الخميس 2022/02/03

ضغوط من الكونغرس على إدارة بايدن لتطبيق “قانون قيصر” على خط “الغاز العربي”

صعّد الكونغرس من ضغوطه على الإدارة الأميركية، منتقداً مواقفها المسهلة لاتفاقات الطاقة بين لبنان ومصر والأردن عبر سوريا، والمعروفة بمشروع الغاز العربي. وحذّر الجمهوريون من أن أي إعفاءات من العقوبات المرتبطة بـ«قانون قيصر» جراء هذا المشروع «سوف تعزز من نفوذ نظام الأسد، وتغذي الفساد في لبنان»، داعين إدارة بايدن إلى «عكس المسار» في هذا الملف.

 

وكتب كبيرا الجمهوريين في لجنتي العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور جيم ريش، والنائب مايك مكول رسالة حادة اللهجة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، قالا فيها، إن «الإدارة تبرر الإعفاءات من العقوبات بالقول إن الحؤول دون انهيار لبنان يتطلب تعاملاً محدوداً مع نظام الأسد». وتابعا «فيما نعلم بوضع لبنان غير المستقر، إلا أن قطاع الطاقة فيه هو حفرة سوداء للفساد. واتفاقات من هذا النوع لن تفيد نظام الأسد مالياً فحسب، بل ستعزز أيضاً من الفساد في لبنان».

 

وأعرب المشرّعان عن قلقهما العميق من أن تكون الإدارة الحالية قد وفّرت أرضاً خصبة للتخفيف من حدة عقوبات «قانون قيصر» مستقبلاً «من خلال إقحام البنك الدولي في القضية وزعمها بأن كمية الطاقة التي سيتلقاها نظام الأسد هي أقل من السقف المطلوب لفرض عقوبات على المزودين» بحسب الرسالة التي حذّرت من أن استمرار الإدارة بدعم صفقات من هذا النوع يظهر بشكل واضح أن البيت الأبيض غير مستعد لتطبيق قانون قيصر، «كما أنه سيدفع باللاعبين الدوليين للعثور على ثغرات لتجنب العقوبات»، وذكّر كل من ريش ومكول بالدعم الكبير لـ«قانون قيصر» من قِبل الحزبين.

 

وبمجرد صدور هذه الرسالة، توالت ردود الأفعال الداعمة لهذا الموقف من قبل الجمهوريين، فسارع السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى الاشادة بموقف زملائه، واستعمل لهجة أكثر حزماً، عُرف بها، فقال «العقوبات الأميركية قانون سوف يطبق. ولن يسمح الكونغرس لإدارة بايدن بتغذية الأسد الطاغية الذي تتحكم به إيران، والمسؤول عن مقتل مئات الآلاف».

 

وكان كروز هاجم موقف الإدارة منذ تداول أنباء عن وعود تقدمت بها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بشأن الإعفاءات من العقوبات. وقال «نصيحة (شيا) سيئة للغاية. على لبنان أن يقلق جداً بشأن انتهاك العقوبات الأميركية. وعلى كل بلد معني بالأمر أن يقلق كذلك. الكونغرس لن يسمح لفريق بايدن بإثراء وكلاء إيران، خاصة فيما يتعلق الأمر بطغاة دمويين كالأسد. العقوبات ستفرض».

 

موقف وافق عليه النائب الجمهوري جو ويلسون الذي قال، إن «قانون قيصر» واضح، محذراً أن الكونغرس سيحاسب إدارة بايدن على أي إعفاءات من العقوبات لنظام الأسد. وأضاف ويلسون «إن أزمة الطاقة والاقتصاد في لبنان لن تُحل عبر إغناء الأسد القاتل ووكلاء إيران».

 

وبحسب مصادر في الكونغرس، فإن الإعفاءات التي قد تقدمها إدارة بايدن في إطار اتفاقات الطاقة، لن تمتد إلى الإدارة المقبلة، في حال معارضتها هذه الإعفاءات، فـ «قانون قيصر» لا يسمح بتمديد إعفاءات من هذا القبيل من دون مراجعة مستمرة لها. وقد تحدث المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جول رايبرن، الذي يشغر منصباً حالياً في مكتب السيناتور الجمهوري بيل هاغرتي، عن تداعيات القانون فقال «رسالة السيناتور ريش والنائب مكول مهمة جداً، وتدل بوضوح على أن اتفاقات الطاقة انتهاك لـ(قانون قيصر)، وستنجم عنها عقوبات: هذه هي الحقيقة البسيطة، وليست هناك ثغرات لتجنبها».

 

وكان رايبرن شرح الأمر ببساطة، عندما قال «يبدو أن إدارة بايدن تسيء تفسير القانون الأميركي عن قصد لتقديم ضمانات ستنتهي بمجرد تغيير الأغلبية في الكونغرس، إن لم تنته هذا قبل ذلك. فلن تتمكن الإدارة أبداً من إقناع الأغلبية في الكونغرس بأن إنقاذ لبنان يتطلب تحويل شحنات نفط هائلة أو أموال إلى الأسد».

 

وفي ظل المعارضة الجمهورية الواضحة لأي إعفاءات من هذا القبيل، تتحفظ القيادات الديمقراطية حتى الساعة عن اعتماد موقف حاسم في هذا الإطار، في محاولة منها لدعم إدارة بايدن، ولو ظاهرياً. لكن هذا الدعم بدأ يتلاشى تدريجياً في ملفات عدة، آخرها الملف السوري. ولعلّ خير دليل على ذلك التحذير الذي أصدرته القيادات الديمقراطية والجمهورية في الكونغرس الشهر الماضي للبيت الأبيض حين طالبته «بإعادة أحياء القيادة الأميركية بمواجهة الأزمة في سوريا». وقد ترأس هذه التحذيرات رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، إلى جانب نظيره في مجلس النواب الديمقراطي غريغوري ميكس، في موقف لافت منتقد لأداء الإدارة، فدعا الرجلان الإدارة الأميركية إلى توظيف «قانون قيصر» بكل تفاصيله لفرض عقوبات شاملة للحفاظ على عزل نظام الأسد معتبرين أن «تطبيق (قانون قيصر) سيؤكد علنياً الموقف الأميركي المعارض للتطبيع السياسي».

 

وذكّر الديمقراطيان إدارة بايدن بأن «قانون قيصر» يدعو إلى فرض عقوبات على نظام الأسد وداعميه داخل سوريا وخارجها «الى أن نرى تقدماً في إطلاق سراح السجناء السياسيين وإنهاء استعمال المجال الجوي السوري في الاعتداءات ضد المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية بلا تأخير والالتزام بعدم استعمال الأسلحة الكيمياوية والمحاسبة على جرائم الحرب». وشددا على أهمية الضغوط الأميركية في الوقت الحالي بسبب «فشل تحقيق تقدم في هذه الملفات خلال المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة».

وكان المشرّعون الديمقراطيون والجمهوريون دعوا في هذا الإطار الإدارة الأميركية إلى النظر في فرض عواقب على أي بلد يسعى لإعادة تأهيل نظام الأسد والتوضيح بأن التطبيع وعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية أمران غير مقبولين.