الخميس 2022/03/10

سويسرا تعيّن قائمة بالأعمال غير مقيمة بدمشق: خطوة رمزية بلا أبعاد سياسية

تسلّم وزير الخارجية في حكومة نظام الأسد فيصل المقداد، أوراق اعتماد القائمة بأعمال سويسرا غير المقيمة، ماريون وايخلت كروبسكي، في خطوة يأمل النظام في أن تكون بداية تطبيع أوروبي معه، إلا أن المعطيات تشير إلى أن هذا الأمر مستبعد طالما لم يتعامل النظام بجدية مع مسعى الأمم المتحدة بالتوصل لحل سياسي في سورية.

 

ونقلت وكالة أنباء النظام "سانا"، أول من أمس الثلاثاء، عن وايخلت كروبسكي تأكيدها على حياد بلادها حيال ما يجري في سورية، وأن دورها يكمن في تقديم مساعدات للسوريين.

 

وكانت سويسرا قد سحبت سفيرها مارتن أيشباخر من دمشق في الأشهر الأولى من انطلاق الثورة السورية عام 2011، كما فعلت دول الاتحاد الأوروبي، بسبب التعامل "الوحشي" للنظام مع المطالبين بتغيير جاد في سورية.

 

وفي عام 2012 أغلقت دول الاتحاد الأوروبي باستثناء جمهورية التشيك سفاراتها في العاصمة دمشق، ونقلت الموظفين إلى سفاراتها في لبنان.

 

صربيا سبقت سويسرا في سورية

وأثار الموقف الأوروبي إزاء البطش بالمتظاهرين في عام 2011، حفيظة النظام إلى حدّ اعتبار وزير خارجية النظام الراحل وليد المعلم، أن نظامه "سينسى أن أوروبا موجودة على الخريطة"، وفق تعبيره.

 

وفرض الاتحاد الأوروبي بدءاً من مايو/أيار 2011، عقوبات متعددة ومتتالية على النظام ما تسبب بأزمات اقتصادية له، غير أنها لم تدفعه إلى تغيير موقفه الرافض لأي تغيير يهدده.

 

وشملت العقوبات رئيس النظام بشار الأسد وعائلته وأركان حكمه وأغلب وزرائه والمؤسسات التي يدير من خلالها المناطق الخاضعة لسيطرته.

 

ولم تكن سويسرا أول دولة أوروبية تنهي قطيعتها مع نظام بشار الأسد، إذ سبقتها صربيا في منتصف العام الماضي، بتعيينها رادوفان ستويانوفيتش سفيراً لها في دمشق.

 

وسبق لوزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس أن أكد في تصريحات صحافية العام الماضي، أن لبلاده قائماً بالأعمال في دمشق لـ "مساعدة المواطنين اليونانيين والمواطنين الأوروبيين". غير أن الوزير اليوناني قال "ليس نحن من يستطيع أن ينسى أو يغفر خطايا نظام الأسد".

 

وحول هذه التطورات الدبلوماسية، أوضح الباحث رضوان زيادة في حديث مع "العربي الجديد" أن "سويسرا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولا تنسق خطواتها السياسية أوروبياً"، مضيفاً: ربما بررت (سويسرا) خطوتها بمراقبة المساعدات الإنسانية، لكنني لا أعتقد أنه سيتبع ذلك أي خطوات سياسية تعني تطبيعاً مع نظام بشار الأسد.

 

واعتبر أن هناك تنسيقاً دائماً بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالمواقف تجاه النظام مضيفاً: بعد الأزمة الأوكرانية سيكون التنسيق أشد إلى حد كبير.

 

ولا يمكن عزل موقف دول الاتحاد الأوروبي حيال القضية السورية، عن موقف الولايات المتحدة، التي ما تزال ترفض أي شكل من أشكال التطبيع مع نظام الأسد قبل تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، تحديداً القرار 2254 الصادر في أواخر عام 2015.

 

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد أكد في أواخر العام الماضي، أن بلاده لا تنوي "دعم أي جهود للتطبيع أو إعادة تأهيل رئيس النظام السوري بشار الأسد"، ما لم يكن هناك تقدم بشأن حل سياسي للقضية السورية. وجاءت تصريحات الوزير الأميركي بعد قيام دول عربية، أبرزها الإمارات، بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد.

 

وكان الاتحاد الأوروبي قد جدد مطلع العام الحالي موقفه من النظام ، فشدّد مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد على أن "موقف الاتحاد الأوروبي الموحد بشأن سورية أنه لن يكون هناك تطبيع، ولا رفع للعقوبات، ولا إعادة إعمار، حتى يتم الانتقال السياسي على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن 2254".

 

وطالب بـ "وضع حد للقمع والإفراج عن المعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين، ووضع حد للإفلات من العقاب". وأشار في بيان إلى أن "نظام الأسد استمر في تعطيل الانخراط الجاد نحو الانتقال السياسي"، مؤكداً أن "عدم إحراز تقدم نحو تنفيذ القرار 2254، أدى إلى تأخير وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في البلاد".

 

الخطوة السويسرية ليست تطبيعاً

إلى ذلك، قلّل مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "الحوار السوري" محمد سالم في حديث مع "العربي الجديد" من أهمية تعيين سويسرا قائمة بالأعمال غير مقيمة في العاصمة السورية دمشق، معرباً عن اعتقاده بأن الخطوة لا تعني بداية تطبيع مع نظام الأسد من قبل الدول الأوروبية.

 

ولفت إلى أنه مع اصطفاف النظام بشكل واضح وفج مع روسيا ضد أوكرانيا، غالباً سنشهد تراجعاً في جهود التطبيع معه. وأشار سالم إلى أن لـ"سويسرا حالة خاصة وتموضعها السياسي شديد الحيادية، وتستضيف المحادثات بين الأطراف المتنازعة في العالم، ومنها المحادثات بين النظام والمعارضة السورية". وبرأيه فإن تعيين قائمة بالأعمال غير مقيمة، يعني انخفاض التمثيل الدبلوماسي.

 

من جهته، اعتبر المحلل السياسي درويش خليفة في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "منذ منتصف 2017 تركز الدول الأوروبية سواء داخل الاتحاد أو خارجه على قضايا تخص إنقاذ الأرواح من بطش الآلة العسكرية الأسدية، وإنهاء الحرب والانتقال السياسي الحقيقي، وتعزيز المساءلة عن جرائم الحرب، ودعم صمود الشعب السوري في الداخل، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير".

 

وأعرب عن اعتقاده بأن الدول الأوروبية ومنها سويسرا "تريد دعم السوريين في الداخل كيلا تتكرر موجات الهجرة واللجوء إلى أوروبا كما حدث في عام 2015، ولا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الذي ربما يدفع ملايين للجوء إلى أوروبا".

 

وأشار إلى أن الدور السويسري في سورية "حيادي"، مضيفاً: وهو ما أكدت عليه القائمة بالأعمال غير المقيمة ماريون وايخلت كروبسكي. ويبدو أن هدف سويسرا من هذه الخطوة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين في أزمتهم، لا أكثر.