السبت 2021/01/09

زيارة ريبورن للإمارات والأردن: مساع أميركية لتكريس عزلة نظام الأسد

أنهى المبعوث الأميركي إلى سوريا جويل ريبورن جولته بين الأردن والإمارات بلقاء نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في عمان، يوم أمس الخميس، ضمن جولته التي استهلها من أبوظبي لمناقشة الملف السوري، دون أن تخرج أنباء عن الشخصيات التي التقاها أو فحوى المباحثات التي أجراها.

 

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أشارت إلى أن ريبورن سيزور الإمارات والأردن خلال الفترة من 4 إلى 7 يناير/ كانون الثاني الحالي، لإجراء مناقشات مع مسؤولين حكوميين ومن المجتمع المدني وشركاء تنفيذيين أميركيين بشأن الوضع في سوريا. 

 

وأوضحت أن المبعوث الأميركي سيؤكد "خلال اجتماعاته على أهمية جهودنا الجماعية للتوصل إلى حل دائم وسلمي وسياسي للصراع السوري بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، كما يعيد تأكيد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع الشركاء الدوليين ضمن حملة الضغط الاقتصادي والسياسي ضد نظام (بشار) الأسد وممكنيه، وذلك بهدف إنهاء العنف ضد الشعب السوري ووقف عرقلة الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع".

 

وعن زيارة ريبورن لأبوظبي، أشارت مصادر في الخارجية الأميركية، في حديث لـموقع "العربي الجديد"، إلى أن الهدف من زيارة المبعوث الأميركي إلى الإمارات يتركز على دفع الإمارات لعدم تقديم أي دعم للنظام يفضي إلى إعادة علاقاته مع المحيط العربي، ولا سيما على المستوى الخليجي. ولفتت المصادر ذاتها، التي رفضت الكشف عن هويتها، إلى أن واشنطن تسعى إلى إغلاق قنوات الدعم غير الرسمية للنظام، لا سيما مالياً، للحد من قدرته على القيام بعملية إعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية، وقبل إنجاز الحل السياسي.

 

ورغم أن جهود المبعوث الأميركي الحالي إلى سوريا تزايدت في آخر أنفاس ولاية الرئيس دونالد ترامب، إلا أن المصادر نفسها قالت إن الإدارة الحالية تسعى لتثبيت العزلة المفروضة على النظام وتوسيع مفاعيلها، لأن هناك خشية من أن تلجأ إدارة الرئيس بايدن للتساهل مع النظام، وتحديداً لجهة إعادة علاقاته مع الدول العربية، الأمر الذي قوضته الإدارة الأميركية بشكل كبير، لا سيما بعد إصدار "قانون قيصر".  

 

في الأردن، التقى ريبورن مع الصفدي، إذ أشارت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى أنهما بحثا سبل تطوير التعاون بين البلدين في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تربطهما. كما بحثا المستجدات في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

 

وأكد الصفدي ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا وتماسكها ويقضي على الإرهاب ويعيد لها أمنها واستقرارها ويهيئ ظروف العودة الطوعية للاجئين. وأكد الصفدي، بحسب الوكالة، أن "لا حل عسكرياً للأزمة السورية، وأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء المأساة التي سببت دماراً وخراباً وقتلاً". 

 

وشدد كذلك على ضرورة تثبيت الاستقرار وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لتخفيف معاناة السوريين، خصوصاً في الجنوب السوري، مؤكداً ضرورة وجود دور عربي فاعل في جهود حل الأزمة.  

 

وكانت مصادر مختلفة قد تحدثت عن أن ريبورن سيبحث بشأن ترتيبات جديدة في الأردن تتعلق بالجنوب السوري، والوضع في محافظة درعا على وجه الخصوص، بالإشارة إلى أنه سيلتقي شخصيات سورية سياسية وعسكرية في الأردن لبحث هذه المسألة، بيد أنه لم تخرج من الأردن أي أنباء عن لقاءات ريبورن بأي شخصيات عسكرية أو مدنية من الجنوب السوري من المقيمين في الأردن، سوى الإعلان عن لقائه بالصفدي.

 

إلا أن الأكاديمي عبد الكريم الحريري، المسؤول السابق في رئاسة مجلس الوزراء في سوريا والمقيم حالياً بالأردن، أشار في حديث لموقع "العربي الجديد"، إلى أن زيارة المسؤول الأميركي "لم تشهد لقاءات مع سوريين في الأردن إلا بشكل محدود وغير رسمي، مع العلم أنه تم الإعلان قبل الزيارة عن لقاءات مع سوريين سوف تجري خلال زيارته إلى عمان". 

 

وأشار الحريري، المنشق عن النظام وأحد الشخصيات السياسية بمحافظة درعا في المعارضة، إلى أن "هناك حذرا شديدا عند الأميركيين بالتعامل في هذا الوقت مع الملف السوري"، لافتاً إلى أن "هناك تخوفا لدى فريق ريبورن من أن ما تم التخطيط له كمنهجية للتعامل مع الملف السوري يذهب مع ذهاب الإدارة الحالية التي ترى ضرورة بالتغيير السياسي في سوريا، وأن لا شرعية للانتخابات القادمة وضرورة الاستقرار للمنطقة الجنوبية لأهميتها الجيوسياسية".

 

وتحتفظ الإمارات والأردن بعلاقات مع قادة سياسيين وعسكريين من درعا وجنوب سوريا، وتجلى ذلك في دعمهما للعديد من الفصائل في درعا قبيل إبرام اتفاق المصالحة هناك بترتيب روسي في منتصف العام 2018.

 

كما أن لدرعا والجنوب السوري أهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن بسبب الحدود المشتركة مع الاحتلال الإسرائيلي، واضطلعت كل من الأردن والإمارات في حث المعارضة السورية على الانكفاء هناك لفترة طويلة بتفويض أميركي وإشراف من واشنطن، بهدف عدم زعزعة استقرار الحدود خلال سنوات الثورة، والانتشار العسكري المختلف هناك للفصائل والنظام.  

 

ومع المحاولات الأخيرة لكل من النظام روسيا لإيجاد ترتيبات جديدة في درعا والجنوب عموماً لتوسيع سيطرتهما هناك، وفي ظل تزايد التمدد الإيراني في الجنوب، يبدو أن واشنطن أعادت الجنوب السوري إلى قائمة اهتماماتها، ليكون لها ولحلفائها ثقل هناك، بيد أن ذلك سيبقى مرتبطاً بما ستقدم عليه الإدارة الأميركية القادمة برئاسة جو بايدن، سواء بتحويل بوصلة جهود المسؤولين عن الملف السوري في الإدارة الحالية، أو الإبقاء عليها ودعمها.