الأحد 2020/01/26

“الإيغور” في السعودية.. خناق يضيق وخيارات مستحيلة

توقفت البعثة الصينية في المملكة العربية السعودية عن تجديد جوزات سفر أفراد أقلية الإيغور منذ أكثر من عامين، لإجبارهم على العودة إلى الصين، حيت ينقلون إلى مراكز الاحتجاز الجماعية.

وقالت ست عائلات من الإيغور في السعودية، عَرضت على وكالة فرانس برس جوازات سفرها، عدد منها انتهت صلاحيتها بالفعل واقترب بعضها من الموعد، إنها تخشى العودة إلى الصين حيث توجد معسكرات اعتقال مخصصة لأفراد الأقلية المسلمة.

وقال طالب دين في المدينة المنورة، يبلغ من العمر 30 عاماً وانتهت صلاحية جواز سفره في عام 2018: "حتى الحيوانات في بلدان أخرى يُسمح لها بالحصول على جوازات سفر".

وأضاف: "إما أن يجددوا جواز سفري أو يسمحوا لي بإسقاط الجنسية، إنهم يجعلوننا نشعر بأننا بشر لا قيمة لهم".

وتواجه الجالية الإيغورية في السعودية، خياراً مستحيلاً، فإما العودة إلى الوطن تحت خطر الاحتجاز أو البقاء بشكل غير قانوني في المملكة في ظل خوف دائم من الترحيل.

الاحتجاز ينتظرهم على الجانب الآخر:

ما يضاعف مخاوفهم هو الصمت الواضح للدول ذات الأغلبية المسلمة، من باكستان إلى مصر، بشأن معاملة الصين للإيغور، وتتجنب الدول الإسلامية مواجهة بكين، وهي قوة اقتصادية.

ويثير تعميق العلاقات بين بكين والرياض القلق بشكل خاص، بالأخص وأن المملكة تعد مركز العالم الإسلامي وموطن أقدس موقعين في الإسلام.

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية الصينية عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله العام الماضي إن السعودية تدعم "حق الصين في اتخاذ إجراءات مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف".

وفي هذا العام، منحت الصين دعمها للمملكة بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والتي أثارت انتقادات عالمية بعد تبرئة أقرب مساعدي ولي العهد.

وتضم الجالية الإيغورية في السعودية طلاب دين وتجاراً وطالبي لجوء، وكثير منهم منقطعون عن أسرهم المحتجزة في الصين.

وقال رجل أعمال من الإيغور في المملكة إن الكثيرين يشعرون بالقلق بسبب جواسيس صينيين ويضطر بعضهم إلى العيش مختبئاً، وعرض على وكالة فرانس برس نسخاً من ثمانية جوازات سفر منتهية الصلاحية لزملاء له، ما جعلهم غير شرعيين فوق الأراضي السعودية. وقال: "في غضون العامين المقبلين، نتوقع أن يصبح عدد أكبر من الإيغور عديمي الجنسية". وقد فر العديد منهم عندما أتيحت لهم الفرصة، وغالباً ما كانوا يتوجهون إلى تركيا أو السويد.

وقال عبد الولي أيوب، وهو لغوي من الإيغور، ومستقر في النرويج، لوكالة فرانس برس إن "رفض تجديد جوازات السفر هو جزء من استراتيجية الصين لكشف المغتربين الإيغوريين، وإجبارهم على العودة إلى الصين".

وأكد أيوب ترحيل خمس حالات من السعودية منذ عام 2017. ويقول ناشطون آخرون من الإيغور إن العدد أعلى من ذلك. وأُبلغ عن عمليات تسليم مماثلة من مصر وتايلند.

وقال طالب من الإيغور في المملكة، لم يكشف عن اسمه، إن ثلاثة من أصدقائه الذين تم ترحيلهم منذ أواخر عام 2016، اختفت آثارهم بعد وصولهم إلى الصين، ومن المرجح أن يكونوا الآن فيما يسمى بمعسكرات إعادة التأهيل، التي تقول بكين إنها تهدف إلى "مكافحة التطرف"، إلا أنها شُبّهت بـ "معسكرات الإبادة النازية" المخصصة لغسيل الأدمغة وزرع فكر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.

ومن غير الواضح ما إذا كانت الرياض قد نفذت عمليات ترحيل تحت ضغط من الصين أو ما إذا كان ذلك في إطار الحملة الواسعة التي تشنها على المقيمين غير الشرعيين.

وقالت السفارة الصينية في الرياض لوكالة فرانس برس إنها "لا تتعاون مع السلطات السعودية لترحيل الإيغور".

وعندما سُئلت عن رفضها تجديد جوازات السفر، قالت فقط إنها لم توقف الخدمات القنصلية لـ "إخوانهم وأخواتهم" الإيغور.

حملة بكين ضد "السعودة":

وقال العديد من أفراد الأقلية العرقية المسلمة إنهم يخشون زيارة البعثة الصينية في المملكة حيث تم إبطال جوازات سفر بعضهم حتى قبل تاريخ انتهاء الصلاحية.

وفي رسالة وجهت العام الماضي إلى القنصلية الصينية في جدة تساءلت مجموعة من الطلاب الإيغور عن سبب تجديد جوازات سفر طائفة "الهان" في المملكة مع تجاهل طلباتهم.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس "نحن من بلد واحد، لمدة عامين لم نتمكن من الاتصال بآبائنا وأمهاتنا وإخواننا في الصين... لقد سمعنا أنهم مسجونون بسبب دراستنا في المملكة العربية السعودية".

وتستهدف السلطات الصينية الإيغور الذين تربطهم صلات بـ 26 دولة "حساسة"، بما في ذلك السعودية، على أساس أنهم عرضة لـ "الفكر المتطرف"، وفقا لما ذكره نشطاء نقلا عن وثائق حكومية.

كما إن الإيغور الذين هم على صلة بالسعودية معرضون للخطر بشكل خاص وسط ما يسميه المراقبون حملة بكين "المعادية للسعودة" لمواجهة التأثيرات التي يُلقى عليها اللوم بإدخال التطرف على الإسلام في الصين.

وقال دارين بايلر، الباحث في جامعة كولورادو، لوكالة فرانس برس إن "إلقاء التحية باللغة العربية والدراسة المستقلة للقرآن، وحتى تسمية الأطفال بأسماء، مثل: محمد أو صدام، كلها علامات (تعتبرها الصين) أساسية للتطرف، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى احتجاز الإيغور أو سجنهم".

وتنفي أسر الإيغور أي صلات بالمتطرفين.

وقالت إحدى الشابات، في إشارة إلى تصريح السفر في اتجاه واحد: "لا أريد أن أحمل وأحضر طفلاً إلى هذا العالم، سيحصل الطفل على وثيقة زرقاء ومستقبل قاتم، نشعر بالعجز".

وأنكرت بكين سياسة المعسكرات في البداية، لكنها عادت وبررتها بأنها مجرد مخيمات للتدريب المهني ولـ "إبعاد المسلمين عن التطرف".