الخميس 2019/06/06

صحيفة تحتفي بستيني تركي كرّس حياته لمساعدة اللاجئين السوريين

"جاويد إتلش"، أو كما يُطلق عليه "الأب جاويد" هو رجلٌ تركي في أواخر الستين من عمره، كرّس حياته على مدار السنين الماضية لمساعدة اللاجئين السوريين، ولم يغلق باب منزله في وجههم يوماً منذ لحظة وصولهم إلى تركيا.

"رجلُ بحجم دولة" .. هكذا وصفت صحيفة صباح التركية الأب جاويد، الذي نال جائزة الإحسان المقدمة من مؤسسة الأوقاف التركية عام 2017 لقاء الاهتمام الكبير والمساعدات التي قدمها إلى اللاجئين السوريين المقيمين في حي أولوبي بالعاصمة التركية أنقرة، والمناطق المجاورة له.

"بدأت الحكاية قبل وصول السوريين إلى تركيا" .. يقول جاويد، بحسب ما ترجمه موقع "الجسر تورك"، مضيفاً أن الصوماليين تواجدوا في الحي قبل 8 أعوام من وصول السوريين، حيث بدأ وزوجته حينها بمساعدتهم.

لم يكتفِ جاويد بتقديم المساعدات الغذائية للاجئين الصوماليين حينها، بل قام أيضاً بتوفير إمكانية الالتحاق بالجامعة لبعضهم، ومنهم "إلهام" التي تواصل الاتصال معه هاتفياً للاطمئنان عليه وعلى زوجته بالرغم من تخرجها من الجامعة وخروجها من ذلك الحي.

"في البداية وصلت 60 عائلة سورية إلى الحي" .. يقول جاويد مضيفاً أن بداية حكايته بمساعدة السوريين بدأت بطفل صغير جائع أحضرته زوجته معها إلى المنزل لإطعامه، حيث تفاجآ بكمية الأكل التي تناولها ذلك الطفل خلال دقائق قليلة.

كان جاويد على يقين بأن ما قدمه وزوجته من طعام لذلك الطفل السوري لن يغيّر من مأساة أمثاله المتواجدين في الحي شيئاً، فقرر اللحاق بالطفل لدى مغادرته، واستدلّ على محل إقامته.

يضيف جاويد واصفاً حال عائلة الطفل: "كانت درجة الحرارة نحو خمس درجات تحت الصفر حينها، 25 شخصاً يحتضنون بعضهم البعض بحثاً عن الدفء، فلم يكن بالمنزل أية أغطية أو سجادة أو حتى نافذة تحيل دون دخول الرياح إليه".

عاد جاويد مسرعاً إلى منزله طالباً من زوجته تجهيز الطعام في أكبر قدرٍ يملكوه، حمل ذلك القدر واشترى 20 قطعة خبز، وعاد مجدداً إلى منزل العائلة السورية، لم يكونوا قد تعلموا التركية بعد، وهو بدوره لا يعرف اللغة العربية، حاول جاويد باستخدام لغة الإشارة أن يخبرهم بأنه سيعود في غضون دقائق لإحضار الملاعق، لكنه تفاجأ لدى عودته بأنهم كانوا قد أجهزوا على الطعام بشكل كامل.

"لقد امتلأت بطونهم، ولكن كيف سيناموا الليل في هذا البرد القارس؟" .. حال هذا السؤال دون تمكن جاويد من النوم ليلتها، فنهض مع ساعات الصباح الأولى، وجمع كل ما احتواه منزله من أغطية وبطانيات وأعطاهم إياها، لدرجة أن زوجته ظنّت أن منزلهم تعرض للسرقة لدى استيقاظها صباحاً.

هذه كانت بداية حكاية جاويد مع السوريين في حيّه، ومنذ يومها لم يغلق باب منزله أمامهم إطلاقاً، ووفر لنحو ألفين و 600 عائلة سورية حتى اليوم الدعم والمساعدة ابتداءاً من المواد الغذائية والأدوية ووصولاً إلى توفير فرص العمل لبعضهم.

يرفض جاويد إلى اليوم قبول المساعدات المالية لإعانته على ما يقدمه من دعم للسوريين، واكتفى في بداية الأمر براتبه التقاعدي فقط، قبل أن يذيع صيته ويبدأ محبّي فعل الخير بالتواصل معه لتقاسم هذا العبء.

بفضل تلك الخدمات التي يقدمها جاويد وصيتِه العطر تحوّل منزله المتواضع إلى مزارٍ يقصده العديد من المسؤولين الأتراك والصحفيين، كما قامت ابنة الرئيس التركي "سميّة أردوغان" بزيارته أيضاً، إضافة إلى مجموعة من الصحفيين الأجانب بغرض إجراء اللقاءات الصحفية معه.

"أنابيلّا" هي شابة ألمانية حضرت برفقة مجموعة مؤلفة من 29 شابة وشاباً أوروبيين لإجراء تحقيق صحفي مع الأب جاويد، أكد لهم الأخير أن وقوفه إلى جانب السوريين ليس نابعاً من كونهم مسلمين فحسب، وإنما بدافع إنساني، وبالرغم من ذلك فإن الشابة الألمانية صُدمت إزاء تكريس جاويد حياته لمساندة السوريين، ولهفة محبّي فعل الخير لإيصال المساعدات الغذائية له بغية توزيعها بمعرفته عليهم، ما دفعها لدخول الدين الإسلامي ونطق الشهادتين داخل منزله على يد زوجته السيدة "حافظة".