الأثنين 2020/12/28

4 أعوام على تهجيرهم.. نازحو حلب حكايات تروى وقصص لا تنسى

يمضي العام الرابع على تهجير 120 ألف شخص من مدينة حلب بصمت، وما زالت آثار الدمار والأنقاض شاهدة على كثافة القصف والمعارك التي خلفت أكثر من 3500 قتيل خلال 5 أشهر، وبعضهم ما زال تحت الأنقاض حتى اليوم.

 

لفت انتباهنا أحد المسنين الذي كان يجلس وحيدا شاردا حزينا، اقتربنا منه، وناديناه بصوت خافت في محاولة للفت انتباهه: "كيف حالك عمّي؟" وسألناه عن قصته.

 

أخبرنا أبو حسن أنه كان أحد الذين خرجوا من مدينة حلب عبر المعابر باتجاه مناطق النظام، وعند عودته إلى منزله لم يجد سوى الحجارة، ولم يلبث أيامًا حتى تم اعتقاله في أحد أفرع مخابرات النظام مع أولاده ليخرج بعدها بشهرين وحيدا، ولا يعلم مصير أولاده حتى اللحظة.

 

وعند سؤاله عن سبب الاعتقال، أجاب بأن السبب يرجع إلى عيشه في مناطق المعارضة، وعدم تواصله مع "أفرع الأمن" للإدلاء بمعلومات عن تحركات فصائل المعارضة.

 

وبنظرة يملؤها الحزن تابع "كان أملي البقاء للعيش مع أولادي، ولكن لم أعد أعلم بأي سجن باتوا، ولم أعد أستطيع تأمين قوت يومي وحدي بسبب تقدمي في السن".

 

تتكرر حالات الاعتقال بحق من آثر البقاء في حلب، فحسب نشطاء حقوقيين فإن عدد المعتقلين من الصعب إحصاؤه بسبب صعوبة التواصل والواقع الأمني المشدد على الأهالي الذين يعيشون أوضاعًا صعبة في المنطقة.

 

في المقابل، يعيش المهاجر من حلب معاناة أخرى، فأنس قضيماتي -أحد نشطاء مدينة حلب- كان قبل اندلاع الثورة يعمل في صناعة وتجارة الأحذية، ومع انطلاق الثورة أصبح من المطلوبين للأمن لإنشاده في المظاهرات المعارضة للنظام.

 

وصادرت قوات النظام بضائع له بمبالغ كبيرة، إلا أنه بقي في حلب خلال الحملة العسكرية يعمل بما أمكن على الصمود مع عائلته حتى انتهى المطاف بهم بالتهجير إلى إدلب وريف حلب.

 

يعمل أنس اليوم في إحدى المنظمات، وفي أوقات الفراغ يؤلف الأغاني والأناشيد ليتغنى بحب مدينته وجمالها وقدم تاريخها، ويركز على ترسيخ هذا التاريخ في ذاكرة أولاده.

 

ويقول أنس "عندما صادرت قوات النظام بضائعي كانت ضربة قاسية لي من الناحية المادية، لكنها كانت دافعا أكبر للمضي بالثورة والخروج ضد الظلم والاستبداد"، وأضاف "عندما أغني لحلب أشعر كأن روحي تطوف بأحيائها وحاراتها، خرجنا بجسدنا منها ولكننا سنعود لها مهما طال الزمن".

 

ورغم كل الظروف الصعبة لا يزال نشطاء مدينة حلب يصرون على تذكير العالم بما حصل لمدينتهم، التي كان يقطنها قرابة نصف مليون شخص، عاشوا الحصار والحرب، 120 ألف شخص اتخذوا قرار الرحيل، ولكنهم -حسب قولهم- "لا يقبلون التنازل عن حقهم في العودة وتحرير مدينتهم، التي فيها جذورهم وهي أرض أجدادهم".