الأثنين 2019/12/16

الجيش الليبي مستبعدًا سقوط العاصمة: أبوظبي أقرب لحفتر من طرابلس

نفى المتحدث باسم الجيش الليبي، عقيد طيار محمد قنونو، صحة ما يتردد عن اقتراب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من السيطرة على العاصمة طرابلس، وأرجع تأخر حسم هذه المعركة إلى خمسة عوامل.

وتشن ميليشيات حفتر، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، هجوما متعثرًا للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 10 ديسمبر/كانون اأول الجاري، إنه إذا طلبت الحكومة الليبية مساعدة من تركيا، فمن الممكن أن ترسل أنقرة قوات عسكرية إلى ليبيا.

وهو ما علق عليه "قنونو" بقوله، في مقابلة مع الأناضول: "سيكفينا الدعم اللوجستي، وفقاً للاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وفي أمور محدودة".

ووقعت أنقرة وطرابلس، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتفاقًا للتعاون الأمني والعسكري، ومذكرة تفاهم بشأن ترسيم الحدود في البحر المتوسط.

** حسم معركة طرابلس

بشأن أحدث مستجدات معركة طرابلس، قال "قنونو" إن "الأوضاع الميدانية لا زالت لصالحنا، لكن المدنيين يعانون بسبب القصف الجوي من الطيران الداعم لمجرم الحرب حفتر".

وأضاف: "ارتُكبت في طرابلس وضواحيها مجازر عديدة بحق المدنيين، في الأشهر الأخيرة، وراحت عائلات بأكملها تحت الغارات الجوية الآثمة".

وردًا على سؤال بشأن تأخر حسم هذه المعركة، أجاب قائلًا: "نتحرك ونخطط تحت القيادة السياسية، ممثلة في المجلس الرئاسي (برئاسة فائز السراج)، التي تضع في الحسبان التطورات السياسية إقليميًا ودوليًا".

وأردف: "وهذه تخضع لحسابات ليست عسكرية، منها: ماذا بعد الحرب (؟) لدينا دولة تريد البناء، وترميم نسيجها الاجتماعي، والمحافظة على علاقات جوار ندّية.. لكن كما أشرت فهي حسابات سياسية".

واستطرد: "أما على الصعيد العسكري، فكان بالإمكان حسم المعركة قبل أن تطول، لكن تغيرت المعطيات على الأرض، بدءًا بالاستعانة (من جانب حفتر) بمرتزقة من إفريقيا، وتدخل الطيران الأجنبي، وأخيرًا الاستعانة بالمرتزقة الروس (فاغنر)، وهو ما جعلنا نعيد رسم خططنا، آخذين في الاعتبار معاناة المدنيين، والأضرار الفظيعة بحق البنية التحتية لطرابلس وما حولها".

مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، في الثامن من الشهر الجاري، اعتبر أن قوات حفتر تقترب من السيطرة على طرابلس؛ بسبب الدعم الروسي.

لكن هذا التقدير رفضه "قنونو" بقوله: "المبعوث الأممي ليس عسكريًا فيما أعلم.. بالحسابات العسكرية التي نعرفها، وبمعرفتنا بما لدينا وما لدى العدو، فإن أبو ظبي أقرب إلى حفتر من طرابلس، كما أن (منطقة) الرجمة (معقل حفتر قرب مدينة بنغازي - شرق) أقرب إلينا من قرب طرابلس إليه، طالما الميدان هو الفيصل".

وتتهم حكومة الوفاق الإمارات بدعم قوات حفتر عسكريًا، خاصة بالغارات الجوية، وهو ما تنفيه أبوظبي، وتقول إنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى.

** الطيران الأجنبي

يتردد أن الطيران الإماراتي المُسير قلص نشاطه في ليبيا منذ لقاء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان بواشنطن، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وهو ما أقر به "قنونو" قائلًا إن "الطيران الأجنبي كان يتدخل في الأوقات الحرجة للعدو، وعرقل تقدمنا غير مرة، وأنقذ حلفاءه من هزائم ماحقة، وعزز نشاطه منذ الضربة القاصمة في (مدينة) غريان (جنوب طرابلس)".

واستدرك: "في الآونة الأخيرة قلل (هذا) الطيران نشاطه بعد إسقاط عديد الطائرات له، لا أستطيع أن أعلق بعمق على المسارات السياسية، لكننا نعول على المجتمع الدولي في كبح جماح الدول المعتدية".

ومنذ 2011، يعاني البلد الغني بالنفط من صراع على الشرعية والسلطة، يتركز حاليًا بين حكومة الوفاق، المعترف بها دوليًا، وقوات حفتر.

** مرتزقة من جنسيات عديدة

منذ الحديث عن قتال "مرتزقة روس" بجانب قوات حفتر، تتصاعد تساؤلات بشأن عددهم وانتشارهم وتأثيرهم.

أعرب "قنونو" عن اعتقاده بأن "الروس تولوا فعلًا قيادة المعارك جنوبي طرابلس.. حاربناهم من قبل في 2011 عندما استعان بهم (العقيد الراحل معمر) القذافي، وقد تغيرت الجبهة بعد حضورهم لدعم حفتر، وصارت أكثر انضباطًا، فهم لا شك محترفون".

واستدرك: "لكنهم لا يندفعون إلى الخطوط الأمامية عند الاشتباك، ويكونون أول المنسحبين بعد الاستيلاء على مواقعهم، وأهم تمركزاتهم الآن في منطقة قصر بن غشير (25 كلم جنوب طرابلس)، وهي أقرب إلى ترهونة (90 كم جنوب شرق طرابلس) منها إلى طرابلس".

وأردف: "نعتقد أن المئات منهم وصلوا إلى ضواحي طرابلس، ولا زالت أعداد أخرى في مناطق الهلال النفطي وقاعدة الجفرة (وسط) وبنغازي".

وقال "قنونو" إن "حفتر، بالأصح حلفاء حفتر، استعانوا بمرتزقة

الجنجويد (قوات الدعم السريع السودانية)، حين عجز عن تجنيد الليبيين الذين أدركوا خداعه لهم، ودخل الجنجويد إلى ليبيا بالآلاف قبل فاغنر، وهو أمر منظور أمام المحاكم السودانية".

وأضاف: "قبضنا على بعضهم (الجنجويد) واعترفوا بهذه الحقائق، التي لم تعد قابلة للتشكيك، ولم تقتصر جنسيات المرتزقة على السودان، فلدينا أيضًا أسرى من تشاد والنيجر".

** خطوط التماس

يحظى محور منطقة "الخلاطات" جنوبي طرابلس بأهمية عسكرية كبيرة، وهو يضم "معسكر حمزة"، وقريب من منطقة صلاح الدين المكتظة بالسكان.

وقال "قنونو إنهم "ركزوا عليها في الآونة الأخيرة، حين دفعوا بمرتزقة فاغنر للتوغل فيها، ظنًا منهم أنها ستكون ممرهم إلى وسط طرابلس، ووصلتنا معلومة بأنهم حددوا الجمعة (السادس من الشهر الجاري) يومًا للحسم، فدفعوا بكل ثقلهم في هذا المحور".

واستطرد: "تمكنت قواتنا، بأقل مجهود عسكري، من امتصاص الهجوم بأقل خسائر ممكنة، وأجبرتهم على التراجع، واختبرنا قوتهم الضاربة، فإذا هم أضعف حتى مما استعددنا له.. هذا المحور عامة ليس له وضع خاص، وهو ضمن خططنا، ولا خوف من ناحيته".

كما ترددت مؤخرًا أنباء عن سيطرة قوات حفتر على معسكر اليرموك وثلاثة معسكرات أخرى بمنطقة صلاح الدين، قرب وسط العاصمة.

وهو ما نفاه "قنونو": "قوات حفتر تسللت إلى هذا الجيب جنوبي طربلس وتم التصدي لهم، وهو محور له وضع خاص.. مشطنا معسكر اليرموك، وهم لا يدخلون إليه إلا عندما تنفذ قواتنا بعض التكتيكات بعيدًا عنه".

وأوضح أن "السيطرة على هذا المعسكر في حسابات المعركة تحصيل حاصل، وليس له أهمية استراتيجية حاليًا، وحين ننفذ خططنا الاستراتيجية فكل المعسكرات جنوبي طرابلس ستكون تلقائيًا خارج الحسابات العسكرية".

وردًا على سؤال عن الوضع في منطقة الطويشة قرب المطار القديم، أجاب بأنه: "عندما تدور المعارك في أي محور يشاغل العدو قواتنا ثم تتسلل مفرزة منه إلى جوار معلم معروف لالتقاط صور ونشرها على أساس السيطرة، ثم تهرب سريعًا، الوضع على حاله في خطوط التماس تقريبًا منذ أن بسطنا سيطرتنا على مدينة غريان نهاية يونيو (حزيران الماضي)".

وبشأن وضع مدينة العزيزية وبلدة الساعدية في ورشفانة (غرب طرابلس)، قال "قنونو": "العزيزية تحت سيطرتنا، وهي منطقة آمنة بالنسبة لنا بين طرابلس وغريان، وباقي البلدات هي نقاط تماس واشتباك مع العدو".

أعلنت قوات حفتر، مؤخرًا، أنها تحشد عناصرها لفتح جبهة الزاوية بالمحور الغربي.

وهو ما قلل منه "قنونو": "حين يواجه العدو أزمات، مثل هروب مجنديه أو تلقيه خسارة مذلة أو صراعات داخلية أو يقصف طيرانهم قواتهم على الأرض، ويؤثر ذلك على معنوياتهم، فإنهم يهرعون إلى تحويل الأنظار إلى ناحية أخرى، وبشكل تهريجي أحيانًا".

وتابع: "في مرة زعموا أن أمير تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي، موجود في (مدينة) مصراتة (شمال غرب)، وزعموا مرة أن قواتنا هي التي تقصف أحياء طرابلس.. كل ذلك لتشتيت الأنظار عن أزماتهم، ومن ضمنها هذا الخبر بخصوص الزاوية بعد إسقاط طائرة (حربية تابعة لهم) وأسر طيارها المطلوب للعدالة".

** معركة ترهونة

في مدينة ترهونة (جنوب شرق طرابلس) تتردد أنباء عن خلافات بين مليشيات "الكانيات" وقوات حفتر.

وهو ما أقر به "قنونو" قائلًا إن "الصراع داخل المعسكر الموالي لحفتر ليس جديدًا، فمنذ البداية كانت هناك خلافات".

وتابع: "وهو أمر طبيعي بين ميليشيات غير متجانسة، فولاء بعضها للقبيلة، وبعضها تهدف للسلب والنهب، وبعضها تبحث عن زعامات وأمجاد شخصية، وولاء بعضها للنظام السابق (القذافي) وتبحث عن ثأر ورد اعتبار.. هذا الخليط عندما يمتزج بالمرتزقة من مختلف الجنسيات، دون وجود قيادة ميدانية، يصبح صراعهم حتمي".

من آن إلى آخر تستهدف قوات الوفاق قاعدة "الوطية" التي تستخدمها قوات حفتر في قصف أحياء طرابلس.

وقال "قنونو": "استهدفنا من قبل طائرات محملة بالذخائر في قاعدة (عقبة بن نافع) المعروفة باسم الوطية، عندما كانت تستعد للإقلاع باتجاه طرابلس، وإن عادوا عدنا".

وأردف: "الاستراتيجية العامة لمعركتنا هي السيطرة على كافة تراب ليبيا، والوطية ليست استثناء، لكنني أفضّل تعبير بسط السيطرة على القاعدة، بدلًا من استهدافها".

وردًا على سؤال بشأن تأخر معركة تحرير ترهونة رغم أهميتها، أجاب بأن "مستجدات المعركة وتغير معطياتها أخرت الحسم، ولو عدنا للوراء قليلًا، فترهونة كمدينة ليست عدوًا، وقد كانت هناك مساعٍ لتحييدها وإبعادها عن التورط مع العدوان، لكن تسارعت الأحداث وتداخلت، ولم يعد هناك بد من الصدام".

وختم "قنونو" بالتشديد على أن "من يسيطر على ترهونة الآن ليسوا أهلها، وسنعمل على رفع المعاناة عن أبناء شعبنا، وقد لا تختلف معركة ترهونة كثيرًا عن معركة غريان، فأهل ترهونة أعلم بشعابها".