السبت 2021/01/09

“على أنقاض التسوية”.. تقرير يحصي حالات القتل والاغتيال والاعتقال بدرعا العام المنصرم

نشر «مكتب توثيق الشهداء في درعا» تقريراً أحصى فيه حالات القتل والاعتقال والاغتيال في المحافظة الجنوبية خلال عام الفائت، رغم سقوط درعا بيد النظام بعد إبرامه اتفاق تسوية مع فصائل المعارضة، في النصف الثاني من عام 2018 حيث توقفت العمليات العسكرية وعمليات القصف العشوائي التي استهدفت المدنيين، وتراجعت أعداد الضحايا إلى الحد الأدنى منذ بدء الثورة السورية، لكن رغم ذلك، بقيت المحافظة على صفيح ساخن، وأخفقت مساعي النظام وحلفائه في تحقيق الأهداف التي كانت موضوعة للمنطقة، القائمة على فرض الاستقرار العسكري والأمني.

 

وشكلت عمليات الاعتقال والإخفاء والتغييب القسري، وفقاً للتقرير الذي عُنون بـ «على أنقاض التسوية» واحداً من أبرز الانتهاكات المستمرة التي ارتكبتها قوات النظام خلال العام 2020، وطالت كلًا من المدنيين ومقاتلي فصائل المعارضة السابقين ممن انضم إلى اتفاقية التسوية، حيث وثق التقرير، خلال العام الماضي 1295 حالة قتل واعتقال واغتيال، كما وثق قسم المعتقلين والمختطفين في مكتب توثيق الشهداء في درعا اعتقال قوات النظام لـ 751 شخصاً خلال العام نفسه، بينهم 17 سيدة و 5 أطفال. تم الإفراج عن 201 معتقل منهم في وقت لاحق من العام، بينما توفي 3 منهم تحت التعذيب أو في ظروف الاعتقال غير القانونية في سجون قوات النظام.

 

وأشار التقرير إلى أن إحصائيته لم تتضمن من تم اعتقالهم بهدف سوقهم للخدمتين الإلزامية والاحتياطية في قوات النظام، حيث قدر المكتب عددهم بعدة آلاف. ووفقاً للتقرير فإن العام 2020 شهد استمراراً لسقوط الضحايا وارتفاعاً في وتيرة عمليات الاغتيال والاعتقال والإخفاء والتغييب القسري للمدنيين ومقاتلي فصائل «التسوية» وأيضاً للمنشقين المنضمين للاتفاقية.

 

التقرير الذي حمل عنوان «عَلَى أنْقَاض التَّسْوِيَة» وثق مقتل 275 شخصاً خلال العام الفائت، بما يشكل 1.7 % من إجمالي عدد ضحايا الثورة السورية، وبارتفاع نسبته 25% عن اعداد الشهداء خلال العام 2019. كما شكلت نسبة الأطفال 12.8 %، من الضحايا. وشهد النصف الأول من العام ارتفاعاً في أعداد القتلى مقارنة بالنصف الثاني، نتيجة «الاشتباكات التي شهدتها شمال سوريا بين قوات النظام وفصائل المعارضة ومقتل العديد من أبناء محافظة درعا ضد قوات النظام، حيث بلغ عدد القتلى بين شهري كانون الثاني/يناير وآذار/مارس: 99 قتيلاً».

 

ووثق التقرير مقتل 26 شخصاً من أبناء محافظة درعا، الذين هجروا «ضمن الآلاف من المهجرين قسراً من محافظة درعا» إلى الشمال السوري. كما وثق التقرير مقتل 17 منشقا عن قوات النظام، برتب مختلفة، بينهم 15 تحت التعذيب وفي ظروف الاعتقال غير القانونية في السجون، بعد تسليم أنفسهم وانضمامهم إلى «اتفاقية التسوية» حيث استطاع المكتب إحصاء 5 رتب عسكرية وأمنية مختلفة.

 

وأضاف التقرير «رغم سيطرة قوات النظام على محافظة درعا بشكل كامل، ارتكبت قوات النظام مجزرة خلال عام 2020 بعد قصفها المدفعي لبلدة جلين في ريف درعا الغربي، بينما لم يشهد عام 2019 توثيق أي مجزرة في محافظة درعا، حيث شهد العام الفائت 409 عمليات ومحاولة اغتيال، أدت لمقتل 269 شخصاً وإصابة 102 آخرين، بينما نجا 38 شخصاً من محاولات اغتيالهم».

 

وتوزعت عمليات ومحاولات الاغتيال جغرافيا بشكل متباين، حيث وثق مكتب توثيق الشهداء في درعا 218 عملية ومحاولة اغتيال في ريف درعا الغربي لوحده، ما نسبته 53.3 % من إجمالي العمليات والحوادث الموثقة، بينما بلغ العدد 107 في ريف درعا الشرقي ما نسبته 26.1 %، وفي مدينة درعا 84 ما نسبته 20.6 % من إجمالي العمليات والحوادث الموثقة.

 

ويعتبر خبراء أن النظام وحلفاءه، عمدوا منذ مطلع عام 2020 إلى رفع مستوى التدخّل الأمني في محافظة درعا لاحتواء مظاهر الفوضى جنوب البلاد، خصوصاً أنّ العديد من المناطق في محافظة درعا بقيت عبارة عن مربّعات أمنية لفصائل التسوية، مع غياب أي مؤشر لإعادة بناء الثقة بين الطرفين على أساس الولاء للسلطة من جديد، بسبب ممارسات النظام السوري وإيران وعدم التزام روسيا تعهّداتها.

 

وفي هذا الإطار فسر الباحث عبيدة فارس دوافع النظام في تكثيف عمليات الاغتيال، برغبته في القضاء على حالة التكتل لمقاتلي المعارضة السابقين في مدينة درعا، حيث تعتبر كتلة درعا المدينة من أبرز عوائق تمدد الأجهزة الاستخباراتية التابعة للنظام، بسبب حالة التماسك بين المقاتلين واحتفاظهم بأسلحتهم، كما أن المجموعات المسلحة التي كانت تتبع للمعارضة السورية وفضَّلت البقاء في درعا لعبت دوراً مهماً في مقاومة تمدد النفوذ الإيراني.

 

وأضاف فارس لـموقع «القدس العربي»: «يمكن أن نلحظ هذا بوضوح في حالة درعا المدينة ولذلك فإن التخلص من هذه الشخصيات وتفتيت التكتلات المناهضة للدور الإيراني أمر ضروري لاستمرار عمليات التجنيد» من وجهة نظر النظام.

 

ومن الجدير بالذكر أنه لا يكاد يمر يوم في محافظة درعا دون تسجيل حالة اغتيال ضد عناصر بقوات النظام أو باتفاق "التسوية"، وذلك بسبب أجواء عدم الثقة التي تسود بين الطرفين، بسبب الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها قوات النظام ومحاولاتها للدخول إلى المناطق التي لم ينص اتفاق "التسوية" على الدخول إليها.