الأحد 2020/06/07

غضب يتسع.. “الجوع” يكسر ما تبقى من حواجز الخوف السوري

على وقع انهيار متسارع لليرة السورية، يبدو أن ملامح "ثورة ثانية" تتشكّل في مناطق سيطرة الأسد هذه الأيام، قبل أيام قليلة من دخول "عقوبات قيصر" حيّز التنفيذ.

لم يعُد الرازحون تحت قبضة الأسد يُخفون غضبهم واستياءهم ممّا آلت إليه الأمور مؤخّراً، فالدولار (الذي يحرّم نظام الأسد مجرّد التلفّظ باسمه تحت طائلة العقوبات)، تجاوز حاجز 2700 ليرة سورية في أسواق العاصمة، في ظلّ توقّعات بأن يبلغ السعر أرقاماً خيالية خلال الأيام القادمة. وبالتزامن مع ذلك، لم تعُد المواد الأساسية التي كان السوريون يتوكّؤون عليها في معيشتهم متوفّرة، وفي حال توفّرها فأسعارها تتجاوز المقدرة الشرائية، وهنا يدور الحديث عن المواد الأساسية للحياة، أما "موادّ الرفاهية" كما يسمّيها السوريون، فقد باتت "من ذكريات التاريخ".

خطاب "الأسطوانة المشروخة":

على الرغم من كل ما يجري، لا يزال نظام الأسد يخاطب الناس في مناطق سيطرته بنفس المنطق الذي يسمعونه من وسائل إعلامه منذ عشرات السنوات.

أسطوانة "الحرب الكونية"، و"الصمود في وجه الإمبريالية والصهيونية والرجعية".. هذه المصطلحات وأشباهها يبدو أنها لم تعُد تُقنع الملايين من اضطُروا أن يقبعوا تحت حكم عائلة تختلف فيما بينها على مئات المليارات، بينما لا يجد 80% من السوريين قوت يومهم.

مظاهر الغضب من السويداء:

منذ أشهر يخرج أهالي السويداء في مظاهرات صغيرة تندّد بالأوضاع المعيشية، غير أن مظاهرات غاضبة خرجت اليوم الأحد، يبدو أنها "تجاوزت الخطوط الحمراء".

"سوريا النا وماهي لبيت الأسد"، و "الشعب يريد إسقاط النظام".. هذه بعض العبارات التي هتف بها أهالي السويداء اليوم، والتي ربما يودُّ غالبية السوريين في مناطق سيطرة الأسد أن يرفعوا أصواتهم بها، فيُزيلوا جزءاً من ثقل المعاناة.

تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، وأحاديث الناس فيما بينهم، تشي بأن مزيداً من حواجز الخوف تتكسر أمام وطأة المعيشة، التي لا يحرّك نظام الأسد ساكناً حيالها، ويكتفي بالتبرير بأن ما يجري جزء من "الحرب الكونية"، فيما تحاول وسائل إعلام الأسد "مجاراة الواقع" بتحميل "الحكومة" مسؤولية ما يحدث.

هل ما حدث اليوم في السويداء يمكن اعتباره نواة "ثورة جوع"، تمتد إلى بقية مناطق سيطرة الأسد؟ وهل يمكن أن يكشف "قانون قيصر" ما تبقى من "عورات النظام"؟، أم إن النظام سيعمل على منع مزيد من الاشتعالات؟.. ربما الأيام القادمة كفيلة بالإجابة الشافية عن هذا السؤال.