السبت 2019/02/23

واشنطن بوست: إدارة ترامب ترتكب خطأ استراتيجياً آخر في سوريا

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب "ارتكبت خطأً استراتيجياً فادحاً في سوريا"؛ بقرارها إبقاء 400 جندي أمريكي هناك.

وذكرت الصحيفة أنه "بعد أن أعلنت إدارة الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، عادت بفعل الضغوط الكبيرة التي مورست عليها إلى تعديل قرار الانسحاب الكامل، وإعلان بقاء نحو 400 جندي أمريكي في سوريا، بعد أن كان عدد القوات الأمريكية هناك يتجاوز 2000 جندي".

وأشارت إدارة البيت الأبيض إلى أن العدد المعلن عنه سينقسم بين قاعدة في جنوبي سوريا على الحدود الأردنية وهي قاعدة التنف، وآخر موجود بالمنطقة الشمالية على الحدود السورية مع تركيا.

"واشنطن بوست" قالت في افتتاحيتها: إنه "ليس من الواضح مدى كفاية هذا العدد المتواضع لحماية المصالح الأمريكية، التي تشمل منع الصراع بين القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا وتركيا، وضمان عدم عودة مقاتلي تنظيم الدولة، وتجنب السماح لروسيا وإيران بتحقيق مكاسب جديدة في سوريا".

واستدركت قائلةً: "لكنها مع ذلك، خطوة إيجابية، لكونها ستخفف من الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها إدارة ترامب".

وتابعت الصحيفة: "لقد أعلن ترامب التخلي عن سوريا وسحب القوات من هناك فجأة من دون استشارة المستشارين أو الحلفاء، ولم يقدم تفسيراً مقنعاً يسوغ هذا القرار، وكان يكرر شعارات فارغة حول إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن، رافضاً أن تصبح شرطي الشرق الأوسط".

إلى وقت متأخر، تقول الصحيفة، بدا ترامب مصمماً على الدفاع عن قراره أمام كبار المسؤولين العسكريين، وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والقادة الأوروبيين، الذين حذروه من سوء فهمه الأوضاع في سوريا والمخاطر التي تواجه الولايات المتحدة.

وأضافت: "لقد كانت مهمة الولايات المتحدة في سوريا ناجحة، عكس تلك القوات الموجودة بالعراق وأفغانستان؛ فبعد أن تعلمت الولايات المتحدة من حربي العراق وأفغانستان، تمكن القادة الأمريكيون من وضع بصمة مختلفة في شمال شرقي سوريا".

واسترسلت قائلة: إن الأمريكيين هناك "شكَّلوا تحالفاً مع القوات المحلية "المليشيات الكردية"، وعملوا على تسليح هؤلاء المقاتلين وتدريبهم، وتقديم الدعم الجوي لهم في قتالهم تنظيم الدولة".

الصحيفة أكدت أن "هذه الحملة التي شنتها القوات الأمريكية في سوريا لم تكبد الولايات المتحدة خلال أربع سنوات سوى سبعة قتلى، وسمحت للقوات المتحالفة معها بالسيطرة على أجزاء كبيرة واستراتيجية في سوريا، وللمرة الأولى صار لواشنطن نفوذ حقيقي تساوم به على مستقبل سوريا".

وترى الصحيفة أن على القادة الأمريكيين إقناع ترامب، كما أقنعوه بأهمية الحفاظ على المكاسب التي تحققت في سوريا، بضرورة متابعة الأهداف التي وُضعت للمشاركة الأمريكية في سوريا.

وذكرت أن هذه الأهداف تشمل "ضمان عدم عودة المقاتلين الذين كانوا في صفوف  تنظيم الدولة، وتسوية الحرب  في سوريا، لأن ذلك سيؤدي إلى الحد من النفوذ الإيراني بالبلاد، وضمن ذلك محاولة طهران ترسيخ وجودها من خلال المقاتلين أو الصواريخ القادرة على الوصول لإسرائيل".

بالإضافة إلى هذا كله، تقول الصحيفة، إنه سيتعين على ترامب أن يحقق تسوية مع تركيا، تقضي بإنشاء منطقة عازلة بينها وبين المليشيات الكردية المتحالفة مع أمريكا، والوقوف بوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وليس الخضوع والاستسلام لمطالبه.

وقالت أيضاً إن على ترامب أن يعمل من أجل إقناع بريطانيا وفرنسا بمواصلة نشر قوات مكافحة الإرهاب في شمالي سوريا، خاصة أنهما سبق أن أعلنتا عدم بقائهما بسوريا في حال غادرت أمريكا.

في ختام تحليلها، تقول "واشنطن بوست" إن هذه الأشياء باتت أكثر صعوبة الآن، لا سيما في ظل العلاقات المتدهورة التي تربط ترامب مع الحلفاء الأوروبيين الرئيسين، لكن رغم ذلك فإن على الرئيس ترامب الاستماع إلى أولئك الذين حذروه من الوقوع في شَرك الشرق الأوسط، الذي ما زال يتخبط به.