الأربعاء 2020/09/09

هل وافقت موسكو على “رؤية الأسد” لانتخابات 2021 ؟

بعثت دمشق أوضح رسالة علنية، بأن "الإصلاح الدستوري"، الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف، لن يحصل قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في منتصف العام المقبل، ما يعني أن هذه الانتخابات ستحصل بموجب دستور عام 2012، كما أن موسكو بعثت بأوضح رسالة علنية، بموافقتها على ذلك، لدى قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعد لقائه بشار الأسد أول أمس، إنه "لا جدول زمنياً" للإصلاح الدستوري، وإن "الانتخابات الرئاسية شأن سيادي سوري".

وعُقدت قبل أسبوعين اجتماعات الجولة الثالثة للجنة الدستورية في جنيف بـ"تسهيل" من المبعوث الأممي غير بيدرسن، وحضور ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. وغيّر وفد النظام من ممارساته، لكن جوهر موقفه بقي على حاله لجهة رفض أي اتفاقات كانت قد أُبرمت بين النظام و"هيئة التفاوض" المعارضة حول "القواعد الإجرائية" لعمل اللجنة، وتمسك الوفد بوصفه اللجنة "كياناً سيادياً مستقلاً" وأن أي اتفاق تصل إليه سيُعرض على استفتاء عام.

وفُسر موقف وفد النظام (الذي يسمى نفسه "الوفد الوطني") برئاسة أحمد كزبري، بأن القرار الضمني في دمشق، هو عدم حصول أي إصلاح دستوري قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في منتصف العام المقبل، بحيث تجري بموجب دستور عام 2012، الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية ويدشن ولاية ثالثة للأسد، ويحدد معايير الترشح للانتخابات الرئاسية، بينها: الإقامة عشر سنوات متواصلة قبل التقدم للترشح، الحصول على موافقة 35 نائباً في البرلمان.

وكانت "الجبهة الوطنية التقدمية" التي تضم تحالف أحزاب مرخصة بقيادة "البعث" الحاكم قد فازت بـ183 مقعداً (بينهم 166 بعثياً) من 250 مقعداً في انتخابات يوليو تموز الماضي، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وتحالف الأحزاب المرخصة. وكان لافتاً أن الوفد الروسي الزائر لدمشق هنّأ مسؤولي النظام بـ"الفوز بالانتخابات البرلمانية".

كما فُسّر الأسلوب التفاوضي لوفد النظام في الجولة الأخيرة في جنيف، بأن الإصلاح الدستوري مُرجأ إلى بعد 2021، أي بعد "فوز الأسد" بولاية جديدة مدتها سبع سنوات، على أن يطبق الإصلاح في أول انتخابات برلمانية مقبلة في 2024، ما لم يقدم موعدها.

ولجأ بيدرسن إلى موسكو والتقى وزيري الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، على أمل تقديم "نصيحة" لدمشق كي تُبدي بعض المرونة في اجتماعات اللجنة في نقاط محددة: التزام اتفاق "القواعد الإجرائية" وأن يكون الوفد ممثلاً للنظام وأن ينخرط في مفاوضات جدية، إضافة إلى التزام العمل التراكمي، بما في ذلك المبادئ السياسية الـ12 التي أُقرت في ختام "مؤتمر الحوار الوطني" في سوتشي بداية 2018. بالفعل، وعد الجانب الروسي بذلك، لكن المؤتمر الصحفي للافروف والمعلم تضمن إشارات واضحة لـ"رد النظام على النصائح الروسية"، ومضمون موقف دمشق - موسكو.

أغلب الظن، أنه لم تكن صدفة أن صحفية روسية سألت المعلم عن توفر شرط الإقامة عشر سنوات لأي مرشح رئاسي سوري وعن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، كان قد التقى رئيس "الائتلاف الوطني السوري" المعارض السابق معاذ الخطيب، ولمّح إلى رغبة موسكو في أن يرشّح "الخطيب" نفسه في الانتخابات المقبلة. لكنّ جواب "المعلم"، كان واضحاً: "طبعاً ستجري انتخابات رئاسية حرة ونزيهة (في موعدها). أما ما يتعلق بإلغاء شرط الإقامة (10 سنوات في سوريا)، فهذا شأن اللجنة العليا للانتخابات، لكن من حيث المبدأ كل من تتوفر له شروط الترشيح بإمكانه أن يترشح". للعلم إن شروط الترشح هي شأن دستوري وليس من صلاحية اللجنة العليا للانتخابات. وأضاف المعلم أنه لا علاقة لموضوع الدستور بالانتخابات الرئاسية، مؤكداً أنها ستجري في موعدها العام القادم.

وفيما يتعلق بـ"تعجيل" عمل اللجنة الدستورية، فإن جواب النظام، أيضاً جاء حاسماً: "لا يوجد جدول زمني لإنجاز الدستور فهو يحتل أهمية خاصة وقدسية شعبية ولا يمكن سلقه (صوغه بسرعة) أو إنجازه باللغط... هذا يجب أن يُنجز بما يحقق طموحات الشعب السوري".

كما أنه أغلق الباب أمام احتمال "تعديل" الدستور الحالي لفتح الطريق أمام انتخابات بشروط جديدة، لأن أي تعديل يتضمن آلية دستورية معقدة، أضيف إليها شرط الاستفتاء العام، إذ قال المعلم: "الدستور القادم هو شأن ما يتوصل إليه أعضاء اللجنة الدستورية، إن كانوا يريدون تعجيل الدستور القديم أو إنتاج دستور جديد... في كلا الحالين سيتم عرضه للاستفتاء الشعبي، كي يضمن أوسع تمثيل شعبي".

مواقف المعلم، جاءت بحضور الوفد الروسي وبعد اللقاء مع الأسد، بل إن لافروف قال إنه "لا جدول زمنياً" لعمل اللجنة الدستورية و"موضوع الانتخابات الرئاسية، قرار سيادي لسوريا".