الأثنين 2021/06/14

قرار “صادم”.. نظام الأسد يشارك في رسم سياسات “الصحة العالمية”

أثار القرار "الصادم" بتعيين سوريا في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية انتقادات لاذعة من قبل أطباء وناشطين بسبب استهداف نظام الأسد وحليفته روسيا للمستشفيات والكوادر الطبية بشكل منتظم.

 

ويشير تقرير لموقع الإذاعة الأميركية العامة "أن بي آر" إلى السبب وراء هذا القرار "الصادم" وكيفية استغلال النظام لعضويته في المجلس والتي سوف تمتد إلى ثلاثة أعوام للتغطية على جرائمه.

 

ويقول عبد الحميد شرف الدين، وهو طبيب يعمل في منطقة بشمال سوريا تخضع لسيطرة المعارضة، إن المرافق الصحية التي عمل فيها تعرضت للعديد من الضربات الجوية والبراميل المتفجرة من قبل حكومة الأسد ، أو حليفتها روسيا، أثناء رعايته لمرضاه. ويقول الطبيب الذي يعمل في باب الهوى على الحدود التركية إن الهجمات أصبحت روتينية مرعبة لدرجة أنه من الصعب إجراء إحصاء دقيق لها.

 

ويقول حسام النحاس، الباحث في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة وتحقق في انتهاكات حقوق الإنسان وتوثقها: "لقد كان قرار تعيين سوريا في المنظمة صادما حقا".

 

ويشير النحاس، الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة، إلى أنه تعرض للتعذيب، في عام 2012، من قبل حكومة الأسد بسبب عمله كمقدم رعاية صحية، حيث ساعد في علاج الجرحى في المظاهرات المناهضة لحكومة الأسد. وخلال فترة اعتقاله، كان يتم استجوابه بشأن الأشخاص الذين عالجهم وأسماء زملائه، وكيفية حصوله على الإمدادات الطبية.

 

ويرى الطبيب السوري أن تعيين سوريا في المنظمة "يضر بمصداقيتها" خلال هذا الوقت "الحرج" من معالجة جائحة كورونا تحت قيادتها "ويبعث برسالة سيئة حقا إلى البلدان والأفراد بأن انتهاك حقوق الإنسان يمكن أن يكون معيارا".

 

ووثقت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" 540 هجوما نفذته حكومة الأسد والقوات المتحالفة معها منذ بدء الحرب في عام 2011. وتقول إن النظام قتل 827 من الكوادر الطبية إما من خلال الضربات الجوية أو القصف والتعذيب الذي أدى إلى الموت أو الإعدام.

 

وأرسلت المنظمة خطابا مفتوحا مشتركا إلى المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، دعته فيه إلى "بذل كل ما في وسعه لإلغاء انتخاب سوريا لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية" والتأكيد على أن المناصب الشاغرة في مجالس الإدارة يجب أن تكون "محجوزة فقط للدول الأعضاء ذات أعلى المؤهلات والمكانة الدولية".

 

وقالت جماعة "الخوذ البيضاء" للدفاع المدني السوري في بيان إن "انتخاب سوريا يكافئ نظام الأسد على الرغم من تدميره الممنهج للمستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من جرائم الحرب الأخرى".

 

كيف تم انتخاب سوريا؟

يقول تقرير "أن بي آر" إنه تم اتخاذ القرار من قبل الدول الأعضاء في مجموعة شرق البحر المتوسط التابعة للمنظمة وعددهم 22 دولة.

 

وعلى هذا النحو، لا يتمتع مدير المنظمة بسلطة مباشرة في اختيار أعضاء مجلس الإدارة، وهو ما أكده بيان للمنظمة قال إنه تم اختيارها "من قبل الدول الأعضاء وليس من قبل المنظمة في جنيف".  وأضاف أن "المنظمة مفوضة بتحقيق نتائج صحية أفضل لجميع الناس، بما في ذلك السكان في جميع البلدان. نحن لسنا مجهزين ولا مفوضين لإيجاد حلول سياسية".

 

وتنص المادة 7 من نظامها على أنه يمكن تعليق امتيازات التصويت لدولة عضو إذا "فشلت الدولة في الوفاء بالتزاماتها".

 

يقول التقرير إن انتخاب سوريا، في 28 مايو الماضي، في المجلس المكون من 34 دولة، يمنح النظام حق المشاركة في وضع جدول أعمال جمعية المنظمة وتنفيذ سياساتها.

 

تعاون "وثيق" مع النظام:

ويقول رينود ليندرز، الأستاذ المشارك في كلية كينغز للدراسات الحربية، إن منظمة الصحة العالمية "تعاونت بشكل وثيق" مع حكومة الأسد. ويقول: "شغل شاغلو النظام وأقاربهم مناصب رئيسية في مكاتب المنظمة في دمشق". ويضيف أن لديهم إمكانية الوصول إلى المشاريع والعمليات الحساسة.

 

ويسيطر النظام بإحكام على ما يكون متاحا لمنظمات الأمم المتحدة ومجموعات الإغاثة الدولية الأخرى وأماكن عملها في سوريا. ويعتقد ليندرز أن المنظمة ووكالات الأمم المتحدة تعمل بحذر مع الحكومة خشية أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بقدرتها على العمل في البلاد.

 

وعلى الرغم من وجود مجموعة كبيرة من الأدلة على هجمات النظام على المرافق الصحية التي تتعارض بشكل مباشر مع ولاية منظمة الصحة العالمية، إلا أن سوريا ظلت دولة عضو. ويقول: "لم يتم توبيخها على أي من أفعالها في منظمة الصحة العالمية أو مجلسها". وحتى قبل التعيين الأخير في المجلس التنفيذي، كانت سوريا نائب رئيس مجموعة شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية.

 

وسيمثل نظام الأسد في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وزير الصحة، حسن غباش، المدرج في عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ عام 2020.

 

كيف يستخدم النظام سلطته؟

يقول تشارلز ليستر، زميل معهد الشرق الأوسط، إن النظام يستطيع استخدام هذه الصلاحيات لتحقيق مصالحه الخاصة، وعلى سبيل المثال، يستطيع الوقوف ضد الأدلة التي جمعها محققو الأمم المتحدة بشأن هجماته على المرافق الصحية وغيرها من الانتهاكات التي يمكن استخدامها لاتهامه بارتكاب جرائم الحرب.

 

ويقول: "يمكن أن تساعد العضوية في تقوية يد النظام في صد أو حتى التأثير بشكل مباشر على تحقيقات الأمم المتحدة ونتائج تلك التحقيقات، وعرقلة إيصال المساعدات وقضايا أخرى مماثلة".