الخميس 2020/10/15

“محكمة الإرهاب”.. مقصلة الأسد “القانونية” للقضاء على المعارضين

قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن نظام الأسد عزز سلطته الأمنية في سوريا بشكل كامل، من خلال دستور عام 2012، وما يسمى "محكمة قضايا الإرهاب"، التي أسسها عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، كـ"بديل" عن "قانون الطوارئ".

وقالت الشبكة الحقوقية في تقرير مطول، اليوم الخميس، إن "محكمة قضايا الإرهاب هي محكمة سياسية/أمنية تهدف إلى القضاء على المطالبين بالتغيير السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان".

وأشار التقرير إلى أن "ما لا يقل عن 10767 شخصاً لا يزالون يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب وقرابة 91 ألف قضية نظرت بها المحكمة و3970 حالة حجز على ممتلكات".

وركَّز التقرير الذي جاء في 39 صفحة على إظهار ممارسات محكمة قضايا الارهاب وأساليبها والأحكام الصادرة عنها "من أجل إبراز مدى التوحش الذي وصلت إليه هذه المحكمة التي تسعى بشكل أساسي نحو تصفية الخصوم السياسيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم"، واستعرض "كيف هيمنت السلطة التنفيذية/ الأجهزة الأمنية بشكل شبه مطلق على السلطة القضائية وبالتالي تفسير عدم تحرك مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية العليا للاعتراض على قانون إنشاء محكمة قضايا الإرهاب، أو على ممارساتها المافيوية".

وأوردَ التقرير 15 رواية لمعتقلين ناجين أو ما زالوا قيد الاعتقال، ولذوي معتقلين، وكذلك لأشخاص حكم عليهم بمصادرة ممتلكاتهم عبر أحكام وقرارات صادرة عن محكمة قضايا الإرهاب.

وقال "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" : "سيطر النظام السوري بشكل مطبق على السلطات الثلاث، وتركَّزت جميعها في يد رئيس النظام والأجهزة الأمنية، فنتجَ إثر ذلك: نصوص دستورية، قوانين تشريعية، محاكم شاذة، تخالف أبسط معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، مع حرص النظام السوري على الإبقاء على الواجهة الشكلية من أجل ممارسة التضليل والخداع، وتتجَّسد تداعيات كل ذلك بشكل واضح في محكمة الإرهاب التي تعتبر بمثابة فرع أمني إضافي، والتي تهدف بشكل أساسي إلى شرعنة جريمة القتل خارج نطاق القانون للمعتقلين السياسيين أو سجنهم لسنوات طويلة، 25 – 30 عام".

وأشار التقرير إلى التقارب بين دستور عام 2012، ودستور عام 1973 الذي يجعل نظام الأسد "واحداً من أشد الأنظمة توحشاً وإقصاءً للسلطة القضائية، من حيث السيطرة المطلقة على مجلس القضاء الأعلى والقضاء على المحكمة الدستورية العليا وإنشاء محاكم استثنائية/ شاذة".

واستعرض التقرير بشكل موجز "تأسيس محكمة الإرهاب وأقسامها، التي تأسَّست بموجب القانون رقم 22 لعام 2012 في 25/ تموز/ 2012، والتي أصبحت تصدر قراراتها بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 الصادر في 2/ تموز/ 2012 أي قبل 23 يوماً من صدور قانون إنشاء المحكمة"، وأوضح أن نظام الأسد قبل إصدار قانون مكافحة الإرهاب "كان يحاكم المعتقلين وفق قانون العقوبات السوري، ووفق المواد الخاصة بالجرائم الواقعة على أمن الدولة، إضافة إلى المواد الخاصة بالإرهاب من 304 – 306".

وبحسب التقرير فقد أصدر نظام الأسد عدة مراسيم أجرى خلالها تعديلات على غرف المحكمة وتعيينات القضاة العاملين فيها، وكانت آخر ثلاثة مراسيم هي: 255 لعام 2018 و117 لعام 2019 و69 لعام 2020.

وذكر التقرير أربعة عشر سبباً رئيساً تجعل من محكمة قضايا الإرهاب فرعاً أمنياً إضافياً لخدمة نظام الأسد "بدءاً من الاعتقال التعسفي ثم انتزاع اعترافات تحت التعذيب وإحالة الضبوط التي دوِّنت فيها اعترافات تحت التعذيب من الأجهزة الأمنية إلى النيابة العامة في محكمة الإرهاب، حيث لا تطبق أصول المحاكمات ولا قواعد الإثبات في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة، مُشيراً إلى أن النصَّ القانوني الذي تعمل بموجبه المحكمة يتضمن انتهاكات صارخة للقانون الدولي لحقوق الإنسان ولأبسط المعايير القانونية، حيث قد تمت صياغة المواد بطريقة فضفاضة تُمكِّن المحكمة من توجيه تهم بكل سهولة".

ووفقاً للتقرير فإن "محكمة الإرهاب تحاكم المدنيين والعسكريين والأحداث على حد سواء، وهذا يعارض قواعد الاختصاص القضائي النوعي".

ولفت تقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى أنَّ المحكمة "تنتهك حقَّ الدفاع المقدس بشكل بربري، وأنَّ أحكام محكمة الجنايات تستند إلى الضبط الأمني، وهي عبارة عن بضعة أسطر وتصل حتى الإعدام بتهمة المشاركة في مظاهرة أو نشاط إعلامي أو سياسي أو حقوقي، مشيراً إلى عدم الجدوى من النقض في محكمة تعتمد على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب دليلاً وحيداً".

وبحسب التقرير فإن معتقلين كثيرين "اختفوا على الرغم من وقوفهم أمام المحكمة دون أن تسأل المحكمة عن مصيرهم، كما أشار التقرير إلى إعادة اعتقال أشخاص تم إخلاء سبيلهم أو انتهت مدة محكومياتهم".

كما نوَّه إلى أن "مراسيم العفو" التي يصدرها بشار الأسد "وهمية ولا تشمل الغالبية العظمى من المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي".

وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 130758 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات الأسد منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2020، من بينهم ما لا يقل عن 84371 مختفٍ قسرياً.

وذكر التقرير أن ما لا يقل عن10767 شخصاً بينهم 896 سيدة و16 طفلاً لا يزالون يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب منذ تشكيلها في تموز/ 2012 حتى تشرين الأول/ 2020، ويحتجز المعتقلون الخاضعون لمحكمة قضايا الإرهاب في السجون المركزية المدنية المنتشرة في المحافظات السورية، حيث أشار التقرير إلى أن النسبة العظمى منهم محتجزون في "سجن عدرا المركزي" بريف محافظة دمشق.

وذكر التقرير أن نظام الأسد "لم يكتف بتصفية خصومه السياسيين بالسجن والإعدام، بل إنه قام بتضمين قانون مكافحة الإرهاب الذي تحكم بموجبه المحكمة نصوصاً تهدف إلى السيطرة على ممتلكات المعارضين السياسيين والعسكريين، وذلك وفقاً للمادة 11 والمادة 12 من نصوصه"، كما إن النظام "خصَّص قانوناً خاصاً لتجريد ملكية خصومه الذين شاركوا في الحراك الشعبي ضده..بموجب قانون مكافحة الإرهاب والمرسوم رقم 63 لعام 2012".

وأوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بـ"إيجاد طرق وآليات لتطبيق قرارات مجلس الأمن رقم 2041 و2042 و2139 والبند 12 في القرار رقم 2254، الخاصة بالمعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا". مؤكداً أنه "لن يكون هناك أي حل لقضية المعتقلين ومحاكمتهم بهذه الطريقة البدائية البربرية إلا عبر الانتقال السياسي نحو نظام يحترم فصل السلطات والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا بدَّ أن يتم الانتقال السياسي خلال جدول زمني محدد بما لا يتجاوز العام".