الخميس 2017/09/07

هل احتفل الأسد مبكرا في دير الزور؟

يستطيع المتابع لعمليات دير الزور الانتباه إلى أن الأسد استعجل في إعلان نصره هناك، فالسماح للأسد الوصول إلى دير الزور يعني موافقة دولية بذلك خاصة مع تصريحات وتلميحات وترويج ممنهج من شخصيات سياسية محلية وإقليمية ودولية بأن معركة دير الزور هي نهاية الحرب في سوريا، لذلك يريد الأسد الآن أن يبرهن للجميع أنه قد انتصر، لكن إعلانه المبكر الوصول والانتصار بل والمقامرة بأفضل جنوده لمعارك دير الزور من الحرس الجمهوري -اللواء 103 إلى قوات النمر، للواء القدس، للعشائر العربية، بالإضافة لمليشيات أفرع الأمن المتعددة جعله مهدد بخسارة كل شيء، بينما ينشغل ماتبقى من قواته مع خليط من مرتزقة واغنر ومرتزقة المرتزقة "صيادو الدواعش" في معارك ريف حماة الشرقي والتي تعاني الأن من تعثر معاركها أيضا حول عقيربات بل وتشهد تراجعا تدريجيا لزخمها وقد يكون أحد أسباب فقد الزخم هو إرسالها لتعزيزات من هذه الجبهة إلى دير الزور.

تحليل الوضع الميداني يشير إلى تعثر محور جنوب الفرات بل وتراجع هذا المحور بالإضافة لتعثر محور كباجب وهذا ما اضطر الأسد إلى التقدم من محور جديد من جبل البشري لمحاولة الوصول بأي ثمن لدير الزور.

كما يشير إلى أن إعلان تحرير مساحات شاسعة من الصحراء السورية يعني أنه الأن بحاجة لأعداد كبيرة "ليست موجودة لديه" لحماية مكتسباته الجديدة.

لكن يبدو أن استراتيجية الأسد الآن هي إعلان انتصاره في الحرب بشكل مبكر حتى لو أصبح جيشه عاجزا وذلك مقابل أن يقهر العامل النفسي للمعارضة ليفاوضها وفق شروطه وليس شروطها وليبدو للمعارضة استحالة الانتصار على الأسد وبالتالي يكون الأسد قد انتصر إعلاميا بينما جيشه يتعرض للإبادة في الشرق ليضمن بذلك شرعية دولية "ممهورة بختم من المعارضة" بالإضافة لاستقرار مناطق الثوار والتوقيع معها عن طريق روسيا"أي حماية نظامه من أي تهديدات ثورية/شرعية" .

وحتى لو وجدت تهديدات على نظامه من تنظيم الدولة فوقتها تصبح تلك مشكلة دولية ويتوجب على الجميع مساعدته وقد تضغط الأطراف الدولية على الثوار لتقديم المساعدة لحماية الأسد من السقوط عسكريا، هناك الآن ثلاثة سيناريوهات:

1. يراهن الأسد بكل مالديه على إخراج تنظيم الدولة من مدينة دير الزور وبالتالي يخرج نظام الأسد عاجزا تماما بعد معركة دير الزور.

وهنا يوجد عدة سيناريوهات تعتمد على استراتيجية تنظيم الدولة وقدراته فالتنظيم:

أ. قد ينسحب من دير الزور بعد استنزاف مليشيات الأسد لفترة طويلة

ب. قد يسمح لمليشيات الأسد بالدخول إلى دير الزور ثم يعيد إطباق الحصار على القوات المحاصرة سابقا والقوات الجديدة وبالتالي لن يكون هناك أي قوات للأسد تستطيع فك الحصار الجديد.

ج. قد يمنع الأسد من الوصول لدير الزور ويبدأ معارك كر وفر واستنزاف طويلة تؤدي لاحقا لانهيار مليشيات الأسد بشكل كامل ومفاجئ.

وتحقق السيناريو الأول يعني أن حرب العصابات ستمتد لسنوات ، أما تحقق سيناريوهي  ب و ج،  يعني أنه لم يعد هناك من يقدم المساعدة للأسد إلا المليشيات الانفصالية والأمريكان او الحشد الطائفي .

2. تقوم المليشيات الانفصالية بتقديم المساعدة للأسد في دير الزور انطلاقا من الشدادي وصولا لدير الزور من الشمال مقابل تخلي الأسد عن حقول نفط ديرالزور للمليشيات الانفصالية وهذا يعني إفلاس الأسد وعدم رضى روسيا والتي ستستثمر حقول النفط والغاز لعشرات السنوات كطريقة لسداد مستحقاتها المالية فيصبح الأسد بعد دير الزور عاجزا عسكريا واقتصاديا.

ناهيك أن إعلان النصر جاء قبل استعادة الأسد للمناطق الشاسعة التي تسيطر عليها المليشيات الانفصالية في الشمال السوري إلا إن كان إعلان النصر هو إعلان الأسد لقبوله باستقلال شمال سوريا

3. يقوم الحشد الطائفي بعد معارك حويجة بالدخول إلى سوريا لمساندة الأسد، ليمتد الأمر لاحقا لعمل على منطقة إدلب ولكن هذا قد يؤدي أيضا لاستنزاف إيران والعراق وسوريا اقتصاديا وعسكريا ليخرج الجميع عاجزين عسكريا واقتصاديا، بانتظار أي قوة جديدة تستفيد من الوضع.

في جميع الحالات السابقة، ستستمر الحرب عمليا لسنوات في سوريا، ولانعتقد أنه بامكان روسيا الاستمرار بتقديم الدعم للأسد إلى مالانهاية، بل ان الدعم سيتوقف خلال مدة اقصاها الصيف المقبل، وما إعلان الأسد الانتصار الا لتضليل الإعلامي للحصول على تنازل من الثوار وشرعية دولية لتبدأ وقتها روسيا الترتيب للانسحاب من المستنقع السوري. يزيد اعتقادنا في مركز نورس يوما بعد يوم أن المنتصر في هذه الحرب هو صاحب النفس الأطول والصبر الأشد.