الخميس 2021/08/12

سوريا تستعيد هجرة 2013.. تعددت الأسباب والمعاناة واحدة

يزدحم مبنى الهجرة والجوازات في دمشق بطوابير السوريين الراغبين بالحصول على جواز سفر لمغادرة البلاد. وتتنوع وجهات السوريين في مشهد يستعيد أكبر هجرة عرفتها سوريا خلال العقود الماضية والتي بدأت في العام 2013 هرباً من الحرب، لكن بصورة أصغر وعوائق أكبر.

 

وبينما تسيّر شركة أجنحة الشام رحلات جوية متتابعة حاملة مئات السوريين الذين باعوا ممتلكاتهم وأراضيهم نحو مستقبل مجهول، يلجأ بعض السوريين إلى شبكات التهريب التي تؤمن وصولهم إلى محطات على طريق الهجرة الطويل مثل لبنان وإدلب. وفي الحالتين يدفع المهاجرون أموالاً باهظة إذ تعد الهجرة الحالية فرصة للاستثمار سواء من جهة النظام أو شبكات التهريب.

 

ويعتبر الكاتب والباحث السياسي فراس علاوي أن النظام يعيد مفهوم الهندسة الاجتماعية بإعادة تنظيم الحواضن الاجتماعية المؤيدة له من خلال تسهيل هجرة السوريين خارج البلاد. ويضيف ل"المدن"، أن ما يجري "ليس عملية تطفيش للكثير من السوريين وحثّهم على مغادرة البلاد بقدر ما هي ترتيب أولويات النظام في المنطقة".

 

وعن أسباب الهجرة، يقول علاوي إن أهمها هو الوضع المعيشي والخدمي المتردي لأن النظام غير قادر على تحسين المستوى المعيشي لذلك قد تتطور الهجرة لاحقا لتكون موسعة أكثر.

 

حدود مغلقة

يواجه السوريون المهاجرون مشكلة أساسية تتمثل في كون الحدود أمامهم مغلقة من جميع الجهات لذلك أصبحت الهجرة أكثر صعوبة وكلفة. ويتغلب كثيرون على العوائق التي يواجهونها سواء بإيجاد وسائل للتهريب أو دفع مبالغ مالية كبيرة لأشخاص وربما شركات كي يغادروا البلاد.

 

وتتنوع الخلفيات السياسية للمسافرين بين موالين ومحايدين ومعارضين سابقين وشبان مطلوبين أو على وشك السوق للخدمة العسكرية.

 

إغلاق الحدود أمام السوريين ليس كاملا فهناك دول لا تزال حتى الآن تستقبلهم مثل ليبيا التي تخرج رحلات المسافرين إليها من مطار دمشق الدولي.

 

من درعا إلى بنغازي

فيما كان عشرات الشبان المطلوبين للخدمة العسكرية في درعا يستعدون للفرار من المنطقة بواسطة التهريب نحو إدلب فتح النظام أمامهم باباً آخر للهجرة يبدأ من مطار دمشق الدولي.

 

ويقول الناطق باسم تجمع أحرار حوران أبو محمود الحوراني ل"المدن"، إن قرابة 2000 شخص حصلوا على إذن سفر رسمي من النظام للسفر نحو ليبيا بواسطة شركة أجنحة الشام للطيران.

 

ويضيف أن إجراءات النظام بدأت بمنح الشبان المطلوبين للتجنيد وثيقة تأجيل للخدمة الإلزامية خلال الأشهر الماضية ثم تم منحهم جوازات سفر. وتبلغ تكلفة مغادرة الشخص الواحد، بحسب الحوراني، قرابة ال2000 دولار وتنتهي الرحلة في بنغازي حيث ينتظر الشبان مصير لا يقل قتامة عن وضعهم داخل سوريا، إذ يتعرض كثيرون للزج داخل السجون الليبية بسبب عدم وجود كفيل، أو تتم ملاحقتهم والقبض عليهم بواسطة السلطات الليبية خلال محاولاتهم اجتياز الحدود نحو إيطاليا.

 

دفعات جديدة نحو مصر

مع أن مصر لا تمنح تأشيرة للسوريين مثلما كان الوضع في العام 2013، إلا أن دفعات عديدة من السوريين تمكنوا من دخول الأراضي المصرية من خلال السفر نحو السودان ثم عبور الحدود نحو مصر عبر شبكات التهريب.

 

نجح أيهم وهو شاب ثلاثيني كان يقيم في دمشق، في دخول الأراضي المصرية بعد أيام شاقة قضاها على الطريق. ويقول ل"المدن"، إن كلفة الرحلة بلغت قرابة 7 آلاف دولار وكادت تودي بحياته على الحدود السودانية-المصرية حيث يستخدم المهربون سيارات "بيك آب" كبيرة لحمل المسافرين نحو محافظة أسوان المصرية، ويقودونها بسرعة خيالية، للهروب من حرس الحدود.

 

تأشيرة سياحية إلى كردستان

يتسنى لعشرات السوريين الحصول على تأشيرة سفر سياحية إلى كردستان العراق بكلفة لا تقل عن 1800 دولار، لذلك تعد المنطقة العراقية التي تخضع لحكم ذاتي، إحدى أبرز وجهات السوريين.

 

وهناك توجه للسوريين الموالين للنظام نحو العراق.  ويقول فراس علاوي: "هناك مؤشرات على تسهيل السفر نحو البرازيل وبلدان في أميركا الجنوبية، كما يستقبل الأردن السوريين لكن بصورة أقل".

 

ويضيف علاوي أن النظام الذي اعتاد الاستثمار في كل شيء تقريباً سيلجأ لقوننة هجرة السوريين واستثمارها مالياً وسياسياً، إذ إن معظم عمليات الهجرة تتم على عين النظام الذي يعد المستفيد الأكبر منها على جميع المستويات.