الأثنين 2020/12/28

في مناطق النظام.. الشفاء من كورونا يعتمد على الحظ والوباء فتح سوقاً جديدة تتعامل بالدولار حصراً !

أصبح السوريون الذين يصابون بفيروس كورونا في دمشق يعتمدون بشكل أساسي على الحظ  في النجاة من الفيروس؛ إذ لم تعد المشافي العامة أو الخاصة ترحب باستقبالهم، وحتى المراكز المتخصصة التي تم استحداثها مؤخراً والجمعيات الطبية الأهلية لم تعد قادرة على تقديم الرعاية والخدمات الصحية للجميع.

 

انحصرت حظوظ المواطن العادي بالشفاء بمدى مقاومة جسده للفيروس. بينما تتضاعف حظوظ المواطن بالنجاة إذا كان مدعوماً من قبل أشخاص نافذين في النظام ويملك المال الكافي لدفع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة التي ستمنحه في هذه الحالة الفرصة للدخول إليها، كما تزداد حظوظ السوريين بالتعافي إن كان لديهم القدرة على دفع تكاليف الرعاية الطبية المنزلية بالدولار الأميركي.

 

الوضع الصحي في دمشق بات مزرياً للغاية، فمع تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا أصبحت المشافي حكومة النظام غير قادرة على استيعاب الأعداد الهائلة من المصابين؛ على الرغم من محاولات المواطنين اليائسة تجنب الدخول إليها، بسبب سوء خدماتها وسمعتها السيئة.

 

وبات السوريون يطلقون على المشافي الحكومية لقب "المسالخ البشرية". ويوضح مصدر من دمشق أن هذه التسمية أصبحت شائعة اليوم بسبب الحكايات المروعة التي يتداولها السوريون عما يحدث هناك، وبسبب انعدام النظافة والتعقيم فيها وعدم وجود جناح مخصص لعزل مصابي كورونا ومخالطتهم لباقي المرضى في الأقسام المختلفة.

ويقول المصدر المطلع على أوضاع المشافي لموقع "المدن"، إن الكوادر الطبية الذين يعملون في المشافي هذه غير مؤهلين للتعامل مع الأوبئة، وأغلبهم متدربين لم يكملوا دراستهم بعد.

 

ويصف المصدر حالة تلك المشافي قائلاً: "بمجرد الدخول إلى مشفى المجتهد أو مشفى المواساة ستشعر بأنك بخطر، أصوات السعال وبقع الدماء التي تملأ المكان والأسرّة القذرة المرصوصة التي لا تضع بحسبانها أي اعتبار لقواعد السلامة والتباعد الاجتماعي، والكوادر الطبية التي تسير في الأروقة دون ارتداء كمامات وقفازات طبية". ويضيف "كل شيء يوحي بأن هذه المشافي هي البيئة الأمثل لانتقال الفيروس. وازدياد عدد الإصابات مؤخراً جعل الأمور تزداد سوءاً، إذ أنه بات من الممكن أن يتشارك أكثر من مريض السرير ذاته".

 

أما المشافي الخاصة فامتنعت بشكل عام عن استقبال مصابي فيروس كورونا ومرضى الجهاز التنفسي بالمجمل، ورفعت  شعار غريب باتت تتفاخر به: "مشفانا خالٍ من حالات الكورونا". شعار باتت معظم المشافي الخاصة تردده في مكاتب الاستقبال وفي ردّها على الاستفسارات اليومية من مواطنين يحملون الفيروس أو لديهم شكوك حول ذلك. الغريب أن هذا الرد المنمق تحول إلى نوع من الإعلان المطمئن الذي يجذب المرضى غير المصابين بالفيروس.

 

لكن الأسوأ من إغلاق المشافي الخاصة أبوابها بوجه مرضى كورونا في ظل الأزمة الصحية التي تمر بها دمشق، هو أن هذه المشافي ليست خالية من الكورونا فعلياً، ويوجد فيها أجنحة مخصصة لعزل مرضى كورونا ومجهزة على مستوى جيد لرعايتهم، لكنها لا تستقبل  المرضى سوى بعد تدخل وساطات من أشخاص لهم نفوذ. 

 

ويقول أحد العاملين داخل مشفى العباسيين الخاص في دمشق: "يوجد لدينا أجنحة مخصصة للمصابين بفيروس كورونا، لا يدخلها سوى المسؤولين في الدولة ومعارفهم وأقربائهم، بالإضافة إلى وجود عدد محدود من الأسرة المخصصة للأطباء العاملين في المشفى، من المفترض ألا يدخلها سوى ذويهم إذا ما تعرضوا للإصابة". ويضيف ل"المدن"، أن "بعض هؤلاء الأطباء أصبحوا يستثمرون هذه الامتيازات، ليقوموا بإدخال بعض المرضى على أسمائهم، شريطة أن يكونوا قادرين على دفع مبالغ مالية كبيرة، يحصل عليها الطبيب بمعزل عن فاتورة المشفى".

 

في ظل هذه الظروف القاسية، بدأت مجموعات طبية صغيرة تنشط مؤخراً لتأمين أساليب علاج بديلة في العاصمة دمشق. مجموعات تملك التجهيزات والكوادر اللازمة لتحويل بيوت المرضى إلى مشافي، وتتقاضى مبالغ خيالية مقابل ذلك، ولا تقبل التعامل سوى بالدولار. ويقول أحد السوريين الذي يعيشون في ألمانيا لموقع "المدن"، أنه "بعد إصابه والده بكورونا اتفق مع مجموعة من الأشخاص يعملون بشكل منظم على تحويل منازل المرضى إلى مشافي، ولديهم أشخاص مؤهلين للتعامل مع الحالات الإسعافية يعملون على الأرض، ويملكون أسطوانات الأوكسجين وباقي المستلزمات الطبية". ويضيف "اتفقت معه على التكفل برعاية أبي صحياً. الغريب في الأمر أنهم لم يقبلوا الحصول على أي جزء من المبلغ بالليرة السورية، وطلبوا الحصول على كامل المبلغ بالدولار، عن طريق الدفع بالباي بال (PayPal)".

 

لم يعد امتلاك المال داخل سوريا كافياً للوقاية من الأزمات المتتالية التي تنهال على رؤوس السوريين. هذا ما تثبته أزمة كورونا على وجه الخصوص. أمّا عدم امتلاك المال أو النفوذ فيضع المواطن على أعتاب المشافي حكومة النظام التي وإن سمحت له بالدخول إليها، لن تعطيه الرعاية الكافية، وسيعتمد على الحظ، وقدرة جسده على مقاومة المرض.