الجمعة 2019/01/18

القاهرة الخامسة عالمياً في “مؤشر الحشيش”.. والنظام منشغل بقمع المعارضة

تسبّب انشغال نظام  الانقلاب في مصر الدائم بملاحقة معارضيه وزجّ الآلاف منهم في السجون، وفق الأرقام الصادرة عن المؤسسات الحقوقية الدولية، بإعطاء الفرصة لتجار المخدّرات في ترويج بضائعهم بشكل لافت، لم يُعهد من قبل.

وقفز إدمان المخدرات في مصر خلال 2018 إلى معدلات قياسية، وفق تقارير دولية ورسمية ومحلية، وانتشر تسويقها بشكل علني في العاصمة القاهرة، فضلاً عن وجود مراكز تسوّق لها بكافة أشكالها، خاصة بين طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.

وأنفق النظام المصري ، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2015 و2018، نحو 5 مليارات دولار سنوياً في المتوسط على الميزانية الأمنية، أي ما يعادل نحو 2% من دخلها القومي، وبمعدّل 70 دولاراً في المتوسط كتكلفة "لحماية أمن كل مواطن مصري"، وفق دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، ومقره واشنطن، في يناير 2018.

أرقام مُفزعة

وأظهر تقرير للوكالة الألمانية "إيه بي سي دي" للخدمات الإعلامية أن العاصمة المصرية القاهرة جاءت في المركز الخامس ضمن قائمة المدن الأكثر استهلاكاً لـ"الحشيش" في العالم، وفقاً للتقرير الذي يُعرف باسم "مؤشر الحشيش".

واستهلكت القاهرة نحو 32.59 طن حشيش عام 2018، بينما يبلغ سعر الغرام الواحد منها 16.15 دولاراً، حسب تقرير الوكالة الألمانية.

كما كشف تقرير لصندوق مكافحة الإدمان التابع لمجلس الوزراء المصري، أن المسح الميداني الذى أجرته وزارة الصحة في 13 محافظة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، خلال 2018، أكد أن نسبة تعاطي المخدرات بين طلاب الثانوية بلغ 7.7%، وبلغت نسبة تعاطي الكحوليات 8.3%، بينما وصل التدخين لـ12.8% بين الطلاب.

وخلال ترؤسها اجتماع مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، في يوليو 2018، أكّدت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، غادة والي، أن نسبة تعاطي المخدرات في مصر بين الفئة العمرية من 15 إلى 65 سنة وصلت إلى 10%، وهي ضعف المعدّل العالمي البالغ 5%.

وكان آخر مسح قومي رسمي تم إعداده عام 2014، وصلت فيه نسبة التعاطي بين بعض الفئات؛ مثل السائقين إلى 24%، والحرفيين 19%، وطلبة المدارس الثانوية 7.7%.

وقالت والي: إن "الجريمة في مصر ارتبطت بشكل كبير بتعاطي المخدرات، ونسبة ارتكاب الجريمة تحت تأثير المخدرات وصلت إلى 79% بين نزلاء إحدى المؤسسات العقابية".

ووفق دراسة حديثة لعادل عامر، الخبير بالمعهد العربي الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية، فإن مصر تحتل الترتيب الثاني في أفريقيا من حيث تعاطي وتجارة المخدرات، ووصل حجم الاتّجار بالمواد المخدّرة والإنفاق عليها نحو 400 مليار دولار سنوياً.

وتوصلت الدراسة التي نشرها موقع "اليوم السابع"، مؤخراً، إلى أن 11% من المصريين يتعاطون المخدرات، وهو رقم ضعف المعدّل العالمي، وأن 27% من المتعاطين إناث، و73% من الذكور، و24% من الحرفيين.

الأنواع الرائجة

ويتصدّر "الحشيش" و"البانغو" و"الأفيون" و"الهيروين" و"الكوكايين" و"الترامادول"، أكثر الأنواع انتشاراً في الشارع المصري، إضافة إلى أخرى جديدة مثل "الكريستال" الذي ينتشر بين الأثرياء.

ومن الأنواع التي يتعاطها الشباب "قطرة الميدرابيد"، والتي تُستخدم من أجل توسيع حدقة العين، فتجعل من يحصل عليها أكثر استرخاء وراحة، وفق مختصّين.

وتزايد في العام الماضي الإقبال على أصناف مخدرات جديدة؛ وفي مقدّمتها "الأستروكس" و"الفودو"، حيث باتت تأتي بالمراتب الأولى في نسب التعاطي، متقدّمة على الأصناف الشهيرة التي كانت أكثر رواجاً في الأعوام الماضية؛ كـ"الترامادول" و"الهيروين" و"الحشيش".

الخبير الكيميائي عبد العال الدمياطي أكد أن مخدّر "الأستروكس" يُصنع من خلط نبات القنّب مع بعض المواد الكيميائية المسكّنة؛ ومنها "الأتروبين" و"الهيبوسيامين" و"الهيوسين".

وقال الدمياطي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "هذا المخدّر لا يدخل ضمن نطاق تجريم القانون حالياً، ويتم بيع الغرام منه بسعر يتراوح بين 250 و300 جنيه  مصري، ويُعرف بين الشباب المصري باسم مخدر الشيطان".

وأضاف: "المخدّر يُباع معبّأً بأكياس صغيرة يحتوي كل منها على 4 غرامات"، موضحاً أن مروّجي المخدرات في المناطق العشوائية يعمدون إلى "خلط المخدّر ببودرة الصراصير والفئران"؛ بهدف بيعه بسعر رخيص، وهو ما تسبّب برواجه بشكل واسع، كما تسبّب هذا الأمر بحدوث عدد من الوفيات.

الموقف الرسمي

وأمام الانتشار الكبير للمخدّرات في الشارع المصري ينتقد مراقبون القصور الحكومي في مواجهة الظاهرة المستفحلة، وانشغالها المستمرّ بمواجهة المعارضين.

بدوره أعلن جون طلعت، عضو مجلس النواب المقرَّب من النظام، في أكتوبر الماضي، أنه تقدَّم باقتراح تشريعي ينص على إلغاء عقوبة تعاطي المخدرات من قانون العقوبات، واستبدالها بعلاج المتعاطين داخل المصحّات العلاجية لعلاج الإدمان.

وأثار اقتراح جون استغراب المراقبين؛ على اعتبار أن مثل هذا التشريع سيسهم في تقنين تجارة المخدرات، الأمر الذي يُسهم في ترويجها.

ويرى معارضو النظام أن هذا الطرح يأتي في سياق سعي الدولة لجني الضرائب وتوفير الموارد التي تعالج عجز الميزانية والمديونية التي بلغت أرقاماً قياسية.

كما طرحت شخصيات سياسية مقرّبة من النظام المصري فكرة رفع الحظر عن أنواع رائجة من المخدّرات؛ بهدف استحصال الضرائب.

وعلى الرغم من هذه المعطيات الخطيرة مجتمعياً فإن النظام منشغل باعتقال الناشطين والتضييق على المعارضين في البلاد.

واتّهمت منظمة العفو الدولية نظام السيسي (نهاية 2018) بشن حملة على حرية التعبير حوّلت مصر إلى "سجن مفتوح" للمنتقدين يفوق فترة الرئيس المخلوع؛ حسني مبارك، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن شنّت حملة شرسة على المجالات السياسة والاجتماعية والثقافية المستقلة.