الثلاثاء 2022/04/26

موائد رمضان الجماعية تدعم أهالي الشمال السوري

على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها سكان الشمال السوري، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وحالة النزوح المستمرة وعدم الاستقرار، ما زالوا يحافظون على بعض العادات والتقاليد والطقوس وخصوصاً خلال شهر رمضان، الأمر الذي يساهم في التخفيف من همومهم وتعزيز الألفة في ما بينهم. ولا غنى عن الموائد الجماعية خلال شهر الصيام، التي تقام أحياناً من خلال جهود المنظمات وبعض المتبرعين، إذ تساهم في تأمين الطعام الذي تعجز بعض العائلات عن توفيره. 

 

ويقول الإمام ساري السيد (36 عاماً)، وهو من مدينة بنش (محافظة إدلب)، لـ"العربي الجديد": "الموائد الجماعية عادة ترتبط بشهر رمضان الذي يتميز بالكرم والعطاء"، موضحاً أنه "نتواصل مع أهل الخير من المغتربين أو المقتدرين في الداخل، أو مع الجمعيات الخيرية، من أجل إقامة هذه الموائد. البعض يتكفل بدفع تكاليف الطعام ليوم أو أكثر. وفي بعض الأحيان، يشترك أكثر من فاعل خير في تأمين الطعام ليوم واحد، وغالباً ما يرفضون ذكر أسمائهم". يضيف السيد أن "هذه الموائد ليست فقط من أجل الفقراء والمساكين، بل هي مفتوحة للجميع".

 

بدوره، يؤكد مسؤول المكتب الإعلامي في مجموعة "هذه حياتي" التطوعية في مدينة إدلب محمد دعبول، لـ"العربي الجديد"، أن "المجموعة تقدم وجبات إفطار مجانية من خلال تنظيم موائد جماعية. وتستهدف هذه الوجبات الناس في المخيمات والأسر الفقيرة"، ويلفت إلى أن موائد الإفطار تساهم في تعزيز الألفة والمحبة بين الناس حتى ضمن المخيم الواحد"، موضحاً أنه "بسبب ظروف النزوح والقصف، لا يستطيع سكان المخيم الواحد الجلوس معاً بسبب ضيق الخيام. كما أن الوضع الاقتصادي السيئ يمنع إقامة الولائم والموائد الرمضانية التي اعتاد عليها الشعب السوري. بالتالي، تعزز هذه الموائد الألفة وتخفف من معاناة النازحين، وخصوصاً في مدينة إدلب التي تشهد غلاء فاحشاً. وأصبح تأمين وجبة طعام اليوم أمراً صعباً ويتطلب أجرة عمل يومين أو أكثر". 

 

يوضح دعبول أن فكرة المطبخ بدأت بهدف مساعدة الناس وتأمين احتياجاتهم، إذ إن كلفة الوجبة تقدر بنحو 10 دولارات. وبالنسبة إلى العامل الذي يتقاضى أجراً يومياً لا يتجاوز ثلاثة دولارات، أو أي شخص يسكن في مدينة إدلب، فإنه ليس من السهل تأمين هذا المبلغ، علماً أنه يحتاج إلى ما بين 10 و15 دولاراً لإعداد وجبة طعام تكفي عائلة من خمسة أشخاص، يتابع: "خلال عملنا، نتابع دائماً أوضاع المخيمات والأسر الأكثر حاجة إلى مساعدات في المدن والقرى، وخصوصاً تلك القريبة من النظام، إذ غالباً ما تكون منسية"، ويشير إلى أن الفقر يدفع بعض العائلات إلى تناول الزيتون مع الشاي عند حلول موعد الإفطار.

 

أما عبد الله الحكيم (65 عاماً)، وهو من مدينة إدلب، فيقول لـ"العربي الجديد": "تتولى بعض المنظمات والجمعيات الخيرية تنظيم موائد رمضانية في الجوامع طيلة شهر رمضان ومن دون أي شروط على الوافدين"، موضحاً أنها مفتوحة لجميع فئات الشعب كي تتجنب إحراج المحتاجين والفقراء وإظهار حاجتهم لهذه الموائد، يضيف أن العديد من العائلات لا تستطيع تأمين قوت يومها بسبب الغلاء الفاحش وتدني أجور العمال وغلاء بدل إيجار البيوت، الأمر الذي يدفعها للجوء إلى موائد الخير. كما يشارك آخرون من ذوي الدخل الجيد الفقراء في موائد الإفطار في محاولة للحد من الهوة الطبقية والتأكيد على أنه لا فرق بين الغني والفقير، بالإضافة إلى التعرف لأبناء المنطقة وتبادل الأحاديث، وإحياء العادات والتقاليد الاجتماعية القديمة التي كانت تمارس خلال شهر رمضان، من تجمعات وإعداد ولائم للعائلة والأصدقاء".

 

يتابع: "لم يعد بالإمكان ممارسة هذه الطقوس لأسباب عديدة، إذ تسكن الكثير من العائلات بعيداً عن الأشقاء والأهل والأقارب والأصدقاء بسبب التهجير القسري الذي تعرضوا له منذ سنوات، لتشكل هذه الموائد عوناً مادياً ودعماً نفسياً". 

 

إلى ذلك، يقول سالم منصور (57 عاماً)، الذي يعيش في مخيم الدانا، لـ"العربي الجديد": "أذهب برفقة أبنائي الخمسة للحصول على وجبات الطعام من خلال موائد الخير التي تعدها إحدى المنظمات الخيرية في رمضان، كما نجلب وجبة طعام لزوجتي ووالدتي وابنتي".

 

يضيف: "بعد إصابتي وفقدان يدي اليسرى، لم أعد قادراً على تأمين قوت يومي، ولم تعد السلة الغذائية تكفي العائلة بعد غلاء الأسعار، كما أنني لن أستطيع إطعام أطفالي. ننتظر هذه الوجبات كل رمضان، فقد لا نستطيع شراء اللحوم والدجاج طوال أيام السنة"، يضيف: "يشارك شباب المخيم المنظمة في تنظيم المائدة بمساعدة وتوزيع الوجبات بشكل منظم. كما توزع وجبات مغلفة للنساء".