الأحد 2021/02/07

نظام الأسد.. حجز الأملاك يصل إلى ذوي المتخلفين عن “العسكرية” في سوريا

"تنفيذ الحجز على أملاك أهل وذوي المتخلفين عن العسكرية"، بهذه العبارة توعد  رئيس فرع البدل والإعفاء بقوات النظام، العميد الياس بيطار، الشبان السوريين في الخارج في حال لم يقدموا على دفع البدل المستحق لإعفائهم من التجنيد الإجباري عند بلوغهم سن الـ 42 عاماً.

وقال بيطار، في فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الإجتماعي إنّه حسب الأنظمة والقوانين، لا يمكن لأي مكلف ولأي مواطن في الجمهورية العربية السورية حتى لو تجاوز الـ 42، ولم يلتحق بالخدمة العسكرية أنّ يعفى من دفع البدل النقدي وقدره مبلغ  ثمانية آلاف دولار أميركي".

 

كلام بيطار جاء ضمن فيديو أعدته "وزارة إعلام" نظام الأسد تحت عنوان "من يُعفى من الخدمة الإلزامية؟ من يحق له دفع بدل نقدي؟".

تصريحات مخالفة للقانون

وينص قانون الخدمة العسكرية بعد تعديله عام 2017، على وجوب دفع البدل لمن تجاوز عمره 42 سنة ولم يؤدها، مبلغ قدره ثمانية آلاف دولار، فضلاً عن غرامة تأخير قدرها 200 دولار أميركي عن كل سنة تخلف.

وأضاف القانون أنّه "يحال إلى الهيئة العامة للضرائب والرسوم ليتم إلقاء الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلف، وتحصيل المبلغ والغرامة وفق قانون جباية الأموال العامة".

كما أقر "مجلس التصفيق" عام 2019، بتعديل المادة  (97) من قانون خدمة العلم،  ليجيز إمكانية تحصيل البدل عبر الحجز التنفيذي على أمواله دونما حاجة لإنذاره، بحسب وكالة "سانا" الناطقة باسم النظام.

وعليه، يعتبر القانون والأنظمة مرعية الإجراء واضحة في هذا الخصوص بعدم جواز حجز أموال ذوي المتخلف عن التجنيد الإجباري، على خلاف ما قاله بيطار، الذي اعتبر البعض كلامه بمثابة قرار جديد باعتباره رئيسا لفرع البدل والإعفاء.

وفي هذا السياق، اعتبرت هيئة القانونيين السوريين (مؤلفة من حقوقيين وباحثين في القانون)، أنّ تصريحات ضابط فرع البدل والإعفاء تشكل قرارات وتصريحات لا تمت للدساتير والقوانين بأدنى صلة".

بيع العقارات

وشددت الهيئة، في بيان لها، على أنّ "كل ذلك من أجل استكمال جريمة التغيير الديمغرافي، وبيع عقارات السوريين بالمزادات وشرائها بثمن بخس من قبل رجال أعمال إيرانيين".

وأشارت الهيئة، إلى أنّه "وفقاً لكلام بيطار، من الممكن أنّ تصبح أملاك جار المكلف أو خطيبته أو أهل خطيبته أو أخواله أو أعمامه، خالته أو عماته تحت الحجز التنفيذي".

"اقتلاع أهل سوريا"

وعلّق  الإعلامي السوري ومؤسس موقع "كلنا شركاء"، أيمن عبد النور، في حديث لموقع "الحرة"، بالقول إنّ "أي شخص سوري أو يحمل جنسية أخرى، ملزم بدفع البدل تحت طائلة حجز أملاكه وأملاك أهله سواء كانوا في سوريا أو خارجها، وهو بمثابة اقتلاع أهل سوريا من وطنهم، وسرقة ممتلكاتهم ضمن عملية ممنهجة".

وأضاف عبد النور : "جعل الحجر التنفيذي يلاحق أقارب الشخص المكلف أمراً غريباً، ولا يمكن تقبله بالمنطق، وهو دليل على الإفلاس الكامل في موازنة الدولة".

"تأمين العملة الأجنبية"

ومن الناحية الاقتصادية، اعتبر الصحفي والخبير الاقتصادي، عدنان عبد الرزاق، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "النظام يتجه، بواقع تراجع موارد الخزينة العامة والعجز الكبير بالموازنة، إلى إيجاد بؤر جديدة، تؤمن له بعض القطع الأجنبي، بعد تبديد الاحتياطي النقدي بالمصرف المركزي البالغ نحو 18 مليار دولار مطلع الثورة عام 2011".

وأضاف أنّ "النظام يبحث عن العملة الأجنبية من أجل استيراد المشتقات النفطية والقمح على وجه التحديد، بعد غلاء الأسعار وشح تلك السلع بالسوق السورية"، مشيراً إلى أنّه "لذلك رأيناه يرفع جميع ما يعرف بخدمات الوطن للمغتربين والمهاجرين والمهجرين على وجه التحديد".

"إتاوات"

وأوضح عبد الرزاق أنّ "إخراج القيد وكشف العلامات الجامعية والحصول على شهادة التخرج يستلزم في الخارج دفع مبلغ وقدره 400 دولار، وكذلك جواز السفر بالسفارات والقنصليات الخارجية يصل إلى 800 دولار للجواز المستعجل، أما بالنسبة لوثائق خدمة العلم، فهي في مقدمة الإتاوات التي يفرضها النظام، إذ يصل سعر وثيقة الاستعلام عن الحالة العسكرية نحو 500 دولار".

وأشار إلى أنّ "النظام أدخل إتاوة جديدة خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع ملامح موسم زراعي وفير بسوريا، وهي تأجير أراضي المهجرين أو طرحها للاستثمار لعام أو أكثر".

رواتب منخفضة وواقع صعب

أما بالنسبة للسوريين الفارين من الخدمة الإلزامية، فقال الشاب فؤاد (28 عاماً)، يعمل في إحدى المطاعم اللبنانية، في حديث لموقع "الحرة": "فليتركوا أهلنا في سوريا، رغم صعوبة العيش ينفقون علينا ونحن في الخارج، لاسيما بعدما انهيار الاقتصاد في بيروت".

وأضاف فؤاد أنّ "العميد بيطار يعكس سياسة النظام تجاه مواطنيه"، لافتاً إلى أنّه يتقاضى راتباً قدره 400 ألف ليرة لبنانية (حوالى 264 دولارا بسعر الصرف الرسمي و50 دولارا وفقاً لسعر السوق السوداء).

وأشار إلى أنّه "لم يتبق لأبي إلا قطعة أرض واحدة، سيبيعها قبل وضع إسم أخي الأصغر على قائمة المطلوبين للعسكرية".

أما مصطفى (اسم مستعار)، مقيم في الإمارات، اعتبر أن "النظام يعيش في حالة إنكار دائم".

وأوضح مصطفى أنّه "تخرج من كلية الاقتصاد، وعمل في شركة محاسبة في لبنان، ولكنه بات حارسا لعمارة، ويقطن في شقة صغيرة".

تبعات عدم دفع البدل

ولفت إلى أنّه "لم يسدد سندات التأجيل لكي يسمح له برؤية أهله قبل تجاوزه مدة الأربع السنوات، علماً أنّ كلفتها في القنصلية السورية في دبي 150 درهماً إماراتياً (حوالى 40 دولار أميركي).

ويوجب القانون على المواطن السوري في الخارج الاستحصال على سندات إقامة، وهي مستند إلزامي يجب الاستحصال عليه من أجل تأجيل الخدمة الإلزامية، والسماح له بزيارة بلاده لمدة 3 أشهر في السنة الواحد.

أما نور (23 عاماً)، يعمل بائع عطور في دبي، قال لموقع "الحرة"، إنّه "لن يقم بأي من الإجراءات المفروضة عليه، لأنه غير قادر على دفع 150 درهماً، وإيجار سريره في غرفة مشتركة لا يقل عنّ 400 درهم (108 دولارات).

وبالعودة إلى الخبير الإقتصادي، أسف عبد الرزاق لواقع السوريين في الخارج، مشيراً إلى أنّ "تبعات عدم دفع بدل خدمة العلم، تخيف الشباب المغترب، إذ يمكن اعتقالهم من المطار بحال عودتهم، ولكن بعد اليوم يبدو أن مأساتهم ستزيد بعد طرح ممتلكات المكلف بالعسكرية أو أهله أو ذويه للبيع".

البدل

وكان بشار الأسد، قد أعلن في تشرين الماضي، عن "قائمة أسعار" بدل الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، بعد إتمام مدة إقامة معينة خارج سوريا، بمبالغ تراوحت بين 7 ألاف و10 آلاف دولار أميركي.

كما أقر الأسد ولأول مرة، السماح بدفع بدل عن الخدمة الإلزامية للسوريين المطلوبين على سبيل الاحتياط في بلدهم، وتصل قيمته إلى 3 آلاف دولار.

كما كشف "وزير الداخلية" بنظام الأسد، محمد رحمون، نهاية عام 2020، عن وصول عائدات جواز سفر السوريين "المغتربين" إلى  أكثر من 21.5 مليون دولار أميركي.