الأثنين 2018/04/16

تقرير للاستخبارات الفرنسية..هكذا نَفَّذت قوات الأسد الهجوم الكيماوي على دوما

أوضح تقرير للاستخبارات رفعت فرنسا عنه صفة السرية، أن باريس استخلصت من تحليل تقني لمصادر متاحة للجميع و»معلومات استخباراتية موثوقة» أن قوات الأسد نفذت هجوماً كيمياوياً على مدينة دوما في 7 نيسان.

وحسب التقرير الذي ترجمته وكالة رويتز فقد وقعت هجمات كيماوية عدة فتاكة في مدينة دوما عصر يوم السبت السابع من أبريل/ نيسان 2018 ونحن نعتقد وبدرجة عالية من الثقة أن نظام الأسد نفذها.

وأضاف التقرير «في أعقاب استئناف نظام الأسد لحملته العسكرية وكذلك عقب مستويات عالية من نشاط القوات الجوية التابعة للأسد  فوق مدينة دوما في الغوطة الشرقية، تحدثت تقارير متزامنة من المجتمع المدني ووسائل إعلام محلية ودولية منذ عصر السابع من أبريل/ نيسان عن واقعتين جديدتين لاستخدام مواد سامة.

وقالت منظمتان طبيتان أهليتان تنشطان في الغوطة، (هما الجمعية الطبية السورية الأمريكية واتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية) واللتان تتصف معلوماتهما عموماً بالمصداقية، في تقارير علنية إن الضربات استهدفت بصفة خاصة البنية التحتية الطبية المحلية يومي السادس والسابع من أبريل/ نيسان».

ونوه إلى أنه خلال الساعات الأولى من المساء لوحظ تدفق هائل لمرضى على المراكز الصحية في الغوطة الشرقية تظهر عليهم أعراض تتفق مع أعراض التعرض لعنصر كيماوي.

وتم توثيق ذلك ويعتقد أن عشرات من المدنيين ووفق مصادر عدة  قتلوا جراء التعرض لمادة كيماوية، حيث تمثل المعلومات التي جمعتها فرنسا مجموعة من الأدلة التي تكفي لتحميل نظام الأسد مسؤولية الهجمات الكيماوية في السابع من أبريل/نيسان.

هجمات كيماوية عدة في دوما

فقد حللت الأجهزة الفرنسية شهادات وصورًا ومقاطع فيديو ظهرت تلقائياً على مواقع متخصصة وفي الصحافة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات والأيام التي أعقبت الهجوم، كما تم أيضاً تحليل شهادات حصلت عليها الأجهزة الفرنسية.

وبعد فحص مقاطع الفيديو وصور الضحايا التي نشرت على الإنترنت تمكنت الأجهزة من أن تستنتج، وبدرجة عالية من الثقة، أن الأغلبية العظمى حديثة وليست مفبركة.

ويؤكد النشر التلقائي لهذه الصور عبر جميع شبكات التواصل الاجتماعي أنها ليست لقطات فيديو مركبة أو صوراً يعاد استخدامها.

وأخيراً، فإن بعض الكيانات التي نشرت هذه المعلومات تعتبر ذات مصداقية عموما.

وحلل خبراء فرنسيون الأعراض التي أمكن رصدها في الصور ومقاطع الفيديو المتاحة لعموم الناس.

وقد تم تصوير هذه اللقطات ومقاطع الفيديو إما في أماكن مغلقة داخل مبنى توفي فيه نحو 15 شخصاً أو في مستشفيات محلية استقبلت مرضى عليهم آثار تعرض لمواد كيميائية.

ويمكن وصف هذه الأعراض على النحو التالي:

- شعور بالاختناق أو صعوبات في التنفس.

- أقوال عن رائحة كلور قوية ووجود دخان أخضر في المناطق المعنية.

- إفراز زائد للعاب والرغاوى (خاصة من الفم والأنف).

- زرقة في الجسد.

- حروق جلدية وحروق في القرنية.

وحسب التقرير لم تظهر أي حالات وفاة نتيجة إصابات ناجمة عن عنف بدني.

كل هذه الأعراض من سمات الهجمات بأسلحة كيماوية وخاصة بعناصر خانقة وعناصر فوسفورية عضوية أو حمض سيانيد الهيدروجين.

وبالإضافة إلى هذا فإن ما يبدو من لجوء الخدمات الطبية لموسعات الشعب الهوائية كما ظهر في التسجيلات المصورة يعزز فرضية التسمم بمواد خانقة.

درجة عالية من اليقين

2- نظرا لاستمرار العمليات العسكرية لنظام الأسد في الغوطة الشرقية في السابع من نيسان/أبريل أو نحو ذلك، فإننا نعتقد وبدرجة عالية من اليقين أن النظام يتحمل المسؤولية.

وتشير معلومات مخابراتية موثوق بها إلى أن المسؤولين العسكريين التابعين لنظام الأسد نسقوا ما بدا أنه استخدام أسلحة كيماوية تحتوي على الكلور في دوما في السابع من نيسان/أبريل .

وأشار التقرير إلى أنه «وقع هجوم السابع من نيسان/أبريل 2018 في إطار حملة عسكرية أوسع نفذها النظام على منطقة الغوطة الشرقية.

ومكنت هذه الحملة التي انطلقت في فبراير شباط 2018 قوات الأسد من السيطرة على الجيب بأكمله.

وذكر أن القوات العسكرية الروسية العاملة في سوريا تتيح للنظام التمتع بتفوق جوي واضح مما يعطيه حرية العمل العسكري الكاملة التي يحتاجها لهجماته العشوائية على المناطق السكنية.

تأكيد استخدام الكيماوي

كان هذا سياق الضربات الكيماوية التي جرى تحليلها في هذه الوثيقة، وفي إطار هذا السياق، يكون استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية منطقياً من وجهة النظرالاستراتيجية :

من الناحية الاستراتيجية، فإن الأسلحة الكيميائية وبخاصة الكلور، والتي جرى توثيقها في الغوطة الشرقية منذ أوائل 2018، تستخدم بصفة خاصة لمعاقبة السكان المدنيين الموجودين في مناطق يسيطر عليها الثوار  ولبث أجواء الخوف والرعب التي تدفعهم للاستسلام.

ولأن الحرب لم تنته بالنسبة للنظام، فإنه يلجأ لهذه الضربات العشوائية لإظهار أن المقاومة لا تجدي وليمهد الطريق أمام بسط السيطرة على مناطق وجود الثوار.

ومنذ عام 2012 استخدمت قوات النظام مراراً نفس النمط من التكتيك العسكري: فاستخدمت المواد الكيماوية السامة أساساً خلال الحملات الأوسع في مناطق المدنيين، كما حدث في أواخر 2016 خلال السيطرة على حلب، حيث استخدمت أسلحة الكلور على نحو منتظم بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية.

والمناطق المستهدفة، مثل الغوطة الشرقية، كلها أهداف عسكرية رئيسية بالنسبة لنظام الأسد.

3- الأجهزة الفرنسية ليس لديها معلومات تدعم فرضية أن الفصائل في الغوطة كانت ستسعى لحيازة أسلحة كيماوية أو أنها كانت بحوزتها فعلاً، كما أن الأجهزة الفرنسية ترى أن فبركة الصور التي جرى تداولها على نطاق واسع منذ يوم السبت الموافق السابع من نيسان/أبريل أمر يصعب تصديقه، لأسباب منها أن الفصائل الموجودة في الغوطة لا تملك الموارد اللازمة لتنفيذ عملية اتصالات بهذا النطاق.

وأشارت فرنسا في تقريرها إلى أنه منذ أبريل/ نيسان 2017 ونظام الأسد يستخدم أسلحة كيماوية ومواد سامة في عملياته العسكرية بشكل متزايد، كما يحتفظ نظام الأسد ببرنامج أسلحة كيماوية سري منذ 2013.

وتعتقد الأجهزة الفرنسية أن قوات الأسد لم تعلن عن كل مخزوناتها وقدراتها لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لدى انضمامها مؤخرا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية في أكتوبر/ تشرين الأول 2013.

والجدير بالذكر أن نظام الأسد تحاشى الإعلان عن كثير من أنشطة مركزه للدراسات والبحوث العلمية.

ولم توافق إلا مؤخرا على إعلان أنشطة معينة لمركز الدراسات والبحوث العلمية وليس كلها.

وفي البداية لم تعلن عن موقعي برزة وجمرايا، وأخيرا فعلت في 2018.

ترى الأجهزة الفرنسية أنه يجب الانتباه بشدة لأربعة أسئلة طرحتها منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على نظام الأسد ولا تزال بلا إجابة، وبخاصة في سياق هذه الحالات الأخيرة التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية في سوريا:

- المخزونات المتبقية المحتملة من غاز الخردل ومادة "دي.إف" (التي تستخدم في إنتاج السارين).

- الأسلحة الكيماوية المحدودة القدرة التي لم يعلن عنها والتي ربما استخدمت مرات عديدة إحداها خلال الهجوم على خان شيخون في أبريل نيسان 2017.

- علامات وجود غاز الأعصاب "في.إكس" والسارين بمواقع إنتاج وتحميله.

- علامات وجود مواد كيماوية لم يعلن عنها قط ومنها الخردل النيتروجيني وغاز الخردل (لويسايت) وغاز الأعصاب (سومان) وغاز "في.إكس".

منذ 2014، نشرت مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتقصي الحقائق عدة تقارير تؤكد استخدام أسلحة كيماوية بقصف المدنيين في سوريا.

وأجرت آلية التحقيق المشتركة التابعة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وهي الآلية المعنية بهجمات الأسلحة الكيماوية، تسعة تحقيقات في وقائع قـيل إنـها استـخدمت خـلالها.