الثلاثاء 2022/02/22

نفاد العديد من أصناف الأدوية في دمشق وسط غلاء بالأسعار

يستمر غلاء الأسعار بقطاع الصحة إلى ما يفوق قدرة السوريين الشرائية، سواء الأدوية أو أجور معاينة الأطباء، بعدما رفعت حكومة بشار الأسد أسعار مختلف الأصناف بين 30 و50% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتستمر الارتفاعات خلال الفترة الأخيرة، حسب مصادر من دمشق تحدثت لـ"العربي الجديد"، بالتزامن مع نفاد أدوية للأمراض الخطرة والمزمنة، ما أوصل أزمات الطوابير إلى قطاع الأدوية.

 

وتؤكد المواطنة زلفا حسن، من حي دمر بالعاصمة السورية، لـ"العربي الجديد"، نفاد أدوية الضغط من الصيدليات رغم رفع الأسعار بنحو ستة أضعاف منذ عامين.

 

وتقول: "لم يعد دواءا لازيكس أو هيدريتك موجودين ولو بسعر 40 ألف ليرة في حين كان سعرهما قبل عام 6300 ليرة (الدولار = نحو 3650 ليرة)، حتى أن بعض الجمعيات الخيرية بمنطقة الإطفائية بدمشق، كانت تعطينا أدوية الضغط والسكر والقلب بالمجان، لكنها توقفت منذ أشهر، وبقيت بعض الجمعيات تعطي بعض الأصناف للفقراء "لكنها قليلة وعليها إقبال وطوابير طويلة".

 

وتشكو المواطنة السورية (68 عاماً)، من تخصيص بيع أصناف دوائية بصيدليات محددة بأماكن بعيدة، وتتابع: "أجور النقل تزيد تكاليف الحصول على الدواء، كما أن نظام الورديّات والمناوبة بالصيدليات، زاد من أزمة الدواء بسورية"، مؤكدة أن أدوية الأمراض المزمنة تباع بدمشق بالدوام المسائي وبأيام محددة وبأسعار مرتفعة ومتفاوتة.

 

وحول أجور معاينة الأطباء بدمشق، تضيف أنها غير محددة ولا يوجد التزام بقرارات وزارة الصحة، فهي تراوح بين 20 و40 ألف ليرة، على حسب التخصص وشهرة الطبيب.

 

ولم تستقر أو تتوفر الأدوية بسورية رغم رفع مديرية الشؤون الصيدلانية بوزارة الصحة بحكومة بشار الأسد في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر أسعار 12758 صنفا دوائياً بنسبة تصل إلى 50%، ليكون الارتفاع الثالث (الرسمي) خلال عامين، حسبما قال تاجر الأدوية أحمد الصمودي لـ"العربي الجديد".

 

وتعد مشكلة الأدوية بسورية "هي الأخطر"، وفق الصمودي، سواء ما يتعلق بتناسب الأسعار مع الدخول أو توفرها بالأسواق، أو حتى الضغوط التي تمارس على من تبقى من معامل الإنتاج، بعدما أغلقت كبرى الشركات.

 

ويضيف المتخصص السوري أن تخلي حكومة الأسد عن دعم استيراد المواد الدوائية بدولار التصدير، بل ورفع الضرائب على الشركات، وضع القطاع بموقع الخاسر.

 

ويشير المتحدث إلى مشكلة إغلاق الصيدليات، سواء بقرارات رقابية بحجة عدم الالتزام بالأسعار أو وجود أدوية مهربة، مؤكدا إغلاق 150 صيدلية بدمشق وريفها في العام الماضي من قبل الحكومة أو نتيجة هجرة الكفاءات.

 

وكانت نقيبة الصيادلة في سورية وفاء كيشي قد أكدت خلال تصريحات، أخيرا، أن عام 2021 شهد زيادة كبيرة في عدد الصيادلة المهاجرين، بخاصة في النصف الثاني من العام، بعد أن كان الصيادلة أقل فئة هجرة بين الكوادر الطبية.

 

وأوضحت كيشي أن النقابة لا تطالب بإلغاء الخدمة الريفية، بل بإيجاد حل إضافي يسمح للخريجين الجدد بخدمة الريف في صيدليات المدينة طالما أن في كل صيدلية صيدليا واحدا أو اثنين على الأقل.

 

ويرى الاقتصادي السوري حسين جميل أن مشكلة الخريج ليست بالعمل بالريف أو المدينة، ولكن بوجود فرصة عمل أو بالقدرة على فتح صيدلية بواقع غلاء العقارات وأسعار الأدوية، "صاحب حظ من يجد عملاً بصيدلية ولو بصفة بائع"، حسب جميل.

 

ويضيف جميل متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن قطاع الأدوية بسورية يعاني أكثر من غيره، رغم أنه أكثر حساسية وخطراً نظراً لالتصاقه المباشر بحياة الناس، ففضلاً عن غلاء أسعار المواد الأولية وحوامل الطاقة وضعف القدرة الشرائية، يتعرض أصحاب المنشآت لابتزاز حكومي وملاحقات مستمرة.

 

ويرى جميل أن تهديم صناعة الدواء بسورية من الخسائر الكبرى، فبعد وجود نحو 96 منشأة لصناعة الأدوية بسورية عام 2011، يؤمن إنتاجها أكثر من 90% من حاجة السوق المحلية، بات هذا القطاع أو ما تبقى منه يعمل بهدف الاستمرار، حتى ولو بطرق غير شرعية.