات الثلاثة الماضية على طول الشريط الحدودي للقطاع بصورة غير قانونية، ما أدى إلى انخفاض مخزون المياه في هذه الآبار بنسبة كبيرة".